IMLebanon

نهوض بيروت بين البلدية والقطاع الأهلي

كتب صلاح سلام في “اللواء”:

مسألة نهوض بيروت لم تعد مجرد شعار، ولا هي عبارة عن أمنية من الصعب تحقيقها، بقدر ما أصبحت ضرورة لا بد منها، بعدما بلغت أوضاع العاصمة، ومستوى الخدمات فيها، هذا المستوى من التردي غير المسبوق في تاريخ العاصمة.

حتى عشية وقوع الإنهيار المالي، مطلع عام ٢٠٢٠، كانت بلدية بيروت تُعتبر أغنى بلديات لبنان، برصيد مليوني قارب المليار دولار. وكانت مشاريع العاصمة تسلك في حقول ألغام الخلافات المزمنة بين المحافظ ورئيس البلدية، وأعضاء المجلس البلدي، حيث كان بعضها يبصر النور بعد طول معاناة في زواريب البلدية والمحافظة.

ولكن القائمين على شؤون العاصمة، خاصة في السنوات الأخيرة التي سبقت الإنهيار المالي، وتبخّر أموال البلدية في البنك المركزي بالليرة اللبنانية، والتي كانت قيمتها أكثر من ٧٠٠ مليون دولار، إفتقدوا الرؤية الإستراتيجية، والخطط المستقبلية، الضرورية للحفاظ على مستوى الخدمات في العاصمة، كما غابت الصيانة للمشاريع التي تم تنفيذها بإشراف الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وخاصة مجموعة الأنفاق داخل العاصمة، وشبكات الجسور والطرقات على مداخلها الجنوبية والشمالية والشرقية.

وجاء الإنفجار الزلزالي في مرفأ بيروت في الرابع من آب ٢٠٢٠ ، ليُدمر العديد من أحياء العاصمة، خاصة المجاورة لمنطقة الإنفجار، وصولا إلى أعالي الأشرفية، وليصيب البنية التحتية بأضرار بالغة، مازال بعضها عاطلاً عن العمل، رغم مرور أربع سنوات على كارثة الإنفجار.
في ظل فشل أجهزة الدولة المعنية، وعجز البلدية الفادح عن القيام بإزالة آثار الدمار الواسع في بعض مناطق العاصمة، خاصة في الأقسام الشرقية لبيروت، برز دور جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني في ملء فراغ السلطة البلدية، حيث أدت مجموعة مبادرات، بعضها فردي وآخر جماعي، ليس إلى نفض غبار الدمار وحسب، بل إلى إعادة رونق وتألق الأشرفية والمناطق المحيطة بها إلى أفضل وأحلى مما كانت عليه.

الواقع الجديد في الأشرفية وشوارعها المحيطة كشف حجم تقصير العمل البلدي في المناطق الغربية للعاصمة، التي مازال بعضها يغرق في الظلام، وإشارات السير معظمها عاطل عن العمل، والنفايات مكدسة في الشوارع، والأنفاق تفتقد إلى الصيانة، رغم إنارتها بمبادرات مؤسسات ناشطة، فضلاً عن تدني مستوى الخدمات.

دعوة بعض الجمعيات والشخصيات والفعاليات إلى التعاون للنهوض في شوارع العاصمة، وحدها لا تكفي، إذا لم تبادر الدوائر البلدية إلى إعادة تأهيل أجهزتها، وإطلاق المحافظ للمشاريع المجمدة، ولو إقتضى الأمر مشاركة القطاع الأهلي في تنفيذ بعض الخطوات التنموية والتنظيمية في الشوارع المهملة من بيروت.