كتبت لوسي بارسخيان في “نداء الوطن”:
بين 22 نيسان الماضي و9 أيار الجاري، اجتمعت لجنة الدفاع والداخلية والبلديات أمس لمرة ثانية، لمتابعة النقاش مع وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي حول ملف النازحين السوريين والإجراءات التي تمّت المباشرة بها على المستوى الرسمي للحدّ من تداعياته. اللقاءات التي وضعها رئيس اللجنة جهاد الصمد في إطار ممارسة الدور الرقابي للمجلس، تحوّلت في جلستها الثانية فرصة «لجوجلة» المواقف قبل اجتماع الهيئة العامة المرتقب يوم 15 أيار الجاري.
وعليه تمنّى الصمد «أن يشكّل انعقاد المجلس فرصة ليخرج بموقف موحّد من هذه القضية، قد يتطوّر الى إصدار قرار ملزم أو توصية للحكومة، تدعم موقفها في طرح هذا الملفّ بالمحافل الدولية، ولا سيّما في مؤتمر بروكسيل المرتقب عقده نهاية شهر أيار، وتحدّد ما يمكن للحكومة أن تلتزم به باسم لبنان، وما هو مرفوض بالإجماع».
كان يفترض أن يحضر الاجتماع أيضاً مدير عام الأمن العام بالإنابة الياس البيسري، إلا أن تغيّبه لم يعطّل النقاش في الملفات التي طرحت معه خلال الجلسة الماضية، ولا سيّما ما يتعلق منها بالاتفاقية المعقودة مع مفوضية اللاجئين في سنة 2003، وبملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، والمحكومين الذين تطالب الدولة اللبنانية بإعادتهم الى سوريا. وقد تبيّن وفقاً للمعلومات أنّ هناك نحو 2500 موقوف سوري في لبنان، 500 منهم محكومون، بينما لا يوجد بين لبنان وسوريا اتفاقية ترعى تسليمهم للسلطات السورية لمتابعة محاكمتهم هناك. هذا في وقت كُشف أن مفوضية اللاجئين ترفض حتى الآن تطبيق معايير اتفاقية الـ2003 على النازحين السوريين، أسوة بتطبيقها على النازحين العراقيين.
كان من الطبيعي في المقابل أن تحضر الزوبعة التي أثارتها هبة المليار يورو كطبق رئيسي على طاولة النقاش. إلا أنه خلافاً للمتوقّع، لم يستغرق الحديث عنها وقتاً طويلاً، وبدا واضحاً أنّ النوّاب المشاركين يحتفظون بمواقفهم «الدسمة» تجاهها لجلسة 15 أيار، والتي توقّعت مصادر نيابية أن تتحوّل مسرحاً للمزايدات، قد يسقط بعضها مسؤولية الدولة أولاً وأخيراً تجاه فوضى النزوح السوري وتداعياته.
إلا أن اللافت كان ما كشفه النائب علي حسن خليل من معلومات، عن كون ما تم الإيحاء بكونه هبة أوروبية للدولة اللبنانية، لا ينفصل عن برنامج الدعم الذي يوفّره الإتحاد الأوروبي للنازحين المقيمين في لبنان منذ سنوات، والذي بقي يصل إليهم طيلة السنوات الماضية عبر المنظمات الدولية أو الأهلية. وقد شارك خليل معلوماته مع الحاضرين مشيراً إلى أن برنامج الدعم الأوروبي يتضمّن سنوياً مبلغ 243 مليون يورو، وبما أنّ المفوضية تضع ميزانيتها لأربع سنوات فقد تم الإعلان عن مبلغ المليار يورو للسنوات الأربع المقبلة. الأمر الذي سيتطلب شرحاً شفافاً من رئيس الحكومة خلال جلسة الأربعاء المقبل.
كما كشف أنه قبل أسابيع أعادت السلطات القبرصية 22 مهاجراً سورياً حاولوا دخول أراضيها خلسة، ولما حاولت السلطات اللبنانية ترحيل هؤلاء الى بلدهم الأم، تدخلت السفارات الأوروبية والغربية لتمنعهم. هذا في وقت تحدّث الصمد لـ»نداء الوطن» عن معيار مختلف تعتمده الدول الأوروبية مع تركيا، حيث تفرض السلطات هناك بمقابل استعادة كل مهاجر غير شرعي من تركيا ترحيل اثنين بشكل شرعي إلى أوروبا.
في المقابل لم تقدّم الأرقام التي حملها وزير الداخلية معه حول أعداد النازحين السوريين، والمقارنات التي تجريها بين من نزحوا قبل سنة 2015 ومن دخلوا بعدها، أي إضافات جديدة. فأبدى الحاضرون اهتماماً أكبر بالإجراءات التي باشرت بها الوزارة للحدّ من الفوضى التي يتسبّب فيها هذا النزوح، وكشف مولوي عن قرارات إضافية عمّمت على البلديات والمحافظات والقائمقاميات، وبوشر بتطبيقها على صعيد إقفال المؤسسات التي تشغّل بشكل غير شرعي، بالإضافة الى التعاميم الصادرة للنيابات العامة، مع منح قرار السلطة الإدارية قوة تمنع إبطالها قضائياً، كما يمنع إبطال القرارات القضائية سوى قضائياً.
ما تكرر في الاجتماعين اللذين عقدتهما اللجنة لبحث ملف النزوح، كان التأكيد على ضرورة تواصل الحكومة اللبنانية مع السلطات السورية لتذليل العقبات التي تحول دون عودة النازحين الى بلادهم، وعلى ضرورة أن يعالج هذا الملف من ضمن خطة وطنية متكاملة.