كتب بسام ضو في “اللواء”:
الويل ثم الويل لوطن حكّامه حفنة من المُضلِّلين وقليلي الضمير، الويل لشعب لبنان الذي لم يعش ماضيه وحاضره ومستقبله، الويل للشعب الذي لا تاريخ له، الويل لشعب يتناسى تاريخه عمداً أو يتجاهله أو لا يأخذ من عِبَرِه، الويل لشعب لا يردع أخصامه ويُطبِّل لجلّاديه، الويل لشعب يتعايش مع المؤامرات خنوع يُساهم في ضرب النظام الديمقراطي، الويل لشعب يغض النظر عن فساد حكامه ويستميت في الدفاع عنهم.
لبنان في أصعب مراحله السياسية – الأمنية – الاقتصادية – المالية – الإجتماعية، لبنان أثقلته المصاعب والمتاعب والرزائل وأغرقته المطامع القادمة من الدولة التي لا تحترم أصول مبادئ العلاقات الدولية والاتفاقيات، لبنان يرزح تحت وطأة الاحتلالات والتهديدات ونكح الديمقراطية كما السيادة والسبب إستكانة النظام القائم على التقاعس والسرقة وضرب الحضارة اللبنانية وتجيير السيادة للغريب حيث أضحت الأرض اللبنانية مسرحاً لتبادل الرسائل على المستويات الإقليمية والدولية.
لبنان ساحة حرب مفتوحة وإرادة سليبة وجمهورية منهارة بكل ما للكلمة من معنى، لبنان بات ساحة صراع سياسي حادّ في ظل تعاقب سلطات جائرة خنوعة وكلها غير قادرة على ضبط الأمور لأنها مستسلمة للأمر الواقع ولأنها غير مدركة لحجم الأخطار التي تهدِّد لبنان والجمهورية بإداراتها المدنية والعسكرية. لبنان جمهورية فاشلة «موّيتي» جمهورية تواجه أوضاعاً مترديّة وفراغاً في أعلى مؤسسات السلطة، ويتزامن هذا الأمر مع تقصير فاضح ممّن يُطلقون على أنفسهم «معارضة» أو من الذين تبوؤا مراكز دينية مرموقة مسيحيين ومُسلمين. لبنان جمهورية يحكمها الفاشلون والطارؤون، جمهورية اقتصادها يًنذر بالخـراب.
أمام هذا الواقع المرير وعلى كافة المستويات وأمام عجـز قادة «المعارضة ورجال الدين»، هل يجوز السكوت أو التماهي مع سلطة الأمر الواقع إما بتعيين مواطن من هنا أو بترقية «نصّاب» من هناك، أو التغاضي عمّا يحصل من سرقات ونكاح أبسط حقوق الشعب اللبناني؟! إنه من غير الجائز وغير المقبول أن ننتظر من يُقرِّر عنّا، أو ترك الغريب أمر التقرير، ليس من المقبول أن يُقرِّر أي غريب مصير رئاسة الجمهورية، وليس مقبولاً أن يرسم آفاق السياسة والوضع الديمغرافي الجغرافي غريباً أياً كان هذا الغريب، ومن غير الجائز أن يُفوّض ساسة لبنان الحاليون ورجال الدين كائن من كان من السلطات السياسية الإقليمية – الدولية أمر مصير لبنان على طاولة المفاوضات، لن نقبل بأن ينوب عنّا من يُقرِّر مصيرنا، هذا أمر معيب للغاية.
ما نشهده اليوم من أحداث حربية ومن شبه تسويات تُعد على أرضنا ستفرز في الوقائع الحالية معطيات لن تكون لمصلحة الجمهورية بأجهزتها الرسمية المدنية والعسكرية والأمور تشي بذلك في حالة نظرتنا إلى واقع الإدارات الرسمية المدنية وإلى واقع المؤسسات الأمنية الشرعية حيث يجوز السؤال: هل ما يحصل أمراً سهلاً؟ ومن يرسم هذه المعالم السوداوية للجمهورية وما الغاية من تدمير كل مؤسساتها؟ سؤال نطرحه على من هم «معارضة» ورجال دين.
ما نلاحظه كباحثين وأعضاء في مركز أبحاث PEAC وكناشطين سياسيين متحرّرين من هؤلاء الساسة ورجال الدين أنّ الأيام ستفرز واقعاً يصعب التأقلم معه، إذ لا يمكن لطامع أن يعمل لصالح دستور الجمهورية اللبنانية والوقائع تحتِّم علينا القول «إنّ مصير لبنان بين أيادٍ سود»، فسوف تنشأ منظومات غريبة عن واقعنا الديمقراطي وطلائعها تظّهرتْ في الإنتخابات التي حصلت على مرحلتين متتاليتين وفقاً لهذا القانون المسخ الذي أفرز مجلساً نيابياً ملامحه ظاهرة للعيان وليستْ بحاجة للتظهير.
كباحث وناشط سياسي وأكاديمي ما زلت أو يَجوز القول «ما زلنا» نؤمن بأنّ الجمهورية هي ملك الشعب اللبناني وليستْ أرضاً مستباحة لأي طرف إقليمي أو دولي، هذه الجمهورية لها كيانها ودستورها وعضويتها في جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة. الجمهورية معنا نحن الأحـرار المثقفون يجب أن تبقى في محيطها العربي والدولي رأس ثقافة واعدة ضمن وحدة وطنية واعدة تنبع من الأصالة اللبنانية والعربية ولا تقبل أي فرض أو إملاءات من أي كان. أعتقد أننا الصخرة التي سنعيد من خلالها إعادة بناء ركائز الجمهورية التي هدّمتها مصالح الساسة الفاسدين، كي لا يبقى مصير لبنان بين أيادٍ سود.