كتبت مارلين خليفة في “اللواء”:
عشية زيارة الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس ورئيسة المفوضية الاوروبية اورسولا فون در لاين الى لبنان وبدء فاعليات مؤتمر سوريا ودول الجوار الثامن في بروكسيل، كان حوار مهم لموقع «مصدر دبلوماسي» مع اوساط سورية رسمية حول ملف النزوح السوري. هنا التقرير.
ينعقد المؤتمر الثامن لدعم سوريا ودول الجوار للمرة الثامنة في بروكسيل من دون دعوة الحكومة السورية ما تعتبره اوساط رسمية سورية واسعة الاطلاع بأنه: «تسييس للعمل الانساني». وتكشف الاوساط بأن التعهدات المالية التي تصدر سنويا عن هذا المؤتمر لا يتم دفع إلا «20 أو 30 في المئة منها كأقصى تقدير وهي تشمل النازحين الى لبنان والاردن والعراق وجنوب تركيا». وتتساءل الاوساط: «أين الاحترام لسيادة الدول إذا تم الاكتفاء بدعوة المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني فقط لا غير»؟.
فقد هذا المؤتمر جزءا كبيرا من مصداقيته قبل عامين، حين رفض الداعون مشاركة منظمة الامم المتحدة بصفة رئيس، وتمّ الطلب منها الحضور بصفة خبير مراقب. وبحسب الاوساط السورية الرسمية المتابعة فإن «الامم المتحدة رصدت تسييسا كبيرا في التعامل مع ملف النازحين السوريين، وقد حاولت المنظمة الدولية التعامل مع الدولة السورية كالمسؤولة الاولى عن هذا الملف وهذا ما لم يعجب الدول الاوروبية التي لا تزال متشددة جدا في موضوع التعامل مع الدولة السورية برئاسة الرئيس بشار الابرز وفي طليعتها فرنسا والمانيا».
تعيد الاوسط الرسمية السورية التذكير، بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب الى سوريا في 23 اكتوبر من العام 2023 حين زار رؤساء مكاتب الامم المتحدة في دمشق وسمع كلاما عن الدعم الكبير الذي تقدّمه لهم الدولة السورية. للتذكير بأن بو حبيب التقى حينها على رأس وفد رسمي نظيره السوري فيصل المقداد في مقر الوزارة على أن يسمع كل جانب ما يملكه الآخر من معطيات.
وبعد اللّقاء، صدر بيان مشترك، جاء فيه: «برغبة لبنانية صادقة بزيارة الجمهورية العربية السورية للتشاور وتنسيق المواقف إزاء التحديات المشتركة التي يواجهها البلدان الشقيقان والتصعيد الحاصل في المنطقة، وفي ضوء الترحيب السوري، قام وزير الخارجية والمغتربين الدكتور عبد الله بو حبيب على رأس وفد ضم: المدير العام للأمن العام بالانابة اللواء الياس البيسري والامين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمد المصطفى، والقائم بأعمال سفارة لبنان في دمشق طلال ضاهر، ومدير مكتب الوزير الاستاذ وليد حيدر، والقاضي غسان الخوري من وزارة العدل والعميد مرشد سليمان من المديرية العامة للأمن العام، بزيارة رسمية إلى دمشق يوم الاثنين الواقع في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 حيث التقى وزير الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية الدكتور فيصل المقداد في حضور نائب وزير الخارجية والمغتربين السفير بسام الصباغ، ومعاون وزير الإدارة المحلية والبيئة معتز دوه جي، ومستشار وزير الخارجية والمغتربين السفير علي عبد الكريم، ومدير إدارة المنظمات والمؤتمرات الدولية قصي الضحاك، ومدير إدارة الدعم التنفيذي جمال نجيب.
دان الجانبان العدوان الإسرائيلي الممنهج ضد الشعب الفلسطيني، وأكدا «ضرورة وقفه بشكل فوري ووضع حد لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي، والعمل على الإدخال الفوري وغير المشروط للمساعدات الإنسانية إلى غزة». كما شددا على «الرفض القاطع لأية محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني أو تصفية قضيته العادلة»، وأكدا «ضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة في فلسطين ولبنان والجولان السوري وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
تدارس الجانبان الهدف من هذه الزيارة وهو معالجة التحديات المتصلة بأزمة النزوح السوري في لبنان، وشددا على أهمية التعاون المشترك لضمان العودة الكريمة للمهجرين السوريين إلى وطنهم الأم، وضرورة تحمل المجتمع الدولي والأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة لمسؤولياتهم في المساعدة على تحقيق هذا الهدف.
شرح الوزير المقداد الإجراءات التي إتخذتها الحكومة السورية على مدى السنوات الماضية وفي الآونة الأخيرة لإعادة الأمن والاستقرار وتيسير عودة السوريين إلى وطنهم، مؤكدا أن سورية ترحب بجميع أبنائها وتتطلع لعودتهم، وهي تبذل قصارى جهدها بالتعاون مع الدول الصديقة والشركاء في العمل الإنساني لتحقيق ذلك».
أعرب الوزير بو حبيب عن امتنانه وتقديره للجهود والإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية. وتم الاتفاق على عقد اجتماعات تنسيقية لاحقة على مستوى المسؤولين والخبراء المختصين لمتابعة المسائل المتصلة بعودة النازحين، وضبط الحدود، وتبادل تسليم المحكومين العدليين، وغيرها من المسائل ذات الاهتمام المشترك».
ينتقد المصدر السوري ما يطلق عليه «استيراد المصطلحات» من الغرب حول «المناطق الآمنة»، وهي تعني عمليا تلك التي هي تحت سيطرة الدولة السورية.
يقول لموقع «مصدر دبلوماسي»:يتناسى البعض السبب الرئيسي للنزوح، فبعض النازحين السوريين تمّ استجلابهم الى لبنان عبر التحريض».
ويقول المصدر المذكور أن «كثرا من المسؤولين اللبنانيين ابدوا استعدادا لا مشروطا لاستقبال نازحين سوريين وشجعوهم على المجيء الى لبنان، هذا الكلام هدف لاثبات أن الدولة السورية غير قادرة على حماية مواطنيها». ويتساءل: «كيف يمكن تنظيم العودة من دون تنسيق مع الدولة السورية؟ وهل تستطيع الحكومة اللبنانية اتخاذ قرار بإعادة السوريين من دون الرضوخ لطلبات الدول الغربية؟ وهل تفيد الحملات التي نراها من قبل بعض المعارضين السوريين الممويلين من أن سجن روميه في لبنان هو افضل من جنّات الاسد؟ وفي ظل هذا التحريض المستمر من لبنان، كيف يمكن عرض خطوات عملية على الحكومة السورية؟».
قسم كبير من المساجين السوريين في السجون اللبنانية لم تصدر بحقهم احكام في هذا السياق، يبلغ عدد المساجين السوريين في السجون اللبنانية 25035 شخصا، «لكن ما لا يعرفه كثُرٌ هو أن القسم الأكبر منهم غير محكوم وبالتالي لا يمكن اعادته بحسب القوانين اللبنانية! إن اكثر من 50 في المئة ممن صدر عليهم حكم مبرم، يمكن ان يكمل محكوميته في سوريا ولكن بشرط حيازة موافقة السجين». ويتساءل المصدر السوري: «نحن عند قتل باسكال سليمان عمدنا فورا الى تسليم 3 من الجناة وهذا جزء من التعاون إلا أن الطرف الآخر في لبنان لم يتلقف تعاوننا».
وعن قول بعض السوريين أنهم قد يتعرضون للاعتقال والتنكيل إذا عادوا، يقول المسؤول السوري:» إطرحوا السؤال على اللواء عباس ابراهيم الذي عمل طويلا على هذا الملف ويدرك تفاصيله جيدا، وقد عاد الآلاف في عهده كمدير عام للامن العام اللبناني؟ إسألوه إن تم اعتقال اسم واحد؟ واليوم ايضا، يمكن طرح السؤال ذاته على المدير العام الحالي للامن العام اللبناني اللواء الياس البيسري. لم يتم القبض على أي أحد من العائدين، إلا إذا قام بعضهم بمخالفات جديدة».
ويتحدث المصدر المذكور عن «التدابير القسرية والاحادية التي تمنع العودة وهي العقوبات التي تعيق الاقتصاد السوري: «إن معظم النزوح الى لبنان هو اقتصادي وليس سياسيا، عقوبات قانون قيصر وعقوبات الاتحاد الأوروبي تطبق على الاقتصاد السوري بحيث لا يمكن اعادة اعمار مناطق واسعة وتمنع المشاركة الدولية الواسعة وتقتصر الجهود على الامكانات الحكومية الداخلية وهي محدودة». ويشير: «إن الدول الراغبة في اعادة اعمار سوريا تخاف من العقوبات، والمناطق الآمنة تفتقر الى البنى التحتية الاساسية وللقيام بأي خطوة فهي تحتاج الى تنسيق لوجستي موحد لا يمكن البدء بع وسط العقوبات».
وعن زيارة الوفد اللبناني الى سوريا في تشرين الاول اكتوبر الماضي قال المصدر السوري: «لم تتم متابعة هذا الاجتماع، لقد طلب الجانب السوري خطة واضحة لاعادة النازحين ولكن لم نحصل على شيء». وعن السبب الذي يمنع الرئيس السوري من اطلاق نداء لمواطنيه للعودة؟ قال المصدر: «لقد عقدت سوريا 3 مؤتمرات من اجل إعادة النازحين ولم تحضرها الدول المانحة ولا الامم المتحدة ولا منظمات المجتمع المدني وهي كلها ضد الدولة السورية واصدر الرئيس بشار الاسد مراسيم عفو باستثناء من ارتكب جرائم قتل، أما بالنسبة الى الخدمة العسكرية فهي الزامية، وقد قدمت الدولة السورية بعض التسهيلات للاغتراب فقط وتم شمل لبنان بدول الاغتراب عبر دفع بدل محددـ وقدمت الدولة السورية كل مستلزمات السكن على قدر امكاناتها في ريف اللاذقية والقنيطرة وريف حلب وريف حماة وحمص ولكن ثمة بنى تحتية اساسية يحتاجها المواطن للعودة مثل المياه والكهرباء والمستشفيات والمدارس والامكانات محدودة في هذا الاطار».
وذكر المصدر بالخطة التي قدمها وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب يقدم خطة على مدى 5 سنوات لاعادة النازحين الى بعض المناطق وحث فيها الدول المانحة على التمويل في الداخل السوري ولم يحصل تجاوب وخصوصا من قبل دولتين هما فرنسا والمانيا في ما يخص الاتحاد الاوروبي وكل ذلك بهدف اظهار ان الدولة السورية غير قادرة على حماية مواطنيها وان المواطن السوري يرفض العودة الى وطنه».
ورفض المصدر الاتهامات للدولة السورية بأنها تتقاعس على اعادة مواطنيها قائلا: «نحن بحاجة لكل مواطن سوري من اجل اعادة الاعمار لدينا مشاكل في نقص الكفاءات والخبرات وهجرة الادمغة والتخصصات مثل الاطباء والمهندسين ولكل الايدي العاملة الماهرة التي لم تعد موجودة».