كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
يبدو أنّ تسريب خبر قدوم الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، قد خرّب الاحتمال لأنّ الإعلان عن الزيارة حمّلها أكثر ممّا تحتمل خصوصاً وأنّه لا جديد في جعبة الرجل، كما يعتقد المعنيون، يفترض عرضه أو السؤال عنه أمام المسؤولين اللبنانيين. ولهذا أثار الخبر عن احتمال وصوله، استغراب بعض الدوائر الرسمية وحتى الدبلوماسية، لكون كل التقديرات كانت تشير إلى أنّ هوكشتاين لن يعود إلّا مع وقف إطلاق النار في غزة، واستطراداً في الجنوب اللبناني، للعمل في ما بعده على إنضاج التسوية الحدودية.
بهذا المعنى، تصبح عودته في هذا التوقيت، أي قبل وقف إطلاق النار، موضع سؤال عن جدواها، طالما أنّ موقف القوى المعنية، وتحديداً «حزب الله» ثابت، ولم يحصل أي طارئ من شأنه الدفع باتجاه تسريع عجلة التفاوض لإرساء معادلة «اليوم التالي» في الجنوب اللبناني.
ولأنّ احتمال فصل الجنوب عن غزة، سقط منذ زمن، ويستحيل إحياؤه، ولو أنّ هناك من يقول إنّ «حزب الله» يبحث عن مخرج يساعده على وضع حدّ لحرب المشاغلة التي يخوضها منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، فإنّ زيارة هوكشتاين إلى بيروت، قد لا تحمل أي تطور مفيد يمكن البناء عليه. ولهذا، يعتقد المعنيون أنّه غضّ الطرف عن هذا الاحتمال، أقله في الوقت الراهن.
ويعتقد المتابعون أنّ الموفد الأميركي «أنجز» تقريباً الـDevoir، في ما خصّ الملف الحدودي لا سيما في معظم نقاطه، وذلك بالتفاهم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وعدم معارضة «حزب الله»، بانتظار حصول وقف إطلاق النار أو تكريس الهدنة للانتقال من بعدها من «النظري» إلى «العملي».
ويفترض أن تشمل تلك التسوية، إلى جانب الوضع الأمني المرتبط بوجود «حزب الله»، النقاط الحدودية الـ13 العالقة، فيما تمّ ترحيل ملفيْ بلدة الغجر ومزارع شبعا، ويرجّح أن يتم إيجاد صيغة مرضية للطرفين بشأن النقطة B1 لا سيما أنّ الأحداث والتطوّرات العسكرية أثبتت أنّ التكنولوجيا قادرة على التعويض عن أي نقطة جغرافية توصف بالاستراتيجية، وهي الحجة التي كانت تختبئ خلفها إسرائيل لكي لا تتخلى عن النقطة B1.
بناءً عليه، يمكن القول، وفق المعنيين، إنّ بري تفاهم مع هوكشتاين على «معظم» الملف الحدودي، فيما الإخراج معلّق على توقيت الأعمال العسكرية التي يفترض أن تتوقف فور توقفها في غزة… على أن يشكّل إنجاز الملف الحدودي مدخلاً لبحث جدي في الملف الرئاسي. وهذا ما يحاول سفراء «الخماسية» التحضير له.
في هذه الأثناء، عادت الإدارة الفرنسية لتنشط من جديد في الملف اللبناني، رغم كلّ الإخفاقات التي تعرّضت لها منذ قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «التشمير عن ذراعيه» إيذاناً بانخراطه في الوحول اللبنانية. ومع ذلك، ها هي تحاول من جديد وفي اعتقادها أنّها محصّنة بالتنسيق مع الإدارة الأميركية قبل أن تغرق الأخيرة في مستنقع السباق إلى البيت الأبيض.
إذ يرى المعنيون أنّ باريس تبدي خشيتها من تفلّت الوضع الأمني لا سيّما أنّ الأحداث التي تلت مقتل باسكال سليمان، أثبتت أنّ البلد مركون على فوهة بركان قد ينفجر في أي لحظة. ويكشفون أنّ هناك محاولة جديدة من جانب باريس لإنجاز الملف الرئاسي خلال الأشهر القليلة المقبلة، وتحديداً قبل شهر حزيران لاعتقاد المسؤولين الفرنسيين أنّ الإدارة الأميركية ستنشغل بعد هذا التاريخ بانتخاباتها الرئاسية.
ولكن ماذا في محصّلة لقاء بري مع سفراء «الخماسية»؟
لا خرق فعلياً في الملف الرئاسي الذي لا يزال يدور في حلقة مفرغة. يقول المعنيون إنّ المسألة لم تنضج بعد لكي تظهر بوادرها الإيجابية في اللقاء بين رئيس المجلس وممثلي الدول الخمس. وعليه، لا بدّ من الإنتظار أكثر…