جاء في “الراي الكويتية”:
من خلف غبار العملية المباغتة التي حوّلتْ معها إسرائيل موافقةَ حركة «حماس» على مقترح وقف النار في غزة بمثابة «غطاءٍ»، تسلّلتْ على وهْج مفعوله الإيجابي «العابِر» لتقتحم معبرَ رفح، لاحتْ مخاوف قديمة – جديدة ولكنها باتت أكثر جدية من أن يكون سلوك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي تَعَمَّدَ زرعَ «مفخّخات» في آخِر أمتار مفاوضات الهدنة في القطاع هو في سياقِ إستراتيجيةٍ غير مفاجئة عنوانها المزيد من شراء الوقت و«إطالةَ الحرب» ريثما تمرّ عاصفةُ الانتخابات الرئاسية الأميركية الخريف المقبل علّ رياحها «تَجري بما تشتهي سفنه» لتعيد دونالد ترامب إلى «البيت الأبيض» فيستنقذ مصيرَه السياسي.
معبر رفح
وفيما كانت تل أبيب توحي بأنّ «ليلةَ القبض على معبر رفح» هي في إطار «مخادَعة تَماثُلية» مع الخديعة التي اعتبرتْ أن «حماس» نصبتْها من خلال الموافقة على «نسخةٍ مخفَّفة» من مقترح وقف النار، انهمكت الأطراف المعنية في لبنان بتفكيك أبعاد اندفاعة نتنياهو ومحاولة تَلَمُّس مغازيها وتداعياتها القريبة والأبعد مدى على جبهة المشاغَلة التي احتدمتْ المواجهاتُ على مقلبيْها في اليوميْن الماضييْن في مؤشّر إلى دينامية ميدانية تصاعُدية في التحميةِ للـ… أعظم.
«تفاوض بالنار»
وبمعزل عن مآل «التفاوض بالنار» الذي ستستكمله إسرائيل عبر وفدها إلى مصر متوعّدةً «حماس» في الوقت نفسه بأن أي تهدئةٍ لن تكون إلا مجرّد استراحة لإكمال «هدفنا بتدمير الحركة»، فإن تَقييماً جديداً ارتسم في كواليس العارفين بخفايا جبهة الجنوب اللبناني واحتمالاتها أَمْلَتْه خطوة نتنياهو وإن جَعَلَ «المرحلة الأولى» من عملية رفح على طريقة «العصا والجزرة» للضغط على الحركة لمراجعةِ شروط الاتفاق على طاولة التفاوض التي لم تغادرها تل أبيب ولا «حماس» أيضاً بما عَكَس حشْرةَ الأخيرة التي لم يهنأ سكان غزة بـ «انفجار الفرح» بقبولها بالتهدئة.
«منطقة أمان»
فبعد أشهر من «إقامةٍ» في «منطقة أمان» على قاعدة أن إسرائيل لن تندفع في جنوب لبنان بما هو أبعد من العمليات المستمرّة منذ 8 أكتوبر والتي تتعمّق بالتناسب على المقلبيْن من دون أن تخرج عن سياق الانضباط تحت سقف عدم الرغبة في حربٍ واسعة، علمتْ «الراي» أن محور الممانعة عاود «ضبْط» هذه القراءة بما يتلاءم مع معاني الإنزال العسكري لنتنياهو خلف خطوط «الهدنة المفترضة» وخيوطها التي تُحبك بعنايةٍ بمواكبةٍ أميركية لصيقة.
محور الممانعة
ووفق التقييم «المحدَّث» لدى محور الممانعة أن أياماً قتالية أو توغُّلاً إسرائيلياً محدوداً لم يَعُد مستبعَداً، سواء بعد استنفاذ حرب الاستنزاف في رفح مَفاعيلها أو خلالها، وذلك من ضمن ما يشبه «سباق البدَل» أو «التسليم والتسلّم» بين جبهاتٍ يزداد اشتعالها، وصولاً إلى خريفٍ يتطلّع إليه نتنياهو لتجديد «ربيعه» السياسي.
وهذه القراءة من «قلب النار» في رفح، تعزّز الخشيةَ مما سيكون في لبنان الذي شهد جنوبه أمس جولةً جديدة من المواجهات اللاهبة التي مضى فيها «حزب الله» في توجيه الرسائل بأنه «جاهِزٌ لكل الاحتمالات» وأن استعداداته أُنجزت لأي خطوة طائشة من نتنياهو.