كتب ناصر زيدان في “الأنباء” الكويتية:
تقديم وزير الدفاع موريس سليم طعن بقرار تعيين رئيس أركان للجيش أمام مجلس شورى الدولة أثار استياء واسعا في صفوف الجيش ولدى القيادات المختلفة، خصوصا عند المرجعية السياسية والدينية لدى طائفة الموحدين الدروز. وكان قد مضي ما يقارب 40 يوما على قرار التعيين الذي اتخذته الحكومة كموجب لتصريف أعمال الدولة، وبناء للضرورة الوطنية التي توجبها مصلحة البلاد التي تعيش في وضعية حرب وهي معرضة لخطر أمني داهم. والجيش كاد أن يصاب بخلل إداري وقيادي كبير، لولا القانون الذي أصدره مجلس النواب ومدد بموجبه للقائد عاما كاملا، إضافة إلى قرار مجلس الوزراء بتعيين اللواء حسان عودة رئيسا للأركان، لأن رئيس الأركان هو الوحيد القادر على الحلول بالوكالة مكان قائد الجيش في حال غيابه لأي سبب كان، لاسيما أثناء سفره إلى الخارج.
واسم اللواء عودة كان قد اقترحه قائد الجيش وفقا للأصول المرعية بموجب قانون الدفاع، لكن الوزير تمنع عن القيام بالدور المناط به، ولم يرفع الأسماء التي اقترحها قائد الجيش لمقام مجلس الوزراء بسبب موقفه المقاطع لجلسات الحكومة، وليس لأن الحكومة تجاهلت دوره كما قال في مراجعة الطعن. وكان سليم امتنع ايضا عن تمديد خدمة رئيس الأركان السابق اللواء أمين العرم. وتجدر الإشارة إلى أن اللواء عودة مؤهل لتولي الموقع وفقا للتراتبية العسكرية، كونه من بين كبار الضباط الدروز، لأن المركز محسوب عرفا من حصة الطائفة.
حصل امتعاض كبير عبرت عنه القيادات السياسية والدينية والأمنية والشعبية تجاه ما أقدم عليه الوزير موريس سليم، لأنه لا يوجد أي مبرر لتقديم الطعن على الإطلاق، وهو عبارة عن نكاية تستهدف قائد الجيش بالدرجة الأولى، والنائب السابق وليد جنبلاط بالدرجة الثانية. وسبق لجنبلاط أن وضع القيادات الدينية والسياسية المسيحية بأهمية الحفاظ على دور الجيش وتدعيم قيادته، كما أوضح بواسطة مندوبين عنه جالوا على غالبية المرجعيات، بأن تأييده لتعيين رئيس الأركان لا يهدف إلى استفزاز أي طرف – خصوصا الذين يعترضون على تعيين الموظفين بغياب رئيس الجمهورية – لكن مصلحة الوطن في هذه الأجواء تفرض ألا يحصل أي شغور في المواقع العسكرية الرئيسية.
قرار وزير الدفاع بتقديم الطعن بقرار تعيين رئيس الأركان، يعتبر استفزازا واضحا لكل الذين جاهدوا من أجل تعيينه، وباركوا له بالمنصب الجديد، لاسيما على مستوى الطائفة الدرزية، حيث أجمعت قياداتها على تأييد التعيين. والإجراء ليس موجها ضد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كما يقول سليم في مجالسه، او في مطالعة الطعن. والواضح أن توجها غير معلن يقف وراء هذا الاتجاه الذي سلكه وزير الدفاع، لأن الوزير يعرف أكثر من غيره أهمية وجود رئيس أركان للجيش ومجلس عسكري متكامل في هذه الظروف، ولا ينقصه نباهة سياسية لإدراك مدى تأثير قبول الطعن من قبل مجلس الشورى، حيث ستحصل أزمة وطنية كبرى من دون أن يكون لها أي مبرر، ولا يمكن اعتبار إبطال تعيين رئيس الأركان كغيره من الحالات التي سبق لمجلس شورى الدولة أن أبطلها، لأن لبنان مهدد أمنيا، وبالتالي لا يمكن المغامرة في هذا السياق على الإطلاق. خصوصا مع عدم وجود رئيس للجمهورية، ومع حصول فراغ في أكثر من مركز هام في مؤسسات الدولة.
الذين صرحوا أمامنا بأنهم لا يوافقون على طعن سليم، كثر، ولا يمكن تعداد كامل أسمائهم في هذا المقال، خصوصا منهم أساتذة القانون، حيث اعتبر غالبية منهم أنه ليس للوزير صفة لتقديم الطعن، وهو حق للمتضررين فقط، ووزير الدفاع ليس من هؤلاء بالنسبة لتعيين رئيس الأركان، بل يمكن أن يقوم بذلك أحد الضباط المؤهلين للتعيين. كما أن مبدأ التضامن الوزاري يمنع على الوزير توقيف قرارات الحكومة، حتى ولو كان معترضا عليها، كما تنص المادة 28 من مرسوم تنظيم عمل مجلس الوزراء رقم 2552/1992.