كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
قضية إقامة ساتر ترابي على النهر الكبير الجنوبي، يحمي القرى والبلدات العكارية الحدودية من فيضانه، مشكلة حقيقية تؤرّق أهالي هذه القرى منذ سنوات.
في الشتاء الماضي، أدّى فيضان النهر إلى عزل قرى عكارية بعضها عن بعض، خصوصاً القرى الحدودية والتي تقع في السهل، وعُدّ أهالي السماقية وحكر الضاهري والكنَيسة والعريضة والمسعودية حينها بمثابة نازحين في بلدهم. ولأنّ الأيام والأشهر تمضي بسرعة، ولأنّ فصل الشتاء ما ينتهي حتى يعود، فإنّ تخوّف الأهالي من أن يكون الشتاء المقبل، مثل سابقه أو أقسى، والخوف من التبعات ما زال قائماً.
يحتاج مجرى النهر الكبير الجنوبي إلى أمرين عاجلين: الأول والأهمّ، بناء ساتر ترابي يمنع المياه من اجتياح الأراضي والمنازل في القرى المجاورة عندما يفيض النهر، وذلك أسوة بما فعل الجانب السوري في القسم المشترك للنهر الموجود داخل حدوده. والأمر الثاني، وجوب تعزيل مجرى النهر من الأعشاب والأوساخ والأتربة، خصوصاً عشبة «رجل البطة» التي تكاد تسدّ مجراه، من جانب حكر الضاهري تحديداً.
هذه المسائل طرحتها فاعليات وبلديات هذه القرى مع وزير الطاقة والمياه وليد فياض، في انتظار زيارته عكار علّه يعلن الحل في هذا الشأن. وحصلت الزيارة أمس، لكنها لم تحمل الحل النهائي الذي انتظره الأهالي لمسألتيّ الساتر الترابي والتعزيل معاً. فالوزير فياض أعلن بدء تعزيل مجرى النهر، وسمّى الشركة المتعهّدة، لكنّه لم يعلن إقامة الساتر الترابي، بالرغم من أنّ نواباً وعدداً من رؤساء بلديات منطقة سهل عكّار ذكّروا مجدّداً بهذا المشروع وبأهميته، في مداخلاتهم التي سبقت كلام الوزير في نهاية جولته العكارية عندما التقاهم في قاعة الحيصة العامة.
أما في شأن طلب بعض رؤساء بلديات القرى الحدودية ضرورة التنسيق مع الجانب السوري لعدم تحويل مياه النهر في اتجاه بلداتهم حتى إقامة الساتر، فقد أعلن فياض أنه سيزور سوريا للبحث في مسألة الأنهر والمياه، مؤكداً أنّ التنسيق مع الجانب السوري قائم والاتصالات مستمرّة في هذا الشأن. صحيحٌ أنّ وزير الطاقة لم يقفل الباب أمام مشروع إنشاء الساتر الترابي للنهر الكبير الجنوبي، إلا أنه لم يقل إنّ المشروع سينجز قريباً، بل أعلن أنّ مشروع التعزيل سيشمل نهر اسطوان، كما سيشمل النهر الكبير الجنوبي، وذلك خلافاً لما كان بعض البلديات يعتقد، غير أنّ موضوع الساتر الترابي ظلّ مؤجلاً. تجدر الإشارة إلى أنّ النهر الكبير الجنوبي هو نهر مشترك بين لبنان وسوريا، وقد أقام الجانب السوري ساتراً من جهته اعتباراً من عام 2011، ويطالب أهالي القرى الحدودية ببناء ساتر من الجانب اللبناني، وذلك منذ ما قبل عام 2011، لكن الحكومة اللبنانية لا تزال تماطل، على الرغم من أنّ فيضان النهر الكبير وارتفاع منسوب مياهه يؤدّي إلى خسائر فادحة سنوياً، سواء في الأراضي والمزروعات، أم في المنازل والطرقات.