كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
جاء التمديد للمجالس البلدية والاختيارية الذي أقرّ أمس بمشاركة بعض القوى السياسية التي غابت تحضيراتها العلنية واستعداداتها لخوض المعارك الإنتخابية في البلدات والقرى، إيماناً منها بأنّ النتائج محسومة مهما طال أمد الانتخابات، لكن العين تبقى على البلدات ذات التركيبة المختلطة برئاستها وأعضائها.
أظهرت الطريقة التي تم التعامل بها في ملف تأجيل الانتخابات استخفافاً بالاستحقاقات الديموقراطية التي يعوّل الناس عليها في التغيير والمحاسبة، ودُقَّ معها إسفينٌ جديد في نعش التمديد الذي دخل عامه الثالث، ومعه تركت البلديات المنحلة في مهب الضياع والشتات وتسليم أمرها للمحافظين، من دون البحث في حلول جدية لها بعد معاناة سكانها الأمرّين في الحصول على خدمة، ناهيك عن تشتت القرار ودخول الجمعيات على خط تنفيذ المشاريع فيها بإذن من المحافظين، بعدما كانت البلديات أدرى بشعاب بلداتها وحاجاتها.
فوفق مصادر متابعة، تدور في كواليس بعض الأحزاب التي كانت مع التمديد وجاهرت به، أحاديث حول عدم قدرتها على خوض الانتخابات في هذه المرحلة لاعتبارات عدة، رغم ضمان فوزها في بلدات ومدن كثيرة، ويأتي في طليعة تلك الأسباب الوضع المادي، إذ تفضّل أن تنفق الأموال في هذه الظروف الحساسة على الحاجات الصحية والإجتماعية والإقتصادية، مع الأخذ في الإعتبار متطلبات الحرب القائمة وتكاليفها لجهة الأضرار التي تتزايد، والوقوف إلى جانب المتضررين. وتضيف المصادر أنّ الإعتبارات الأخرى هي حسابات الربح والخسارة ضمن المناطق المختلطة.
وتتابع المصادر: نقطة أساسية تسعى الأحزاب إلى تكريسها في الدورة المقبلة، وتعمل عليها منذ مدة، وقد جاهرت بها بعد الانتخابات النيابية عام 2018، وأكدتها بعد الـ2022 إثر النتائج التي ظهرت، وتتعلق بتقاسم رئاسة المجلس البلدي الذي يترأسه مسيحي بحكم العرف الذي يسري منذ زمن، وحيث كانت الأكثرية المسيحية العددية هي الطاغية، ومع تبدل المشهد الديموغرافي وصولاً إلى المناصفة وأكثر في عدد أعضاء المجلس البلدي، والشرخ السياسي بين «القوات اللبنانية» وتلك الأحزاب، وانسجام الهوى السياسي للمسيحيين في هذه البلدات مع «القوات»، بدأت طلائع العمل على تجريد المسيحيين ثلاث سنوات من رئاسة البلدية بمساندة بعض المسيحيين الذين يدورون في فلك تلك الأحزاب.
وتعزو الأحزاب هذه الخطوة وفق المصادر، إلى التبدلات التي حصلت على الصعيد السكاني والعددي، حيث صار المسلمون الشيعة والسنّة أكثر من المسيحيين، وبالتالي يحق لبعضهم أن يتقاسم الرئاسة، خصوصاً أنه لا قانون يمنع ذلك، بل ما تسير عليه البلديات هو عرف قائم منذ زمن، وحجة الأحزاب تلك هي أن يكون هناك اتفاق في تقاسم الولاية بدل أن تذهب الأمور نحو الإنتخابات وعند تحقيق الفوز يمكن أن تسيطر على الرئاسة ست سنوات بدل ثلاث.
وتختم المصادر بالقول إنّ الأمر دونه عقبات في حال كان هناك موقف مسيحي موحد من سكان تلك البلدات بالرفض، إضافةً إلى قيام تحالفات بين المسيحيين والسنّة تعيد التوازن إلى اللعبة الديموقراطية وتفرض ما كان قائماً في السابق.