IMLebanon

شرارة الحرب بين التبريد والتسخين

كتب صلاح سلام في “اللواء”:

زيارة وزير خارجية فرنسا، حلقة جديدة من حلقات الإتصالات والتحذيرات التي يحملها الموفدون الأجانب إلى بيروت، لإبلاغ المسؤولين اللبنانيين برسائل إسرائيلية غير مباشرة، حول نوايا تل أبيب حول شن عملية عسكرية كبيرة ضد لبنان، قد تتجاوز المناطق الجنوبية، وتطال مرافق وبنى تحتية في العاصمة ومناطق أخرى.

التصعيد الإسرائيلي في الأيام الأخيرة، يحمل أكثر من إشارة لترجيح إحتمالات التصعيد، على مساعي التهدئة، خاصة وأن حكومة نتانياهو تحاول التملص من الضغوط الأميركية والأوروبية، منذ فترة، وتوسيع رقعة المواجهات اليومية في الجنوب اللبناني، بحجة دفع مقاتلي حزب الله إلى شمال الليطاني.

الإشكالية التي يعاني منها لبنان، هو فقدان الحد الأدنى من التنسيق بين السلطة الشرعية، وأجهزتها العسكرية، وبين حزب الله وجماعات المقاومة الأخرى، التي برزت فجأة على الحدود الجنوبية، بعد السابع من تشرين الأول الماضي، وبالتالي عدم قدرة الحكومة اللبنانية على إتخاذ القرار المناسب للتجاوب مع المساعي الدولية للتهدئة، وتخفيض مستوى التوتر في الجنوب، وتجنُّب وقوع المزيد من الخسائر في الأرواح والممتلكات في القرى الحدودية.

النقاش الدائر في بعض الأوساط اللبنانية، حول حصاد معركة المساندة التي يخوضها الحزب في الجنوب، دعماً للمقاومة الفلسطينية في غزة، لم يُجدِ نفعاً في إعادة النظر بدوافع هذه الخطوة، لأسباب أصبحت معروفة، ولا مجال للخوض في تفاصيلها، وإن كانت ليست بعيدة عن الإستراتيجية الإيرانية في المنطقة.

ولكن ما يهم اللبنانيين اليوم، سواء من جمهور الحزب أو من معارضيه، هو العمل على تجنيب البلد تداعيات حرب مدمرة، وضع لبنان المتدهور أصلاً، غير قادر على تحمُّلها، فضلاً عن عجز الدولة عن التعويض على المتضررين في أملاكهم وأراضي زراعاتهم في الجنوب، والتي تُقدر بعشرات الملايين من الدولارات حتى الآن، فكيف إذا وقعت الحرب الشاملة، وأصبحت المرافق الحيوية هدفاً للغارات الإسرائيلية.

أما القول أن الحرب في لبنان من شأنها تخفيف وطأة الإقتحام المتوقع لرفح، فمسألة تحتاج إلى نقاش على ضوء نتائج سبعة أشهر من المواجهات المدمرة في الجنوب، دون أن تخفف من وحشية حرب الإبادة الجماعية في غزة ومدن القطاع الأخرى، ودون أن تخفف من حجم الضحايا البشرية حيث تجاوز عدد الإصابات المئة ألف بين شهيد وجريح.

زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى بيروت قد تكون الحلقة الأخيرة لمساعي التهدئة الديبلوماسية، قبل أن تندلع شرارة الحرب الكبرى، في حال فشلت دعوات ضبط النفس، وتبريد الجبهة الحدودية.