يُضعف الدماغ، أثناء النوم، الروابط الجديدة بين الخلايا العصبية التي تم تشكيلها أثناء الاستيقاظ، ولكن فقط خلال النصف الأول من النوم ليلا، وفقا لدراسة جديدة.
ويقول علماء جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس إن النتائج التي توصلوا إليها، والتي نشرت في مجلة Nature، توفر نظرة ثاقبة حول دور النوم، لكنها ما تزال تترك سؤالا مفتوحا حول الوظيفة التي يؤديها النصف الأخير من نوم الليل.
ويشير الفريق إلى أن الدراسة تدعم فرضية الاستتباب المتشابك (Synaptic Homeostasis Hypothesis)، وهي نظرية رئيسية حول الغرض من النوم والتي تقترح أن النوم يعمل بمثابة آلية إعادة ضبط مهمة للدماغ، ما يضمن استدامة الطاقة والاستعداد للتعلم.
وقال المؤلف الرئيسي البروفيسور جيسون ريهيل من قسم علم الأحياء الخلوي والتنموي في جامعة لندن (UCL Cell & Developmental Biology):”عندما نكون مستيقظين، تصبح الروابط بين خلايا الدماغ أقوى وأكثر تعقيدا. وإذا استمر هذا النشاط بلا هوادة، فسيكون غير مستدام من الناحية النشطة. ويمكن أن يؤدي وجود عدد كبير جدا من الاتصالات النشطة بين خلايا الدماغ إلى منع إنشاء اتصالات جديدة في اليوم التالي”.
وتابع: “على الرغم من أن وظيفة النوم ما تزال غامضة، إلا أنها قد تكون بمثابة فترة عدم الاتصال، حيث يمكن إضعاف تلك الاتصالات في جميع أجزاء الدماغ، استعدادا لتعلمنا أشياء جديدة في اليوم التالي”.
وفي هذه الدراسة، استخدم العلماء سمك الزرد الشفاف بصريا مع جينات تمكن من تصوير المشابك العصبية (الهياكل التي تتواصل بين خلايا الدماغ) بسهولة. وقام فريق البحث بمراقبة الأسماك على مدى عدة دورات من النوم والاستيقاظ.
ووجدوا أن خلايا الدماغ تكتسب المزيد من الروابط أثناء ساعات الاستيقاظ، ثم تفقدها أثناء النوم. وتوصلوا إلى أن هذا يعتمد على مقدار ضغط النوم (الحاجة إلى النوم) الذي تراكم لدى الحيوان قبل السماح له بالراحة، وعندما يتم تأجيل النوم، يزيد ضغط النوم من انخفاض الروابط العصبية.
ووجد الفريق أن إعادة ترتيب الروابط بين الخلايا العصبية حدثت في الغالب في النصف الأول من نوم الحيوان ليلا. وهذا يعكس نمط نشاط الموجة البطيئة (يشار إليه عادة بالنوم العميق)، والذي يعد جزءا من دورة النوم التي تكون أقوى في بداية الليل.
وقالت المؤلفة الأولى الدكتورة أنيا سوبرمبول، من قسم علم الأحياء الخلوي والتنموي ومعهد الأذن التابع لكلية علوم الدماغ في جامعة كوليدج لندن: “تضيف النتائج التي توصلنا إليها وزنا للنظرية القائلة بأن النوم يعمل على إضعاف الاتصالات داخل الدماغ، والتحضير لمزيد من التعلم والاتصالات الجديدة مرة أخرى في اليوم التالي. ولكن دراستنا لا تخبرنا أي شيء عما يحدث في النصف الثاني من الليل. وهناك نظريات أخرى حول كون النوم وقتا لإزالة النفايات من الدماغ، أو إصلاح الخلايا التالفة، وربما تبدأ وظائف أخرى في النصف الثاني من الليل”.