جاء في “الراي الكويتية”:
من بيروت إلى لاهاي مروراً بغزة، بدا أن جبهةَ الجنوب تنفلش، تعقيداتٍ وتَشابُكاتٍ، أضيف القانونيّ – الجنائيّ معها إلى المُجْريات العسكرية لحرب 7 تشرين الاول المرشّحة لمزيد من العصْف في رفح كما في «ساحة الإسناد» اللبنانية و«أخواتها» من مسارح «محور الممانعة».
وفيما كان الحَدَثُ الإيراني يهيْمن على المَشهد الإقليمي – الدولي ريثما يَنْجلي غبارُ ملابساتِ سقوط مروحية الرئيس إبراهيم رئيسي و«ما وراء» الانتقال المرتقب للسلطة في الأسابيع 7 المقبلة، رغم التأثيرات المحدودة المرتقبة لهذا الأمر على السياسات الإستراتيجية لطهران تجاه ملفات المنطقة – وأبرزها حرب غزة – وعلى أزماتها مع دول كبرى والتي يرسمها المرشد الأعلى و«الدولة العميقة»، لم يتراجع الاهتمامُ في بيروت بجبهة الجنوب وآفاقها والتي بدا أنها تَمَدّدتْ إلى «ميدان» جديد مع «البصمة اللبنانية» التي طبعتْ طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرئيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت وقادة حركة «حماس» يحيى السنوار، محمد ضيف وإسماعيل هنية.
وإذ تراجعتْ وتيرةُ المواجهات على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية نهار أمس، ليطغى تطوّران وقعا الاثنين واحدٌ في حمص حيث كُشف أن إسرائيل أغارتْ على منشآت لقوة الرضوان التابعة لحزب الله حيث قُتل أحد عناصره، والثاني في (قضاء) صور حيث أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل بغارةٍ قائد الوحدة الصاروخية بمنطقة الشاطئ في الحزب قاسم سقلاوي، فإنّ «بلاد الأرز» وجدتْ نفسها في واجهة التطور غير المسبوق الذي شكّله تقديم مدعي عام «الجنائية الدولية» كريم خان طلبات للدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة لإصدار أوامر إلقاء القبض على كبار قادة حماس وجناحها العسكري، ونتنياهو وغالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سياق أحداث «طوفان الأقصى» والحرب في غزة.
وفي حين كان طلب خان يشدّ العصَب الإسرائيلي ويوحّد ما فرّقته الحرب الكلامية بـ «السلاح الأبيض» بين نتنياهو وغالانت اللذين تَلاقيا على التنديد بالطلب «الخسيس والسخيف والفضيحة»، بالتوازي مع اعتبار «حماس» ما جرى «مساواة بين الضحية والجلاد»، برز دورُ محامية حقوق الإنسان البريطانية – اللبنانية أمل علم الدين في مسار الملاحقات الذي انطلق حيث ساعدتْ المحكمةَ في تقويم الأدلة التي أدت إلى اتخاذ المدعي العام فيها قرار طلب إصدار أوامر إلقاء القبض.
وقد طلب خان من علم الدين، زوجة نجم هوليوود جورج كلوني، الانضمامَ إلى لجنة خبراء «لتقييم الأدلة على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إسرائيل وغزة»، وهي أعلنت بعد صدور الطلب أنه «على الرغم من تنوع خلفياتنا الشخصية، فإن النتائج القانونية التي توصلنا إليها حظيت بالإجماع»، مشيرة إلى «مبررات معقولة للاعتقاد» أن السنوار وضيف وهنية متورطون في «احتجاز رهائن وأعمال قتل وجرائم عنف جنسي»، كما أن هناك «أسباباً معقولة للاعتقاد» بانخراط نتنياهو وغالانت في استخدام «التجويع أسلوباً للحرب والقتل والاضطهاد والإبادة».
ويُذكر أن لجنة الخبراء، ضمت إلى علم الدين كلاً من الرئيس السابق للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة القاضي تيودور ميرون، واللورد جاستيس فولفورد، وهو قاض سابق في المحكمة الجنائية الدولية، والبارونة هيلينا كينيدي، مديرة معهد حقوق الإنسان التابع لرابطة المحامين الدولية، وخبيري حقوق الإنسان والقانون الدولي داني فريدمان وإليزابيث ويلمشورست.