Site icon IMLebanon

لا رقابة لحماية المستهلكين وزيادة العائدات الضريبية

كتب صادق علوية في “الاخبار”:

درس مجلس الوزراء اقتراحاً مقدماً من الجمارك يقضي بإعفاء المستوردين من إبراز بيان التصدير، من دون الاطلاع على رأي وزارة الاقتصاد من جهة، وفي ظل تفلّت الأسعار والتهرّب الضريبي من جهة ثانية، من دون تقديم أي بديل يمكّن من تحقيق أي رقابة على البضائع الواردة سواء من قبل الجمارك أو وزارة الاقتصاد. واستندت الحكومة الى اتفاقية منظمة التجارة العالمية رغم ان لبنان لم يصبح عضواً فيها بعد. المؤسف في لبنان أن المواطن الذي يتابع القرارات والمراسيم الحكومية يجد صعوبة في تقفي أثر المعلومة لسبب بسيط، وهو ضياعه بين الأسباب الموجبة للقرار ومتن القرار وبناءاته، فتمرّ الحقيقة من تحت عينيه من دون أن يدري. لذلك قامت «القوس» بتحليل هذه القوانين والمراسيم لتوضيح الهدف من إلغاء بيان التصدير الجمركي

في 26/4/2024 طلبت وزارة المالية، بناء على اقتراح من الجمارك، الموافقة على مشروع مرسوم يرمي إلى إلغاء المادة السابعة من المرسوم 7026/2020 التي تفرض ضم نسخة عن بيان التصدير الأجنبي الى البيان الجمركي للسماح بإدخال البضائع المستوردة من أي بلد كان.

الطلب جاء من نقابة مخلّصي البضائع وتجمع شركات النقل السريع في لبنان وفقاً لما أبلغت به المالية مجلس الوزراء، بحجة تعذر تأمين بيان التصدير الأجنبي عندما تكون الإرسالية واردة مع شركات النقل السريع لأن عملية التصدير إلى البلد المقصد تتم بشكل إجمالي مرفقة ببيان تفصيلي وليس هناك بيان تفصيلي لكل إرسالية، كما أنه في عمليات التجارة المثلثة عندما يكون البائع وسيطاً في غير بلد التصدير، يتعذر بشكل كلي الحصول على بيان التصدير لأسباب سرية التجارة بين المصنع والبائع، علماً إن القيمة المصرح عنها في هذه الحالة تفوق قيمة التصدير من المصنع. كما أن بيانات التصدير الألمانية لا تتضمن قيمة البضاعة، والإرساليات المشحونة من الولايات المتحدة الأميركية لا ترفق بها بيانات تصدير على الإطلاق وفقا لما أفادت به الجمارك.
لم يوافق مجلس الوزراء على الاقتراح، وقرر تأجيل البحث في الموضوع. لكن اللافت أن هذا الأمر يجري بحثه من دون الاطلاع على رأي وزارة الاقتصاد. ولكن، ما هي حكاية هذا البيان؟

الدور المغيّب لوزارة الاقتصاد
بناء على القانون الصادر في 8/12/2006 (إلغاء المرسوم الاشتراعي رقم 31 تاريخ 5/8/1967 المتعلق بمكافحة الإغراق واستبداله بـ «قانون حماية الانتاج الوطني»)، صدر المرسوم التنظيمي لهذا القانون بموجب المرسوم رقم 1204 تاريخ: 18/03/2008 الذي نصّ بموجب المادة 2 على أن وزارة الاقتصاد والتجارة تعنى باتخاذ كافة التدابير والإجراءات لتنفيذ أحكام قانون حماية الإنتاج الوطني الصادر بتاريخ 08/12/2006 ومرسومه التنظيمي، وأنشأ في وزارة الاقتصاد والتجارة – المديرية العامة للاقتصاد والتجارة – جهازاً لحماية الإنتاج الوطني يرتبط مباشرة بالمدير العام بموجب قرار يصدر عن وزير الاقتصاد والتجارة، على أن يتلقى الجهاز الشكاوى المتعلقة بمكافحة الإغراق والدعم والتزايد في الواردات التي ترد من الصناعة أو الزراعة المحلية أو من ينوب عنها ويتولى أمر تسجيلها وإتمام عمليات التبليغ والنشر وأية أعمال أخرى.
عندما تجد هيئة التحقيق المنصوص عنها في القانون أن شروط فرض رسوم مكافحة الإغراق قد استوفيت، تعد تقريرا بذلك وترفعه إلى وزير الاقتصاد والتجارة ليرفع بدوره الأمر إلى مجلس الوزراء، فيحدد رسم مكافحة الإغراق بقرار يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الاقتصاد والتجارة، وبعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للجمارك، يوضع موضع التنفيذ بموجب قرار يصدر عن المجلس الأعلى للجمارك طبقا لمضمون المادة 7 من المرسوم رقم 4461، تاريخ 15 كانون الأول 2000 (قانون الجمارك)، وينشر في الجريدة الرسمية، وعند الاقتضاء، في وسائل الإعلام الوطنية الأخرى، بما فيها الوسائل الإلكترونية، لذلك يقتضي أن تكون الوزارة في الواجهة وليس وزارة المالية أو الجمارك منفردين.
وكانت الإجراءات المتخذة بهدف حماية بعض المنتجات الوطنية قد وضعت بناء على اقتراحات من وزارة الاقتصاد. وقررت الحكومة عام 2019 فرض بعض الإجراءات بهدف حماية بعض المنتجات الوطنية، ففرضت رسوما إضافية على الرسم المطبق والنافذ حينذاك، وعدّلت تعريفة الرسوم الجمركية وفقا للنظام المنسق لعدد من المنتجات المحددة في متن القرار، بناء على اقتراح من وزارة الاقتصاد والتجارة
بموجب المادة 59 من قانون الموازنة العامة للعام 2019 القانون 144/2019 تم فرض رسوم نوعية على البضائع المستوردة لتحقيق الهدف نفسه، حيث نصت على فرض رسم مقطوع قدره 3% على المستوردات الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة باستثناء مادة البنزين والمعدات الصناعية والمواد الاولية المستعملة للصناعة والزراعة والمستوردات العائدة للقوى العسكرية والامنية، على أن تحدد المعدات والمواد الاولية المشار اليها اعلاه بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزراء المالية والصناعة والزراعة والاقتصاد والتجارة.
وفي عام 2019 أيضاً صدر مرسوم يحمل الرقم 5674/2019 يرمي إلى إعفاء بعض الاصناف من رسم 3% الذي اقر بموجب المادة 59 من قانون موازنة العام 2019، وهكذا اختلط الإعفاء بالفرض.
ولتحقيق الغاية نفسها، تم تعديل تعريفة الرسوم الجمركية وفقا للنظام المنسق لفرض رسوم اضافية لمدة خمس سنوات بهدف حماية بعض المنتجات الوطنية وإعفائها من الرسم المقطوع 3%.
وبموجب المرسوم رقم 7026 تاريخ: 15/10/2020 في مادته السابعة الذي عدّل المادة الرابعة من المرسوم رقم 5497، تاريخ 23 آب 2019، ألزم إدارة الجمارك بعدم السماح بإدخال البضائع المستوردة من أي بلد ما لم يضم الى البيان الجمركي نسخة عن بيان التصدير الأجنبي، على أن تحدد دقائق تطبيق هذه المادة وفق الأصول المحددة في قانون الجمارك.

لبنان ليس عضوا في منظمة التجارة العالمية
لم يكتسب لبنان لغاية تاريخه العضوية في المنظمة، بل هو عضو مراقب، وهي الصفة التي حازها فور تقديمه طلب الانضمام، علما ان الانتساب الى المنظمة ونيل صفة عضو يخضع لعملية تفاوضية طويلة بين الحكومة والدول الأعضاء، تُعطى بموجبها الدولة طالبة الانتساب صفة المراقب بهدف التعرّف على ممارسات المنظمة ومتطلبات الانضمام لمراجعة السياسات التجارية، وتُجرى خلالها عملية لتقصي الحقائق للتأكد من أن البلد يطبق أحكام الدول الأعضاء. ومن المعروف ان الدولة المراقب تبدأ بتغيير وتعديل قوانينها وأساليب عملها بصورة اختيارية وغير إلزامية لنيل العضوية الكامل ، مع الإشارة أن شروط العضوية عبارة عن تنازلات لا محدودة لا تراعي مصالح الدول النامية.

الإدارات لا تريد الرقابة
عام 2019 تم تعديل قانون التجارة البرية الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 304 تاريخ 4/12/1942 وتعديلاته، وإضافة أحكام جديدة عليه، وتعديل المادة 844 من قانون الموجبات والعقود بموجب القانون رقم 126 تاريخ 29/03/2019. هذا التعديل نص بشكل أساسي على مكننة عمليات السجل التجاري، وكان الهدف وضع مهلة زمنية للنشر الكترونياً، للوصول الى الفوترة الالكترونية، الا ان الظاهر أن الإدارات المعنية من جمارك ووزارة العدل أو الاقتصاد لا ترغب بتطبيق القانون لرفع مسؤوليتها في الرقابة.

المستندات الواجب إبرازها عند الاستيراد
بموجب قرار المجلـس الأعلى للجمارك رقم 172 تاريخ: 13/12/2022 فإن المستندات الواجب إرفاقها بالبيان التفصيلي عند الاستيراد هي التالية:
أ ــ الفواتير الأصلية.
ب ــ لوائح الإفراد التفصيلية إذا كانت الفواتير غير متضمنة التفاصيل الكافية.
ج ــ نسخة عن بوليصة الشحن أو ما يقوم مقامها.
د ــ نسخة عن مستند التصدير الـمنظم في البلد الذي شحنت منه البضائع الى لبنان، وذلك في حالات الشحن البري.
هـ ــ التصريح الخاص المتعلق بعناصر القيمة، وفقاً للنموذج المعتمد اداريا لهذه الغاية والـمرفق طيا مع دليل استعماله.
و ــ شهادة المنشأ وفقا لأحكام قانون الجمارك وللاتفاقيات الثنائية أو الجماعية المعقودة مع لبنان.
ز ــ شهادة تحليل أجنبية لكل إرسالية من الحديد المعد للبناء إضافة الى نسخة عن بيان التصدير الأجنبي.
ح ــ نسخة عن بيان التصدير الأجنبي للبضائع المستوردة من أي بلد كان، باستثناء:
الإرساليات التي يطلب بصددها الاستفادة من المعاملة التفضيلية بموجب أحكام الإتفاقيات التجارية أو أي معاملة خاصة أخرى.
السيارات والآليات.

المشتقات النفطية
الحالات التي يصرف النظر فيها عن تقديم الفاتورة الأصلية والمحددة في الفقرة الرابعة من مذكرة المجلس الأعلى للجمارك.
البضائع المعفاة من الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة، كافة، بموجب النصوص القانونية المرعية الإجراء.

غرامات هزيلة لمخالفة أحكام الاستيراد والتصدير
تضمن المواد 421 وما يليها من قانون الجمارك، جزاءات نقدية هزيلة لا تردع ولا تقمع المخالفين، ولم يلجأ القيمون على الجمارك الى تعديلها رغم هزالتها، رغم أن هناك جزاءات إضافية تبلغ أضعافا من الرسوم المتوجبة، ومنها على سبيل المثال جزاء نقدي قدره مئة الف ليرة لبنانية في حال:
استيراد او محاولة استيراد بضائع معفاة من الرسوم بطريقة التهريب او من دون مانيفست او من دون بيان جمركي.
تصدير او محاولة تصدير بضائع معفاة من الرسوم، من دون بيان او بطريقة التهريب.
البيان الكاذب في الجنس او النوع او الصفة او المنشأ او الكمية او القيمة لبضائع معفاة من الرسوم، او الذي لا يعرّض للضياع رسماً ما.
عدم وجود مانيفست لدى الاخراج او عدم تقديم مانيفست الاخراج للجمرك والزيادة او النقص في الطرود المذكورة في مانيفست الاخراج والمتحقق منه بعد الشحن.
كل نقص او خطأ او إغفال في ذكر الدلالات او المعلومات التي يجب ان تتضمنها المانيفستات او المستندات التي تقوم مقامها.

ورغم ان مبلغ الجزاء النقدي المنصوص عليه في المادة 421 بقطع النظر عن المصادرات النظامية، يحدد في حالة حجز البضائع ووسائل النقل والاشياء التي استعملت لاخفاء الغش:
اذا كانت البضائع والاشياء غير ممنوعة او غير مقيّدة او غير محتكرة: بمبلغ يعادل مثلي الرسوم الى ثلاثة امثالها.
اذا كانت هذه البضائع خاضعة لرسوم باهظة: بمبلغ يعادل ثلاثة امثال الرسوم الى اربعة امثالها.
اذا كانت هذه البضائع ممنوعة او محتكرة: بمبلغ يعادل مثلي القيمة الى ثلاثة امثالها، بما فيها الرسوم الجمركية.
اذا كانت هذه البضائع مقيدة: بمبلغ يعادل القيمة الى مثليها، بما فيها الرسوم الجمركية.

جزاء الكذب في البيانات
تستهدف لفرض جزاء نقدي معادل لمثلي الرسوم المطلوبة إلى ثلاثة أمثالها، المخالفات التالية:
البيان الكاذب الذي يرمي إلى الحصول، بدون حق، بأية طريقة كانت، على استرداد غير قانوني او غير نظامي، لكامل الرسوم الجمركية او لجزء منها، حتى ولو كانت هذه الرسوم مودعة تأميناً.
البيان الكاذب في الجنس او النوع او الصفة او العدد او الكمية او القياس او الحجم او الوزن او المنشأ، الذي يرمي الى الحصول على استرجاع رسم يتجاوز الرسم الذي يحق استرداده.
البيان الكاذب في القيمة، الرامي إلى الحصول على استرداد رسم يتجاوز الرسم الذي يحق استرداده، إذا كانت القيمة المصرح بها تزيد بنسبة 1/20 او أكثر عن القيمة التي يحددها الجمرك.