كتب يوسف فارس في “المركزية”:
يتزامن ارتفاع منسوب القلق من توسع القتال ما بين لبنان واسرائيل مع تبدل واضح في الاهتمامات الدولية، حيث احتل الموضوع الامني صدارة المشهد لبنانيا بعدما ظهر من حراك سفراء الخماسية صعوبة في الوصول الى تفاهم على اجراء الاستحقاق الرئاسي وباتت الاولوية التي توليها الولايات المتحدة الاميركية كما فرنسا هي لتطبيق القرار 1701 وارساء الاستقرار على الحدود الجنوبية.
الموضوع الذي كان محور لقاءات رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزاف عون في باريس من المسؤولين يتقدمهم الرئيس ايمانويل ماكرون الذي ارسل وزير خارجيته ستيفان سيجورنيه الى المنطقة ولبنان اخيرا، من دون ان يحمل جديدا غير ما نقله ميقاتي الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري ومن خلاله الى حزب الله وفيه كلام عالي السقف عن خطر جدي وحقيقي يتهدد لبنان خصوصا وان المناخات الاميركية باتت اكثر تشاؤما ازاء امكانية منع حكومة نتنياهو من تنفيذ ضربة قاسية الى لبنان وحزب الله اذا لم يقتنع بفصل جبهتي الجنوب وغزة في ظل انعدام قدرة باريس على التأثير في الموقف الاسرائيلي. ولهذا حض الفرنسيون ميقاتي على اقناع بري للتأثير على حزب الله للسير بالخطة الفرنسية الموضوعة على الطاولة لوقف تدهور الاوضاع وكبح جماح المتطرفين في حكومة اسرائيل. اما الجديد، فكلام فرنسي عن عقوبات اميركية – اوروبية على مسؤولين لبنانيين اذا لم تصل الامور الى خواتيمها في الملفات العالقة جنوبا وكذلك رئاسيا.
يقول النائب التغييري ملحم خلف لـ”المركزية”: رغم هول ما يجري في غزة وعلى جبهة الجنوب يجب أن تبقى الالوية للملف الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية كخطوة اولى لاستعادة الدولة وانتظام الحياة العامة، لان من دون ذلك سيتم تغييب لبنان عن اي مفاوضات مقبلة بعد وقف الحرب تعيد ترسيم المنطقة وهنا الخطورة الاولى.
اما الخطورة الثانية، فتتمثل بقضية النازحين السوريين الى لبنان اسبابا ومسببات خصوصا مع توجه دولي او اوروبي على الاقل يرمي الى دمجهم في المجتمع اللبناني .هذا الملف يستدعي بدوره وجود رئيس للجمهورية يحمله الى العواصم والمنتديات الدولية لاطلاعها على حقيقة ما يمكن ان يواجهه لبنان من استمرار بقاء السوريين في ارضه على الصعد والمستويات الاقتصادية والامنية والاجتماعية، خصوصا في ظل تخبط وعجز حكوميين عن معالجة هذه القضية التي تتفاقم يوميا وتنذر بأفدح العواقب والاضرار.
الخطورة الثالثة ناجمة عن الهريان المستشري في إدارات الدولة ومؤسساتها بحيث بات يصح فيها القول “كل مين ايدو الو” لذا المطلوب عودة العمل الى المبادئ التشاركية التي قام عليها لبنان تحضيرا لمرحلة ما بعد غزة ولتحصينه في مواجهة الاخطار التي تتهدده وما اكثرها.