كتب منير الربيع في “الجريدة” الكويتية:
يجد لبنان نفسه أمام ثلاثة مشاهد أولاً في جبهة الجنوب، وثانياً في القاهرة حيث تنعقد المفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة، وثالثاً قضية اللاجئين السوريين.
ففي الجنوب، تستمر المواجهات في منحاها التصاعدي مع تغير ملحوظ في آليات القتال من حزب الله، الذي أصبح يركز على استهداف المباني المدنية، مع استمرار إسرائيل بالاغتيالات وآخرها قتل أربعة من الحزب.
هذا المنحى التصعيدي قابل لأن تتزايد وتيرته في المرحلة المقبلة ما دامت الحرب على غزة مستمرة، خصوصاً في حال اندلاع معركة كبيرة في رفح.
في موازاة ذلك، تتواصل التهديدات الإسرائيلية حول حرب واسعة ضد حزب الله تغير الوقائع على الأرض، لا سيما في ظل الضغوط التي يمارسها سكان المستوطنات الشمالية على حكومة بنيامين نتنياهو للعودة إلى منازلهم.
في السياق، تنقسم آراء المسؤولين والخبراء اللبنانيين، كذلك الدبلوماسيين الأجانب والعرب في بيروت، بين من يتوقع أن تشن إسرائيل حرباً واسعة في جنوب لبنان، وبين من يعتبر أن الهدوء سيحل في الجنوب حتماً، إذا توقف النيران في غزة.
إلى ذلك، ينتظر لبنان ما ستؤول إليه المفاوضات الجارية حالياً في القاهرة لوقف إطلاق النار في غزة وانسحابها على الساحة اللبنانية، وتأثير كل ذلك على المبادرتين الفرنسية والأميركية.
ويترقب اللبنانيون لقاء منتظراً بين المبعوثين الرئاسيين الأميركي آموس هوكشتاين والفرنسي جان إيف لودريان، يهدف إلى التنسيق وتقريب وجهات النظر وتكامل المساعي الفرنسية الأميركية للوصول إلى اتفاق حول جنوب لبنان يعيد الهدوء ويرسي قواعد اشتباك جديدة.
في الوقت نفسه، تنقسم الآراء في لبنان حول حقيقة الموقف من المبادرة الفرنسية، خصوصاً بعد تسليم الردّ اللبناني للسفارة الفرنسية في بيروت على الورقة التي تقترح حلاً لوقف إطلاق النار والتصعيد في الجنوب.
يرى البعض أن الرد اللبناني الذي تضمن أكثر من عشر ملاحظات، بعضها يتعلق بمضمون وبنود الورقة وبعضها الآخر يتعلق بالصيغة اللغوية المعتمدة، يعني ضمناً رفضاً لأي دور فرنسي واستمراراً للرهان على هوكشتاين.
في المقابل، يلفت آخرون إلى أن لبنان قدم ملاحظاته إلى باريس بهدف التفاوض وللوصول إلى صيغة مرضية للطرفين حرصاً منه على استمرار الدور الفرنسي.
ويؤكد مصدر رسمي لبناني هذا التحليل، مشيراً إلى أن بيروت ترغب في دور أجنبي إلى جانب واشنطن، وفرنسا بحكم علاقتها الوجدانية مع لبنان يمكن أن تلعب هذا الدور، وأن أي حضور لباريس في المفاوضات سيسهم في إراحة الموقف اللبناني ومساعدته، مع تأكيده أن الجانب اللبناني اقترح بالفعل تعديلات على الورقة الفرنسية.
ويشير المصدر رداً على الكلام الذي تكاثر حول بروز أجواء سلبية من لبنان تجاه دور فرنسا فيقول: ليس لبنان من أثار الأجواء السلبية الرافضة للدور الفرنسي، بل لبنان طالب بتعديلات بعد تسليم الورقة رسمياً، أما الحقيقة فالإسرائيليون هم غير متحمسين لأي دور لفرنسا وهم يحاولون عرقلة المبادرة من خلال وضع شروط قاسية، لأن إسرائيل لا تريد الوصول إلى حلّ إلا من خلال الأميركيين لأن هناك توهماً إسرائيلياً بإمكانية تحقيق تغيير كبير في القواعد العسكرية في جنوب لبنان.
على مستوى آخر، يرتفع منسوب الحملة ضد حكومة تصريف الأعمال اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي انطلاقاً من عنوان قبولها هبة المليار يورو من الاتحاد الأوروبي، التي يصفها معارضو الحكومة، لاسيما «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ»، أكبر حزبين مسيحيين، بأنها رشوة لقاء إبقاء اللاجئين السوريين على الأراضي اللبنانية.
في هذا السياق، بدأ التيار الوطني الحرّ تحركاً سياسياً وشعبياً من خلال تظاهرات واحتجاجات للضغط على الحكومة لعدم قبول الهبة والعمل على فتح مسار إعادة اللاجئين الى سورية أو فتح الحدود أمامهم للذهاب إلى أوروبا.