كتبت لورا يمين في “المركزية”:
كان أفضل لايران وهيبتها وصورتها كقائدة لمحور الممانعة في المنطقة، لو لم ترد على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت قنصليتها في سوريا. فالرد بدا بمثابة مسرحية اذ ان المستهدَفين فيه وتوقيته وزمانه كانوا معروفين، ومحتاطين سلفا للهجوم المفترض. والمضحك المبكي اكثر، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، هو ان طهران ابلغت واشنطن بالصورة شبه الكاملة للرد، قبل حصوله ليل السبت – الاحد.
انطلاقا من هنا، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، صباح الأحد، “إحباط” الهجوم الذي شنّته إيران ضد الدولة العبرية بأكثر من 300 صاروخ ومسيّرة أثناء الليل، مؤكداً اعتراض “99 بالمئة” من هذه الطائرات المسيّرة والصواريخ. وقال في بيان “الهجوم الإيراني كما تمّ التخطيط له من قبل إيران أحبِط”، مضيفا “اعترضنا 99 بالمئة من التهديدات نحو الأراضي الإسرائيلية. هذا إنجاز استراتيجيّ مهمّ”.
ورغم ان اي صور او معلومات لم تشر الى وقوع اي اضرار في البشر او الحجر في اسرائيل، أكد رئيس الأركان الإيراني محمد باقري أن الهجوم أدّى إلى تدمير موقعين عسكريين إسرائيليين مهمّين، وحذّر إسرائيل من الرد على هجوم السبت. أضاف باقري: “هجومنا انتهى ولا نرغب في مواصلته لكن سنرد بقوة أكثر إذا استهدفت إسرائيل مصالحنا”. وشدد على أن “إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء باستهداف القنصلية الإيرانية في سوريا وكان لا بد من الرد عليها وإذا شاركت واشنطن في أي هجوم ضدنا فإن قواعدها في المنطقة لن تكون بمأمن”.
العبر التي يمكن استخلاصها من هذا الحدث، هي ان اميركا أثبتت انها ضابطة ايقاع اللعبة في المنطقة. هي “قّبت باط” لايران لترد على اسرائيل ودوزنت ردها، وفي المقابل، أبلغت رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو انها ضد اي رد على هذا الرد.
من العِبر ايضا، ان لا تكافؤ في موازين القوى بين ايران وحلفائها من جهة وإسرائيل وحلفائها من جهة ثانية. لهذه الغاية، ايران تتفادى الدخول في اي حرب مباشرة مع إسرائيل او اميركا، وقد ردت على ضربة المزة لحفظ ماء وجهها لا اكثر، وأبلغت واشنطن بذلك مسبقا، حتى لا “تفكّر” تل ابيب ان الجمهورية الإسلامية تريد حربا معها.
لكن في مقابل حرصها على نفسها، ايران ترمي أذرعها في النار، هي فعلت ذلك بلبنان عبر حزب الله واليمن عبر الحوثيين وربما بغزة ايضا عبر حماس. واليوم، تواجه هذه الدول وشعوبها، خطر حرب غير متكافئة مع اسرائيل، لو مهما تحدّث الحزب والحوثي عن الردع… ففي حال، قررت اسرائيل شن حرب على لبنان، ستقضي عليه وعلى مقدّراته او ما تبقى منها، مستخدمة سلاح الجو فقط! وتجدر الاشارة ايضا الى ان كثيرا من الضعف في “السلاح” الإيراني أظهرته عملية السبت خاصة قياسا الى تقنيات الإسرائيليين.. عليه، فإن كل المفاجآت التي يلوح بها الحزب قد لا يتمكن من استخدامها في اي مواجهة مقبلة، بما ان ايران تخشى ان ترد اسرائيل ضدها مباشرة، اذا لم تردع الحزب.