IMLebanon

ما أسباب التقلبات الحراريّة التي تسيطر على لبنان؟

كتبت مريام بلعة في “المركزية”:

“أيار يستقبلنا بالحرّ… ويودّعنا بالأمطار… أسبوع ساخن… فأمطار متفرقة…” عبارات تردّدت على مسامع اللبنانيين طوال شهر أيار، فاحتار البشر كما الشجر بأيّ حلّة يستقبل الربيع الذي بدأ يودّع موسمه ليستقبل فصل الصيف بعد أيام!
تقلبات مناخيّة وحراريّة تترك آثارها المباشرة وغير المباشرة على طبيعة لبنان وثروته الحرجية… والحيوانية.

العميد المشارك في الدراسات العليا للعلوم والتكنولوجيا في جامعة الروح القدس – الكسليك مدير “المركز الأعلى للبحوث” في الـUSEK الدكتور نبيل نمر يشرح لـ”المركزية” تداعيات هذه التقلبات المناخية وانعكاساتها السلبية وأسبابها، ويوضح أن “التقلبات في درجات الحرارة هي نوع من التقلبات المناخيّة التي نشهدها في الفترة الأخيرة، وتتأتّى التقلبات الحراريّة من التغيّر المناخي الحاصل والمقصود به أولاً: تراجع كمية المتساقطات والثلوج في موسم الشتاء، ثانياً: انبعاثات حراريّة كبيرة أو انبعاثات غازيّة فوق معدلاتها في منطقة معيّنة… هذه العوامل أدّت إلى التغيّر المناخي الذي من نتائجه تلك التقلبات الحراريّة التي يشهدها لبنان اليوم”.

ويرى أن “التقلبات الحراريّة تسبّب مشكلات كبيرة وتحديداً في التنوّع البيولوجي حيث أن كل أنواع النباتات والحيوانات الموجودة في لبنان بما فيها الحشرات والطيور إضافة إلى حيوانات الثروة المائية، كلها تتأثّر تلقائياً بالتغيّرات الحراريّة. لذلك، نشهد في معظم الأحيان إما استفحال انتشار أنواع من الحشرات أو انقراض أنواعٍ أخرى منها، وهذا أمر مهمّ يستدعي الاهتمام لانعكاسه تحديداً على مستقبل النُظُم الإيكولوجيّة خصوصاً مع وجود غابات وزراعات معيّنة التي تتأثّر بهذه التقلبات بشكل مباشَر”.

تأثّر الغابات..
وعن تأثير هذه التقلبات المناخيّة على الغابات، يقول نمر: بشكل عام، إن حدوث تغيّرات مناخيّة قويّة للغاية خلال فترة نمو الأشجار، يسبّب أضراراً كبيرة بالأشجار ويشلّ نموّها. على سبيل المثال لا الحصر، إن فترة الربيع الحالية هي مرحلة نمو الأشجار حيث تتجدّد أوراقها وأغصانها وتبدأ بالنمو شيئاً فشيئاً، وعندما تطرأ هذه التقلبات الحراريّة توقف الأشجار نموّها تلقائياً، وبالتالي لا تموت هذه الأشجار إنما تتأثر بهذه التقلبات طوال السنوات المقبلة إذا استمرّت الحالة المناخيّة ذاتها. ولكن في حال شهدت الأشهر المقبلة موجات من الحرّ الشديد لفترة 5 أو 7 أو 10 أيام، عندها تواجه الأشجار خطر الموت بسبب عدم تأمين نمو سليم خلال فترة الربيع نتيجة التقلبات الحراريّة المذكورة. إذاً هذه الأيام المحدودة من موجات الحرّ كافية للقضاء على الأشجار تلك.

… والحشرات
في المقلب الآخر، “تتأثّر الحشرات بشكل ملحوظ بالتقلبات الحراريّة لأنها تتكوّن من “دَم بارد” ولا قدرة لها على تغيير حرارته لهذا السبب تتأثّر كثيراً بالحرارة الخارجيّة” يقول نمر، و”كنتيجة أوّليّة لهذه التغيّرات الحراريّة، تموت الحشرات “المفيدة للطبيعة” أو تنقرِض في هذه الفترة. في المقابل وفي الوقت ذاته تستفحل ظاهرة انتشار الحشرات “غير المفيدة للطبيعة” وعددها محدود. من هنا تظهر حشرات لم تكن موجودة أصلاً أو نادرة، وتنتشر بكثافة على وقع التقلبات المناخيّة”.

أسباب متعددة للتغيّرات!
أما السبب الرئيسي للتقلبات الحراريّة فيعود بحسب نمر، إلى “التغيّر المناخي” الذي يُترجَم بانبعاثات غازيّة كبيرة، وقد يكون سببه أيضاً دورات الشمس الطبيعية وأحياناً كثيرة تحرّكات الأرض الجيولوجية، وليس بالضرورة سببه الإنسان فقط الذي يلعب دوراً كبيراً في التسبّب بهذا التغيّر المناخي خلال هذه الفترة من الزمن جرّاء ارتفاع منسوب الانبعاثات الغازية أكانت نتيجة السيارات والطائرات أو المصانع وغيرها. فالتكنولوجيات الجديدة كافة تسبّبت بدورها في انبعاث كمية الغازات الكبيرة في غلاف الأرض والتي تؤدّي في النتيجة إلى التغيّر المناخي الذي بدوره يؤثّر على التقلبات الحراريّة”.