كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
عادت المخاوف من التعرض للأمراض الرئوية والتنفسية لتطل برأسها في منطقة النبطية، هذه المرة من بوابة حرق الإطارات والنفايات في وادي الكفور، الذي يُعد بؤرة تلوث، إذ يحوي كل مصادره: مكبّات للنفايات العشوائية التي تُحرق بين الفينة والأخرى، معامل الباطون والحجارة، مزارع الأبقار وروائحها، تسرب المياه الآسنة التي لوّثت الأراضي الزراعية وحالت دون زراعتها، رغم أنّ أراضي الوادي خصبة وتصلح للزراعة، غير أنّ الملوّثات جعلت الوادي مركزاً لانبعاث الأوبئة والأمراض والحرائق.
لا يخفي النائب ناصر جابر حقيقة هذا الواقع، بل يصف وادي الكفور بأنّه «منبع السرطان والأوبئة في منطقة النبطية»، متوقفاً عند أرقام الإصابات بالسرطان التي تزايدت بشكل خطر وتجاوزت الـ1600 حالة منذ بداية العام، وما يقلقه أكثر هو أنّ «أدوية السرطان مقطوعة ومن الصعب الحصول عليها بسهولة، ما يفاقم المشكلة أكثر»، وباعتقاده أنّ هناك من يستغل الأزمة ليحرق النفايات والإطارات.
كان ملف حرق الإطارات والنفايات في وادي الكفور شبه مقفل، بعد موجة الإعتراضات الشعبية التي طالت معامل حرق وتدوير الإطارات وتحويلها إلى زيت نفط، فضلاً عن استخراج مادة النحاس منها التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في أسعارها، بعدما تسببت هذه المعامل بارتفاع أمراض الربو والحساسية ومشاكل الرئة بين الأهالي، واستباح الغبار الأسود المنبعث من هذا الحرق منازل أهالي الكفور مسبباً موجة اعتراض واسعة، إنتهت بإقفال المعامل الثلاثة وتفكيكها، تبعاً لما يشير إليه النائب جابر الذي يرى «أننا كنا قد إنتهينا من هذه الكارثة البيئية، غير أننا تفاجأنا مجدداً بإعادة حرق الإطارات في الوادي بالتزامن مع حرق المكبّات العشوائية للنفايات، وتسببت سحب الدخان الأسود المصحوبة بروائح كريهة غطت قرى حبوش ودير الزهراني وتول والدوير بحالات اختناق ومشكلات في التنفس». يبدو أنّ الأزمات البيئية والصحية تتوالى هذه الأيام، خصوصاً في ظل عجز البلديات الممدّد لها حديثاً عن القيام بأي شيء، ما يعطي عصابات «الموت المجاني» الفرصة لتحقيق مآربها، عصابات تملك الجرأة والتحدي للقيام بعملها دون أن توقفها بلدية الكفور الذي يتبع لها الوادي، ووفق جابر «يجب أن تكون هناك رقابة قاسية على الأمر، وهذا التساهل يفتح الباب على تساؤلات عدة».
تزايدت أعداد مرضى السرطان في منطقة النبطية، ووصفت أعدادها بأنها «مهولة» نتيجة تراكم مصادر التلوث من عام إلى آخر، قد يكون دُخَان المولدات، مضافاً إليه حرق النفايات وتراكمها في الطرقات أحد أبرز الأسباب لها، وأضيف اليها أخيراً بحَسَب المدير العام لمستشفى «نبيه بري الجامعي» الدكتور حسن وزني «حرق الإطارات والنفايات معاً، ما زاد أعداد المرضى، إضافة إلى ارتفاع أعداد الإصابات بأمراض الربو والحساسية والقلب والرئة، من جراء تنشّق الانبعاثات السامة الناجمة عن هذه الحرائق».
يكاد لا يتسع قسم أمراض السرطان ولا حتى أمراض الرئة والقلب في المستشفى، ومع كل حريق ترتفع الإصابات، وتحديداً الربو والحساسية، وهذا أمر يقلق وزني نسبياً، كونه ناجماً عن حرائق يفترض لجمها ووضع حد لها، خاصة أنّ المواطن لا ينقصه المزيد من الأمراض».
عاد ملف حرق إلاطارات في وادي الكفور إلى الواجهة، فهل يلجم جذرياً هذه المرة، أم أنّ الدولة ستترك أبناءها فريسة للمرض والتشوّه البيئي والصحي؟