كتبت لوسي بارسخيان في “نداء الوطن”:
لم يخرج إجتماع الهيئة العامة لمجلس النواب يوم أمس من أجل إقرار قانون التمديد للمجالس البلدية، عن السيناريو المعروف مسبقاً. فرُحّلت الإنتخابات البلدية سنة جديدة بأقل من ساعة، ولم يتكبد المجتمعون سوى عناء رفع أياديهم، وحتى من دون تعدادها، وبقي الإعتراض اليتيم للنائبة حليمة قعقور على الآلية غير مسموع، ولم يتردد صداه، حتى عند شريكتها الوحيدة في قرار المعارضة من الداخل سينتيا زرازير. في المقابل ظهر سائر أعضاء المجلس كأوركسترا متناغمة، الأصوات الإعتراضية فيها جزء من إكتمال المشهدية المطلوبة لإكتمال مسرحية التمديد.
حبكة التمديد النهائية، وزعت الأدوار بين أبطال وكومبارس. فبدا إقتراح القانون الفائز، والمقدم من رئيس لجنة الدفاع والداخلية والبلديات جهاد الصمد في دور البطولة منذ بداية الجلسة، وهو الذي فُتح باب البرلمان على شرفه بدورة تشريعية ضرورية في غياب رئيس الجمهورية. وعليه تراجع دور «بيضة قبان المجلس» أي «تكتل اللقاء الديمقراطي» إلى صفوف الكومبارس، وتشارك في المشهدية معه النائب جميل السيد، حيث قدّم كل منهما إقتراحي قانون موازيين، إجتمعا أيضاً على طلب التمديد، إنما مع إختلاف في تحديد مدته الزمنية. فلم يصوّت على الأول سوى أعضاء الحزب «التقدمي»، ولم ترفع سوى أربع أياد للإقتراح الثاني، وبالتالي سقط الإقتراحان بالتصويت، في سيناريو بدا أيضاً «تحصيلاً حاصلاً».
مداخلات النواب شكّلت أيضاً جزءاً من مشهدية التمديد، وتمايز فيها نواب تكتلي «الإعتدال الوطني» و»لبنان الجديد» وعددهم عشرة، فهؤلاء إمتنعوا عن التصويت لإقتراح القانون المقدم من قبل النائب جهاد الصمد، ولكن حضورهم كان أساسياً في تأمين النصاب لتمريره.
أما عنصر التشويق الذي أضيف، فكان من خلال الإيحاء بأنّ المجلس متجه مع إطالة عمر البلديات إلى تمكينها مالياً، تجنباً لمزيد من الجمود الذي أصابها بإدارة شؤون المواطنين الإنمائية والمحلية. وكما كشفت «نداء الوطن» في تقرير سابق، تحول تلميح الصمد لإمكانية دعوة رؤساء وأعضاء المجالس البلدية المنحلة كي يعودوا عن إستقالاتهم طرحاً إضافياً، قدمه النائب علي حسن خليل كمخرج «لإعادة تكوين البلديات المنحلّة».
فبدا خليل متناغماً مع «تكتل لبنان القوي» الذي تحدث باسمه خلال الجلسة رئيسه جبران باسيل. فكان كلامه من «من دون لف ودوران» حول كون أحداث الجنوب عاملاً إضافياً لعدم إجراء الإنتخابات، أما الحقيقة الكاملة كما عرضها هي «أن وزير الداخلية بسام المولوي لديه كل النية ويؤكد على الجهوزية، ولكن الواقع غير ذلك، والوزارة، المحافظون، القائمقامون وحتى الناس غير جاهزين، لا مالياً ولا إدارياً ولا لوجستياً» مستشهداً بالمولوي للإشارة إلى أنه «حتى اليوم لا يوجد سوى ثلاثة ترشيحات في منطقة جبل لبنان التي سيقفل باب الترشيح فيها خلال أيام».
على رغم نقطة الخلاف الوحيدة التي برزت بين باسيل وخليل على دستورية إنعقاد المجلس لغير تشريع الضرورة بغياب رئيس للجمهورية، حيث تمسك باسيل «بعدم جواز التشريع العادي بغياب رئيس الجمهورية» فيما أكد الخليل «أننا بوضع دستوري يسمح بالتشريع». واجتمع عدد من النواب على حوافز مالية إضافية يجب أن تتمتع بها البلديات حتى تتمكن من تسيير أمورها خلال فترة التمديد لولايتها، وجرى إقتراح عدة حلول ومن بينها فرض رسوم مباشرة على جمع النفايات ومعالجتها ورسوم على النازحين السوريين الشرعيين وتعديلات في الرسوم البلدية، لكنها سقطت.
في المقابل سجّل فرنجية تحفظه على التعاطي غير المتساوي مع إقتراحات القانون المعجلة المكررة المقدمة من النواب وحاول أن يمرر إقتراح قانون حول تنظيم المقامرة عبر «الأونلاين» من دون أن ينجح. فلقي مضمون إعتراضه على أداء المجلس موافقة من أكثر من نائب في المجلس، ومن بينهم النائبة حليمة قعقور، فيما وصف أحد النواب هذا التمييز بوجود «إقتراح ابن بيت وإقتراح ابن شارع».
حبكة النهاية
مشهدية التوافقات الجانبية هذه خرقت في المقابل من قبل إستطرادات بدت أيضاً جزءاً من حبكة النهاية المعروفة. فكانت مداخلة من نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الذي رأى في إقتراح النائب جميل السيد ما يمكن أن يضمن إجراء الإنتخابات فور إنتهاء أحداث الجنوب، بدلاً من إستهلاكها كل فترة التمديد التي قد لا تكون ضرورية، مستشهداً بكون الحكومة كانت قادرة على إجراء الإنتخابات خلال فترة التمديد السابقة، وكانت كل الظروف مؤهلة لذلك، إلا أنها استهلكت الحد الأقصى للمهلة من دون أن تجري الإنتخابات. خلاصة كلام بو صعب كانت أن «من جرّب المجرب يكون عقله مخرب»، وبالتالي كان ثالث معترض على الإقتراح الفائز إلى جانب قعقور وزرازير.
في المقابل ظهر توافق في الآراء بين كل من النائبين فيصل كرامي وحسن فضل الله على كون كل تعديل إضافي على الإقتراح المقدم يحتاج إلى نقاش معمق، كما برز رفض مبدئي من قبل «التقدمي الإشتراكي» على إقتراح العودة عن الإستقالات في البلديات المنحلة.
جوجلة إقتراحات التمديد المقدمة، إنتهت بالمقابل إلى كون مهلة التمديد المحددة من قبل «اللقاء الديمقراطي» في نهاية شهر أيلول قد لا تكون كافية، ومضى التصويت على إقتراحات القانون الثلاثة، ففاز الإقتراح «البطل» بالأكثرية… في الأثناء إعترض عدد من النواب على عدم التصويت على ما اقترح من تعديلات لتحصين المجالس الممددة مالياً، فرضخ بري وأمهل الحضور ثانيتين ليصوتوا برفع الأيدي، قبل أن يعلن سقوط الإقتراح.
المشهدية الموازية خارج قاعة المجلس صنعها النواب التغييريون ملحم خلف، بولا يعقوبيان، إبراهيم منيمنة، سعيد ياسين، نجاة صليبا، فراس حمدان وهي المجموعة التي قررت أن تقدم الطعن بالتمديد في حال إقراره، وقد عبرت عن ذلك في مؤتمر صحافي. إلا أنّ عين هؤلاء النواب ولا سيما يعقوبيان في بداية الجلسة كانت على نصابها. وفيما تم التشكيك بإكتماله في بداية الجلسة، شوهدت النائبة قعقور تغادر قاعة المجلس، ولكنها عادت إليه بعدما تبين أنّ عدد النواب الحاضرين زاد على الـ65 نائباً، ما «يجعل النصاب مكتملاً بمشاركتنا أو من دونها»، كما قالت قعقور لـ»نداء الوطن».
لازم النواب التغييريون المجلس طيلة فترة إنعقاد الجلسة، حيث علق منيمنة على مجرياتها لـ»نداء الوطن» ورأى «أن ما جرى بالداخل دليل على نهج التأجيل وعدم الإلتزام بالقوانين المستمر مع هذه المنظومة السياسية، ريثما يصبح الوضع مؤات لها سياسياً.» معتبراً أن القوى السياسية تتحمل مسؤولية إفشال كل الأمور من أعلى الهرم المتعلقة برئاسة الجمهورية، وصولاً إلى أصغر تفصيل في البلديات».