كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
لم يكن إصرار حزب الله، على ربط مصير جبهة الجنوب اللبناني بانتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، منذ اشعل هذه الجبهة تحت عنوان مشاغلة قوات الاحتلال الاسرائيلي، ودعم الشعب الفلسطيني بعد عملية طوفان الأقصى، هكذا مصادفة ، وإنما يحمل في طياته هدفا مضمراً، لا يكشف عنه علانية ،وإن كانت واجهته استمرار التضامن مع الفلسطينيين والوقوف الى جانبهم، والتخفيف عنهم فيما يتعرضون له من اعتداءات إسرائيلية ومجازر وحملات تهجير واسعة النطاق.
مع مرور الوقت وإطالة الحرب الإسرائيلية على غزّة، لم يكتفِ الحزب بربط التهدئة بالجنوب بانتهاء حرب غزّة فقط، بل ربط مسار حل ازمة الانتخابات الرئاسية وانتخاب رئيس للجمهورية بانتهاء هذه الحرب، تارة بانشغالاته بالمواجهة العسكرية الجارية مع قوات الاحتلال الاسرائيلي، وتارة اخرى تعاطيه باستخفاف وعدم جدية مع المبادرات والتحركات المحلية والخارجية، لايجاد الحلول المناسبة لازمة الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، والنتيجة واحدة، وهي بقاء لبنان بلا رئيس للجمهورية، واستمرار تدهور الاوضاع السياسية والاقتصادية والمعيشية الضاغطة في لبنان.
بعد سيناريو ليلة الرد الإيراني المفضوح على إسرائيل، لقيامها بتدمير مبنى القنصلية الايرانية في دمشق وقتل مسؤولين بارزين بالحرس، وبتناغم ايراني اميركي مكشوف، عبر عنه أكثر من مسؤول في طهران، تكشّفَ هدف الحزب من الاصرار على ربط مصير جبهة الجنوب اللبناني بانتهاء الحرب الإسرائيلية على غزّة، أكثر من السابق، وهو استغلال ورقة الجنوب الساخنة بيد المفاوض الإيراني مع الولايات المتحدة الأمريكية، بالتسوية المرتقبة بالمنطقة بعد الانتهاء من حرب غزة، والتي تتمحور حول دور ايران وخريطة نفوذها المستقبلي بالمنطقة.
هذا يعني في الخلاصة، ان الحزب الذي فتح جبهة الجنوب مع إسرائيل منذ سبعة أشهر بمعزل عن الدولة والشعب اللبناني، كان بقرار ايراني صرف، خلافا لكل اساليب النكران، اما الاصرار على ربط التهدئة جنوبا بانتهاء حرب غزّة، بعد كل ما حصل خلال الشهور الماضية، فهذا معناه ببساطة، ربط مصير الازمة اللبنانية المتعددة الاوجه، بمسار التفاهم او التسوية المرتقبة بين واشنطن وايران ونتائجها وتداعياتها على المنطقة.
لذلك ،ليس على لبنان واللبنانيين،الا الانتظار وتقصِّي مسار هذه التسوية وخفاياها، ورصد تاثيرها المحتمل على حل الأزمة المتفاقمة في لبنان ،والتحسب لتداعياتها والخشية من ان تكون على حساب بلدهم ، و التي يبدو من المرجح ان تٌرَحّل لما بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة، إذا لم تحزم الادارة الاميركية أمرها لانهاء حرب غزّة باقرب وقت ممكن.