Site icon IMLebanon

إلى ممثل مفوضية اللاجئين: كفى مماطلة وتسويف‎

كتب مازن خطاب في “اللواء”:

يتحمّل لبنان عبء وجود نحو مليونيّ لاجئ سوري على أراضيه بينما تظهر بيانات مفوضية شؤون اللاجئين أن المسجلين لديها حوالي ٨٥٠ ألف، أي أنّ قرابة مليون وربع المليون منهم موجودون بشكل غير شرعي. وقد أعلن ممثل المفوضية إيفو فرايسن انّ المفوضية لا تعوق عودة اللاجئين إلى سوريا بل تدعم عودتهم الطوعية والآمنة، إلّا أن اللبنانيين يشعرون بتقصير فادح في تعاطي المفوّضية مع سياسة العودة خلال ١٣ عاماً من اللجوء السوري العشوائي الى لبنان، وأنّها حالت دون عودتهم الجماعية عبر إثارة مخاوفهم وحثّهم على انتظار ظروف مناسبة للعودة.

الى السيّد فرايسن، الضيف في لبنان، سئمنا نحن اللبنانيّون من تعاطيكم مع مخاوفنا باستهتار في ظلّ ارتفاع عدد الجرائم التي يرتكبها اللاجئون والتي تتراوح بين التجسس والقتل والاغتصاب والاعتداء المسلح والسرقة والمتاجرة بالمخدرات والتهريب، والمفارقة أن مرتكبي الجرائم يحاولون الفرار الى سوريا هرباً من ملاحقتهم في لبنان. ناهيكم عن الخوف من تسليح المخيمات السورية لأن أكثرية السوريين مدرّبون على السلاح خلال خدمتهم الإجباريّة في الجيش السوري.

لن نقبل يا سيّد فرايسن أن نُلقّن ما يجب فعله على أرضنا، ولا التهويل الذي يمارس علينا لتكبيلنا بينما ينهار لبنان تحت وطأة اللجوء والوافدين غير الشرعيين، في حين يقوم المجتمع الدولي والدول الأوروبيّة بعقد الصفقات المشبوهة للحؤول دون طرق اللاجئين أبوابها وخشية من تفاقم أزمة اللجوء لديها ولو كان ذلك على حساب اللبنانيّين. واليوم جاء دورنا لنقول لمفوّضيّة اللاجئين وللمجتمع الدولي ما يجب عليهم فعله، فأصغوا جيّداً:

أولاً – عليكم وقف الدعم عن كل شخص يقع لجوئه تحت خانة اللجوء الاقتصادي، لأن عدداً كبيراً من اللاجئين شاركوا في إعادة انتخاب الرئيس السوري ومنهم من يزور سوريا بشكلٍ دوري. ويسعى الكثير منهم للاستفادة من تقديمات المنظمات الأمميّة والدولية الى جانب القيام بأعمال تجارية خاصة، وقد استغلّوا النظام الأممي لهذه الغاية. ونذكّركم بالشرعة الأمميّة التي نصّت على أنّ كل من يغادر بلده لمجرّد أسباب اقتصادية أو شخصية، فلا توجد أسباب كافية للاعتراف به كلاجئ أو شخص بحاجة إلى حماية فرعية وبالتالي لن يُمنح حق اللجوء.

ثانياً – عليكم الضغط على معرقلي العودة من قوى الأمر الواقع في سوريا، والعمل مع الحكومة السوريّة لمعالجة مخاوف اللاجئين التي تعيق عودتهم الجماعية، وتجهيز مناطق آمنة في سوريا لعودتهم، بغضّ النظر عن ربط النظام السوري بين إعادة الإعمار في سوريا وعودة اللاجئين.
ثالثاً – عليكم بردع العاملين لديكم من إثارة مخاوف اللاجئين من العودة الى سوريا عند الاتصال بهم لسؤالهم عن رغبتهم في العودة، والتهويل بالصعوبات المحتملة التي قد تواجههم، بما في ذلك احتمال تجنيدهم في الجيش السوري أو القاء القبض عليهم، وتخويفهم بعدم قدرة الأمم المتحدة على تقديم الدعم لهم في بعض المناطق السورية.

رابعاً – عليكم بزيادة الدعم المالي واللوجستي والإنساني داخل سوريا للمجتمعات التي تستقبل اللاجئين العائدين، ووقف كلّ دعم مباشر للاجئين داخل لبنان. كما عليكم دعم المجتمعات اللبنانيّة المضيفة الى حين عودة اللاجئين الى بلدهم.

خامساً – عليكم باحترام قرار لبنان بإعادة اللاجئين السوريين الى بلدهم لأنّ ذلك مرتبط بأمنه القومي واستقراره، خصوصاً ان العدد الأكبر منهم موجود في لبنان بصورة غير شرعيّة، مع العلم أنّ مذكرة التفاهم الموقعة بين الأمن العام اللبناني والمكتب الإقليمي للمفوضية عام ٢٠٠٣، والتي تريدون التنصّل منها وإبطال مفعولها، تقضي بإعادة أيّ شخص دخل لبنان بطريقة غير شرعية ولم يتقدم بطلب لجوء لدى مكتب المفوضية بعد انقضاء شهرين على دخولهم لبنان إلى موطنهم الأصلي. كذلك يحقّ للسلطات الأمنية اللبنانيّة إخراج اللاجئين من البلاد في حال مخالفتهم القوانين وارتكابهم جرائم كالتي نشهدها اليوم.

سادساً – عطفاً على النقطة السابقة، عليكم بالمسارعة في نقل جزء من اللاجئين وتوطينهم في «بلدان ثالثة»، عملاً بالاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لسنة ١٩٥١ التي رعتها الأمم المتّحدة، لأنّ لبنان الذي لم يوقّع على الاتفاقيّة لا يقبل بتوطين اللاجئين السوريّين على أرضه، كما أنّ مذكّرة ٢٠٠٣ أكّدت بصراحة أن لبنان غير مهيأ ليكون بلد لجوء وهو بلد عبور فقط.

ختاماً، نقترح على المفوضية والدّول الأوروبية من خلفها، التي صدّعت رؤوس اللبنانيّين بحماية حقوق اللاجئين ووجوب انتظار ظروف مناسبة لعودتهم الى سوريا، أن تستقبلهم في بلدانها ريثما يتبلور حلّ سياسي واضح لأزمتهم يكون مقبولاً بحسب المقاييس الأوروبيّة، وإلّا فليفسحوا المجال للبنان من أجل إعادتهم الى سوريا سريعاً، لأنّ كلّ تأخير أو تسويف سيؤدي حكماً إلى تأجيج مشاعر الغضب والكراهيّة تجاه اللاجئين والاستياء تجاه المنظمات الدوليّة الداعمة لهم، ويؤدي إلى انفجار اجتماعي لا يُحمد عقباه.