كتب صلاح سلام في “اللواء”:
ارتفاع منسوب التفاؤل بإحداث اختراق في مفاوضات القاهرة للتوصل إلى هدنة في غزة، من المتوقع أن يُرخي بظلال التهدئة في الجنوب اللبناني، طالما أن كل الأطراف أصبحت مسلِّمة بترابط المواجهة على الحدود الجنوبية مع الحرب على غزة.
من الواضح أن الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين كان قد جمَّد مساعيه بين بيروت وتل أبيب بعد اندلاع حرب غزة، ومسارعة حزب الله الى فتح معركة المساندة من الجنوب، وتدحرج التراشقات اليومية بين الطرفين، فكان من الطبيعي أن يتم وضع ملف ترسيم الحدود البرية على الرف، بانتظار وقف إطلاق النار في غزة.
غير أن المفاجأة الصاعقة لأهل الحكم في لبنان كانت بالرسالة الواضحة والحاسمة التي نقلها الدبلوماسي الفرنسي الذي حمل ورقة التبريد في الجنوب، ومفادها أن لبنان لن يشارك في مؤتمر «اليوم التالي» في المنطقة، اذا لم يكن لديه رئيس جمهورية وحكومة كاملة الصلاحيات الدستورية.
الرسالة الدبلوماسية الفرنسية، خرجت عن حدود التحذير والتنبيه، إلى ما يمكن اعتباره إنذاراً للاطراف السياسية اللبنانية بالتحرك السريع لتجاوز خلافاتهم العقيمة، والتوجّه نحو تسوية داخلية تُنهي الشغور الرئاسي، وتعيد الهيبة والفعالية للمؤسسات الدستورية.
خطورة التهاون السياسي اللبناني بمثل هذا الكلام الفرنسي، والمنسَّق غالباً مع الموقف الأميركي، يعرِّض المصالح اللبنانية العليا للخطر، بما فيها الأراضي المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا،فضلا عن مخاطر غياب لبنان عن طاولة المفاوضات الإقليمية والدولية، التي سترسم مستقبل المنطقة وخريطة بلدانها لعقود طويلة من الزمن.
لم يعد مسموحاً أن يتلهّى أمراء السياسة والفساد بصراعاتهم الفئوية والأنانية، ويعرِّضون مصير البلد وسلامة أراضيه وأمنه واستقراره لأخطار وجودية، لا تنفع معها المساومات الرخيصة، ولا التسويات العشوائية.
يبدو أن ساعة الحقيقة أصبحت قاب قوسين أو أدنى. فإذا لم يستعد لبنان لمواجهة متطلبات المرحلة الصعبة بوحدة موقف متماسكة، تتعالى عن الخلافات السخيفة، سيكون البلد هو الخاسر الأكبر في أية تسوية إقليمية ودولية لإنهاء زمن الحروب في المنطقة.