كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
بعد أشهر من إعلان استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وسوريا، عيّنت الرياض فيصل بن سعود المجفل سفيرا لها في دمشق، ليصبح أول سفير للملكة العربية السعودية منذ إغلاق السفارة عام 2012 عقب اندلاع الحرب السورية.
وجاء إعلان السعودية لهذا الخبر بعد أيّام من لقاء جمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالرئيس السوري بشار الأسد، على هامش اجتماع مجلس “جامعة الدول العربية” في البحرين. وبعد سنة من دعوة الأسد لحضور القمة العربية في جدة في أيار 2023 واستعادة سوريا عضويتها في جامعة الدول العربية، كبادرة حسن نية عربية – خليجية وخطوات أخرى انفتاحية على سوريا.
وتمثل عودة العلاقات بين الرياض ودمشق أهم تطور حتى الآن في تحركات الدول العربية لتطبيع العلاقات مع الرئيس الأسد الذي نأت عنه دول غربية وعربية عديدة بعد اندلاع الثورة السورية التي طالبت بإسقاط نظام الأسد في عام 2011. فما دلالات هذه العودة، وهل يصحّ ربطها بعودة جديدة لـ “سين – سين” في لبنان، من خلال تفاهم سعودي – سوري تمهيداً لإخراج لبنان من أزماته بدءا بالاستحقاق الرئاسي وصولاً إلى ملف النزوح السوري؟
مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر يؤكد لـ”المركزية” ان فتح السفارة السعودية يأتي في سياق عملية تسهيل عودة سوريا الى الجامعة العربية والتي كانت السعودية اول من فتح الباب لها. عودة سوريا الى الحضن العربي، ان جاز التعبير، كان برعاية سعودية بالاساس، عندما تمت دعوة الاسد لحضور القمة العربية عام 2023. بالتأكيد هذه الدعوة لم تكن غائبة عنها القوة الفاعلة في سوريا وهي الطرف الروسي الذي هو على تناغم وشراكة استراتيجية مع الرياض، حيث التقت السعودية وروسيا على أكثر من ملف، وبالتالي هذه العودة لم يغب عنها التنسيق والشراكة بين السعودية وروسيا، والتي دعمها أيضاً الانفتاح الايراني على الخليج وأجواء التهدئة التي سادت منذ الانفتاح الايراني على دول الخليج.
هل يعني ذلك عودة الى “السين – سين؟ يجيب نادر: “طبعا لا، لأن الـ “سين – سين لم تعد اليوم فاعلة كما كانت في الماضي لأن دور سوريا انحصر في المشرق وفي لبنان تحديدا، واستُبدِل، وأصبح الدور الايراني ودور “حزب الله” أكثر وقعاً من دور ووقع ونفوذ النظام السوري، وبالتالي الـ”سين – سين” قد يُستَبدَل بالـ “سين ألف”، السعودية وايران إذا حان الوقت، لكن لم يحن الوقت بعد لمسألة من هذا النوع، لأن هناك دولا أخرى فاعلة تتجسد في حركة اللجنة الخماسية في بيروت وبالتالي هذه اللجنة مع ايران ستكون بديل الـ”سين – سين” لصياغة التسويات المستدامة في لبنان”.
هذا يعني أننا لن نشهد تغييراً في سوريا؟ “ثمة تغييرات، فلم نعد نسمع الاسد يشن حملات، ورأينا أنه أخذ مسافات من ايران وحماس وحزب الله، وجلس جانباً في كل الصراع الحاصل اليوم، لذلك لا يمكن القول بأن سياسة استراتيجية النظام السوري لم تتغير منذ العودة الى الحضن العربي، بل العكس تغيرت بشكل جذري وأصبحت أكثر توازناً وأقل التصاقاً بالمحور الايراني”.