كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
المطالب والأفكار التي طرحها الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون خلال زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى الاليزيه الاسبوع الماضي، لتبريد الجبهة الجنوبية، تؤسس لحل الخلافات والمشاكل التي تعترض ترسيم الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، وتؤدي إلى اتفاق نهائي، مع المطالبة بالتزام لبنان بتنفيذ مضمون القرار الدولي رقم١٧٠١، لاحلال الهدوء والامن في المنطقة، تتلاقى بمعظمها مع ماحمله المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين في زيارتيه السابقتين إلى لبنان، مع فوارق غير اساسية بالشكل، ما يعني ان هناك توافقا اميركيا فرنسيا،لمساعدة لبنان لوقف التصعيد العسكري الحاصل بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي، وتثبيت الهدوء وترسيخ السلام بشكل دائم وعلى المدى البعيد.
ومن وجهة نظر المراقبين، فإن الفارق بين ما طرحه الرئيس ماكرون حاليا، وقبله العديد من المسؤولين والموفدين الاوروبيين وغيرهم، هو المرحلة الخطيرة جراء استمرار المواجهة المحتدمة أكثر مما كان متوقعا، وتدهور الاوضاع جنوبا في الوقت الحاضر، وتزايد المخاوف من توسع رقعة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، لتطال لبنان كله، وحرص الرئيس الفرنسي شخصيا، على تولي مهمة ابلاغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بهذه المخاوف، بدلا من الموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان، للتأكيد على التزام فرنسا بسلامة لبنان واستقراره وسيادته، ولابداء القلق الفرنسي مما يحدث، لنقلها إلى بقية المسؤولين اللبنانيين المعنيين، والى حزب الله تحديدا، وضرورة الاخذ بهذه المخاوف على محمل الجدّ، ودراستها والقيام بما يلزم من خطوات عملية لتنفيذها.
ويشير هؤلاء المراقبون إلى ان هذه الافكار والمطالب التي طرحها ماكرون،وسلمت لرئيس حكومة لبنان، وان كان جميع المسؤولين السياسيين، ياخذونها على محمل الجد، ويتعاطون معها بايجابية، ولكن وضعها موضع التنفيذ يتطلب اولاً، تجاوب حزب الله في التعاطي معها بشكل جدي، والالتزام بتنفيذ بنودها، وهذا موضع جدل، وغير مضمون في الوقت الحاضر، انطلاقا من تفرد الحزب بسياسة انفرادية بمعزل عن الدولة اللبنانية، وارتباطه بمصالح ايران وسياساتها الاقليمية، واصراره على ربط التهدئة جنوبا، بانهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، وقد تجرّ المواجهة المباشرة بين ايران وإسرائيل مؤخرا، الى تعقيدات إضافية على تنفيذ الافكار والمطالب الفرنسية.
وثانيا، التزام إسرائيل بتنفيذ مضمون القرار الدولي رقم١٧٠١،لجهة وقف الخروقات المتواصلة، برا وجوا للسيادة اللبنانية، كما اعتادت على ذلك منذ صدور القرار المذكور، بدون حسيب او رقيب، وهذا مايزال موضع شك وغير مضمون .
في ضوء هذه الوقائع، وانحسار الامال بانتهاء حرب غزّة ووقف الحروب الاقليمية المتفرعة عنها، في اليمن والعراق قريبا، يبدو تنفيذ المطالب والأفكار الفرنسية، لوقف المواجهة جنوبا صعباُفي وقت قريب، لان الحكومة اللبنانية،لاتملك سلطة القرار اللبناني بمفردها، لتقرير ذلك، وقد يتطلب الامر، ليس التنسيق بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية فقط، بل استغلال قنوات الاتصال المفتوحة بين واشنطن وايران،على جوانب الاشتباك الاخير بين طهران وتل ابيب، لحلحلة المشكلة وإنهاء الاشتباكات المسلحة بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي، والا انتظار التفاهمات والاتفاقات الاقليمية والدولية المرتقبة بعد حرب غزّة، وقد يستغرق الامر وقتا، أكثر مما هو متوقع.