كتبت فاتن الحاج في “الاخبار”:
على مسافة نحو شهر ونصف شهر من امتحانات الثانوية العامة، لا يزال المرشحون للاستحقاق الرسمي ينتظرون الكلمة الفصل حول ما سُمّي بـ «تسهيلات إضافية» لطلاب القرى الحدودية، وما إذا كانت ستطال بقية الطلاب المرشحين، بما أن وزارة التربية قررت الامتحانات الموحدة لكل لبنان على قياس الجنوب الذين أمضوا العام الدراسي على وقع العدوان الإسرائيلي والتهجير.حتى الآن، تتخذ مقاربة الملف أبعاداً أمنية وخدماتية ومناطقية بناءً على اجتهادات المكاتب التربوية، فيما يغيب البُعد التربوي للواقع التعليمي للطلاب، في البلدات الحدودية خصوصاً، والذي يستطيع المركز التربوي للبحوث والإنماء دون غيره تفنيده بالأرقام، بناءً على دراسة ميدانية يُفترض أنه استكملها في هذا المجال بتكليف من وزير التربية عباس الحلبي ولم ينشر نتائجها. رئيسة المركز التربوي هيام اسحق أكدت لـ «الأخبار» أن المركز سيرفع تقريره إلى الوزير من دون أن تفصح عن أي تفاصيل.
في الانتظار، ليس معروفاً بعد وفقاً لأي معيار ستجري امتحانات طلاب القرى الحدودية، وماهية «التسهيلات» (وهي في الواقع كلمة مطاطة) التي ستُعطى لهم، وما إذا كانت ستقتصر عليهم دون غيرهم، وإمكانية اعتماد مراكز منفصلة أو أسئلة امتحان مختلفة، ما ينسف فكرة الامتحانات الموحّدة التي خيضت معركة من أجلها، ويرجّح من جديد خيار التدبير الخاص الاستثنائي. وعموماً، بات الوقت ضيقاً جداً، ويترقب الطلاب اتضاح الرؤية ليستطيعوا وضع برنامج التحضير لامتحاناتهم.
وكان عضو كتلة التنمية والتحرير النائب أشرف بيضون ومسؤول المكتب التربوي المركزي في حركة أمل علي مشيك وبعض أعضاء المكتب سارعوا، بُعيد تكليف الحلبي، للتواصل مع المركز التربوي من أجل تصويب الدراسة باتجاه 24 ثانوية رسمية وخاصة في القرى الحدودية تأثر طلابها بشكل أساسي بالحرب الدائرة مع العدو الإسرائيلي، وأُقفلت مدارسهم وانتقلوا إلى التعليم عن بُعد، لإجراء تقييم دقيق ورفع تقرير بشأنها إلى وزير التربية. وقال بيضون لـ«الأخبار» إن المركز استكمل دراسته وأجريت لقاءات عبر تطبيق «زووم» بين أساتذة المواد التعليمية في الثانويات المقفلة ومنسّقي المواد في المركز التربوي، نافياً أن يكون هناك توجه نحو التدبير الخاص، «إنما سيحظى الطلاب الذين تعلموا عن بُعد بإجراءات استثنائية لعدم القدرة على المساواة بين التعليم الحضوري والتعليم أونلاين»، جازماً بأنه «لن تكون هناك تقليصات إضافية لجميع طلاب لبنان، إنما الجهد الذي يقوم به المركز التربوي في الآونة الأخيرة ينصبّ باتجاه طلاب الثانويات المتضرّرة فقط».
ألا يعني ذلك نسف الامتحانات الموحّدة وإجراء تقييمين مختلفين وإعطاء شهادتين مختلفتين؟ يجيب بيضون: «أبداً، هذا ليس وارداً، ستكون هناك معايير موحدة ومسابقات موحدة وفي المواعيد نفسها، وستكون هناك مراعاة استثنائية ضمن الامتحانات الموحدة»، مؤكداً أن الوزارة «لن تخطو خطوة إلى الوراء، إنما ستعمل على هذه الجزئية الصغيرة فقط لتأمين العدالة بين الممتحنين». وعما إذا كانت هناك نية لتطيير الامتحانات كما أشيع أخيراً على قاعدة «لا امتحانات في الجنوب يعني لا امتحانات في كل لبنان»، أجاب بيضون بأن «هذا الكلام لا يعدو كونه تكهنات صحافية»، مشدداً على أن «خوض الامتحانات على مستوى كل لبنان هو أبرز وجه للمقاومة التربوية في وجه الاعتداءات الإسرائيلية».
غير أن هذه الوعود لم تحجب أصوات طلاب في القرى الحدودية بدؤوا ينظمون صفوفهم في مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي وأنشؤوا مجموعة وقناة على «واتساب» ونشروا فيديوهات على موقع «اكس» لمتابعة قضيتهم. وبدأت هذه الحركة مع خمسة طلاب في «ثانوية المربي محمد فلحة الرسمية» في ميس الجبل وانضم اليهم 855 طالباً من ثانويات رسمية وخاصة. وتؤكد مصادرهم أن الأوضاع الاستثنائية أعاقت وصولهم إلى التعليم، وحالت دون إنجاز البرامج، فيما تحوّل ظروف النزوح دون تمكّنهم من التحضير للاستحقاق. كما أن قسماً غير قليل منهم لم يلتحق بالتعليم سواء حضورياً أو عن بعد ويطالب اليوم بالإفادات، فيما يؤكد القسم الآخر أن وضعه النفسي والمالي يستدعي تخصيصه بامتحانات مختلفة تعتمد على تقليص إضافي للمناهج وعلى طرح خاص للأسئلة ذات الخيارات المتعددة للأجوبة مثلاً. وسيطلب الممتحنون في القرى الحدودية، في المرحلة الثانية، اجتماعاً عبر «زووم» مع وزير التربية بحضور الإعلام لشرح كل هذه الهواجس، وسيلجؤون إلى التظاهر في الشارع بمشاركة أهاليهم إذا لم يجر التجاوب مع مطالبهم.