IMLebanon

بين الرئاسة المعطَّلة والعودة إلى الفدرلة

كتب صلاح سلام في “اللواء”:

لا رئيس جمهورية، ولا عشرين موفد رئاسي، ولا خمسين سفير عربي ودولي، يستطيعون فك أسر رئاسة الجمهورية اللبنانية، طالما بقي الأفرقاء اللبنانيون على حالهم من الرفض المطلق، ومن القطيعة الكاملة، ومن الإنقسامات العامودية والأفقية، ومن المعاندة المبالغة التي أوصلت الجميع إلى أعلى شجرات الأرز، في بلد جعل من شجرة الأرز رمزه الوطني.

ليس تفصيلاً أن تبذل خمس دول بارزة، عربية وأجنبية مساعيها الحميدة على مدى سنة ونصف السنة، لحثّ اللبنانيين على إنتخاب رئيس لدولتهم، والمساعدة على تدوير الخلافات المزمنة بين السياسيين، وتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء الحزبيِّين، والتوصل إلى صيغة تحفظ التوازنات الوطنية، وتحافظ على المعادلات الداخلية، والعمل على إستعادة الإستقرار المفقود، والعودة إلى الإزدهار المنشود.

الموفد الفرنسي لودريان جاء إلى بيروت، ليحرك المياه الراكدة في وساطته، وهو يدرك مسبقاً أن مهمته المتعثرة ستبقى أسيرة الخلافات اللبنانية ــ اللبنانية، ورهينة التطورات الإقليمية، خاصة الحرب الوحشية على غزة، ومضاعفاتها على الجنوب اللبناني.
لا ضرورة أن يكون الموفد الفرنسي مقتنعاً بمبرر ربط الإنتخابات الرئاسية بالحرب الإسرائيلية على غزة، ولكنه مضطر أن يُسلّم بالأمر الواقع، لأن لا موقف لبناني صلب، أو موحد من هذه المسألة، التي إنضمت إلى محاور الخلافات التقليدية، وفاقمت سياسة التعطيل الذي تتخبط فيها الدولة اللبنانية، وتزيد من حالة التسيّب والضياع التي تهيمن على مواقع القرار.

ولكن ثمة ظاهرة بدأت تطل برأسها على ضفاف الأزمة السياسية المتفاقمة، مستعيدة الحديث القديم ــ الجديد عن الفيدرالية، خاصة بعد الصحوة الرسمية والسياسية المفاجئة عن خطر النزوح السوري في لبنان، والإجراءات التي بدأت تتخذها بعض البلديات في القرى المسيحية، في طرد النازحين السوريين، ومنع العمالة السورية في مناطقها، في إطار تدابير تتخذ أحياناً طابع الإحتكاك العنصري، وتروج لطروحات الفدرلة، بشكل أو بآخر.

وعوض أن تسعى الأطراف السياسية إلى إيجاد الحلول الخلاّقة للأزمات المتناسلة، لا يرى بعضها حرجاً في صب زيت الصراعات المستحدثة على الخلافات المحتدمة، مكرراً رهانات خاسرة، أثبتت التجارب المريرة في لبنان فشلها الذريع، خاصة بعد الحرب السوداء التي أحرقت الأخضر واليابس، على مدى ١٥ سنة من المعارك والمواجهات العبثية.

تُرى متى يعود اللبنانيون إلى رشد الوطن، ويضعون مصالح البلاد والعباد فوق المصالح الحزبية والفئوية والشخصية؟