كتبت كارول سلوم في “اللواء”:
أما وقد سلكت توصية «النزوح السوري» طريقها في مجلس النواب بعدما رتبت بنودها بشكل متكامل، فإن تطبيقها والإشراف عليها ينتظران السلطة التنفيذية التي سبق لها أن درست هذا الملف وأقرت إجراءات وكلفت وزراء وغير ذلك. فأي تغيير من شأنه أن يطاول التعاطي مع هذا الملف بعد التوصية، فهل من شأن الضغوطات المحلية أن تزداد كي تتم العودة للنازحين؟ أو هل كان مطلوبا أن يعكس النقاش فيه داخل البرلمان اجماعا على المعالجة؟ لقد جاءت هذه التوصية متزامنة مع إجراءات بحق المخالفات مع غياب مستندات شرعية للنازحين.
يعتقد البعض ان الحراك الذي حصل في هذا الملف تأخر ولولا إشكالية الهبة الأوروبية، لما احتلت هذه القضية حيزا من البحث في مجلس النواب، على أن هناك قوى سياسية لم تتخل عن مبدأ المطالبة بمعالجة النزوح واقفال المعابر غير الشرعية والترحيل والعودة الآمنة، وبالتالي لا يمكن اعتبار أن الأمر بمثابة «استفاقة».
ولا يمكن القول أن التجاذبات التي اعتبرت هذا الملف بين الوزراء وأصحاب الاختصاص حول هوية من يعهد إليه الملف لم تؤخر تفاصيل الإجراءات العملانية بعض الشيء، وفي كل الأحوال فإن متابعته من قبل الحكومة والأجهزة المعنية محور تقييم ما بعد هذه التوصية.
في غضون ذلك، تتطلق الحركة في الملف الرئاسي لاسيما أن ملف النزوح أصبح خاضعا لمجموعة نقاط في التوصية ويستدعي العمل عليه خارجبا ومع الجانب السوري. إنما لا شيء جديدا في الرئاسة وحرب الجنوب والتصعيد المتواصل قد تحجب أي نشاط جدي حوله. وفي تقدير مصادر سياسية مطلعة لصحيفة اللواء فإن اللجنة الخماسية التي حطت في دارة السفيرة الأميركية لم تأت على ذكر أية معطيات جديدة وأبقت قنوات التواصل قائمة مع الافساح في المجال أمام دعم أي معطى من شأنه أن يخرق الجمود الحاصل واختارت هذه اللجنة في بيان لها الحديث مجددا عن التشاور وجلسات الانتخاب المفتوحة الاستعجال لانتخاب الرئيس ،وتشير إلى أن سفراء اللجنة ركزوا كما في المرات السابقة على أهمية «المسعى المحلي» وانتخاب الرئيس كي يكون لبنان حاضرا في أي تسوية مقبلة، دون الإفصاح عن خطوات جديدة لها باعتبار ان الأمر مرهون بالنشاط المحلي أي المشاورات المحدودة النطاق والمدة بين الكتل السياسية وتهدف إلى تحديد مرشح متفق عليه على نطاق واسع أو قائمة قصيرة من المرشحين للرئاسة وفور اختتامها يذهب النواب إلى جلسة انتخابية مفتوحة في البرلمان مع جولات متعددة حتى انتخاب رئيس جديد، معلنة أن هذا البيان قد لا يعد جديدا إنما كان لا بد منه لحض القوى المحلية على إجراء محاولة جدبدة من خلال التشاور، وليس معروفا إذا كان هذا الكلام هو الأخير للجنة، بعدما وضعت في بيانها المطول سقفا زمنبا لانتخاب الرئيس في نهاية شهر ايار الحالي، وهنا يدور سؤال عما إذا كان هذا البيان يلقى الصدى المطلوب وسط مراوحة محلية ومحركات رئاسية غير «شغالة» كما يجب.
وبالعودة إلى توصية النزوح، فإن المصادر ترى أن الخطوات التنفيذية لها بيد الحكومة والجهات المعنية، ومن هنا فإن الحكومة ورئيسها قد يعملان على دحض الاتهامات لجهة أن لا رغبة لديهم بإعادة النازحين، لكن من غير المعروف كيف تتم ترجمة ذلك على أرض الواقع وسط عوائق لوجيستية ولاءات أوروبية ودولية. فالبداية ما بعد جلسة مجلس النواب، التحرك في القمة العربية في البحرين ومن ثم اجتماع مرتقب لمجلس الوزراء للانطلاق ببعض الأمور وعدم التلكؤ، لكن المصادر نفسها تسأل: ماذا يمنع أن يتكرر مشهد تراجع الحراك في ملف النزوح وهناك عدة امثلة على تزخيمه ومن ثم جعله «خافتا» ؟ وتستدرك قائلة أن هناك مسؤولية للحكومة باعتبار ان عليها الاخذ بأي توصية تصدر عن مجلس النواب كونه ممثل الشعب، اما مصير الهبة فبقي معلقا إلا إذا تقرر السير به.
وفي هذا السياق، يشير الخبير الدستوري سعيد مالك لـ«اللواء» إلى أن مجلس النواب ومن ضمن الصلاحيات المناطة به بحكم الدستور والنظام الداخلي للمجلس تاريخ ١٨/١٠/١٩٩٤ المعدل، إصدار التوصيات و قد حصل وإن اصدر أكثر من توصية في أكثر من مناسبة مع الإشارة والتأكيد أن التوصية النيابية ليس لها قوة إلزامية للحكومة إنما لها قوة اعتبارية وارشادية لا أكثر ولا أقل، ولكن أن حازت التوصية على مجموع مجلس النواب أو الجزء الأكبر من تكوين مجلس النواب يكون لها إلزام اعتباري أو إلزام معنوي للحكومة. اليوم يفترض على الحكومة الأخذ بأي توصية تصدر عن مجلس النواب كونه ممثل الشعب والمجتمع الذي يجب أن تحترم الحكومة توجهاته وتطلعاته حول أي إشكالية يمكن أن تقع، فصحيح أنها دستورية غير ملزمة ولكن يبقى للتوصية قوة اعتبارية كبيرة يفترض احترامها.
وترى المصادر أنه لا بد من ترقب كيفية تعاطي الحكومة في جلساتها المقبلة والآلية التي قد تقررها للسير بكل النقاط المتصلة بالنزوح ومراجعة القرارات السابقة والتشدد فيها وإطلاق نوع من قوة ضغط وتكثيف الاتصالات مع المعنيين.
يعود ملف النزوح مجددا إلى الحكومة مع توصية برلمانية، فهل حان موعد إنهائه هذه المرة أم يركن في الرف بعدما تهدأ الحملات حوله؟