Site icon IMLebanon

عن عرض دين براون والـ”وان واي تيكت”

A dinghy overcrowded with Afghan immigrants arrived on a beach on the Greek island of Kos, after crossing a part of the Aegean Sea between Turkey and Greece, on May 27, 2015. AFP PHOTO / Angelos Tzortzinis (Photo by ANGELOS TZORTZINIS / AFP)

كتب ناجي شربل في “الانباء الكويتية”:

دين براون، اسم عاد إلى ذاكرة اللبنانيين، الذين عايشوا فترة حضوره إلى بيروت في 1976، في عز الحرب الأهلية اللبنانية، أو أولئك الذين سمعوا عنه بالتواتر، وخصوصًا «عرضه السخي» لترحيل المسيحيين بالبحر إلى كندا كوجهة رئيسية فضلًا عن بلدان أخرى.

عاد دين براون إلى ذاكرة اللبنانيين من بوابة «العرض» الذي قدمته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بتسهيل حصول اللبنانيين على تأشيرات عمل وتشريع إقامتهم في أوروبا، ما يعني ضمنيًا، إخلاء «وطن الأرز» من سكانه الأصليين لتوطين النازحين السوريين، بعد اقتران عرض رئيسة المفوضية الأوروبية بحزمة مساعدات بلغت مليار يورو «مقسطة» على أربع سنوات.

في الذاكرة اللبنانية المؤرشفة بمقابلة تلفزيونية لرئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجية انه استقبل الموفد الأميركي الذي قدم اليه عرضه بترحيل المسيحيين، وجعل لبنان وطنا بديلا للفلسطينيين، علما ان القيادة العسكرية الفلسطينية المتمثلة وقتذاك بمنظمة التحرير، كانت تحارب في الداخل اللبناني، وفي الطريق إلى تغليب فئة على أخرى.

يروي الرئيس فرنجية «الجد» (لتمييزه عن حفيده سليمان طوني فرنجية المرشح لرئاسة الجمهورية)، انه رد على عرض براون بالإشارة إلى ان أبناء قادة الجبهة اللبنانية الرئيس كميل شمعون ورئيس حزب «الكتائب» بيار الجميل، فضلا عن نجله الوزير والنائب طوني فرنجية، يحاربون داخل المتاريس، في سبيل البقاء في الوطن. ولاحقا، سقط أبناء للقادة الثلاثة، هم على التوالي طوني فرنجية (1978)، والرئيس المنتخب للجمهورية بشير الجميل (1982)، وداني شمعون (1990) في تصفيات مسيحية!

وأنهى الرئيس فرنجية كلامه إلى المبعوث الأميركي طالبا منه حمل أوراقه والمغادرة.

جولة براون تضمنت وقتذاك الاجتماع بعميد حزب «الكتلة الوطنية» النائب ريمون إده في منزله بالصنائع، في الشطر الغربي من العاصمة. واستبق إده اللقاء بالإعراب لضيفه عن رغبته تدوين محضر اللقاء على شريط كاسيت من نسختين، إحداهما إلى براون والثانية للعميد.

ذهب براون واشتدت الحرب، وتزود الطرف المسيحي بالسلاح عبر البحر، بدل ركوب مياهه للرحيل، إلى ان هدأت أصوات المدافع في 13 تشرين الاول 1990، بإطاحة رئيس الحكومة العسكرية العماد ميشال عون من قصر بعبدا. وكان يومذاك على قيد الحياة من أركان الجبهة اللبنانية، الرئيس فرنجية والعميد إده.

عرض أورسولا فون دير لايين لم يواجه بحزم من رئيس حكومة تصريف الأعمال، فـ «قامت القيامة» في الداخل، من غير ان يعني ذلك تبديلا في موقف الاتحاد الأوروبي، بسبب «الخاصرة الرخوة» لبنانيا.

لا يجتمع الأفرقاء في لبنان على موقف في سبيل مصلحة البلد. والطامة الكبرى، ان كلا منهم يرى مصلحة البلد من منظاره. واذ يرفض الجميع عرض رئيسة المفوضية الأوروبية، فإنهم يبادرون في المقابل إلى الغمز من مواقف أخصامهم السياسيين، من بوابة تسجيل النقاط.

وتأتي حركة أهل الداخل في لبنان، لتفسر للمواطنين ان موضوع النازحين «أكبر من البلد»، ولا قدرة لأهله على التصدي له.

في أي حال، تم رفض عرض دين براون، وان كان عدد المقيمين من المسيحيين في البلاد قد خف كثيرا مما كان عليه وقت اندلاع الحرب.

واليوم تبدو الطريق مفتوحة لهجرة أهل البلد، علما ان اللبناني الذي يغادر إلى دولة أجنبية بطريقة غير شرعية، يقرر مسبقا عدم العودة، فما بال الذين يهاجرون بطريقة شرعية؟ والجواب انهم سيصفون أملاكهم ويحملون مدخراتهم ويقطعون تذكرة سفر باتجاه واحد دون عودة «وان واي تيكت».