Site icon IMLebanon

“الخماسية” أنجزت حراكها والعين على بري.. ولودريان يحذر

جاء في “الجمهورية”:

بمغادرة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لبنان خالي الوفاض في ختام جولته الأخيرة، أسدلت الأوساط السياسية الستار على حراك اللجنة الخماسية التي قد لا تجتمع مجدداً لكن ذلك لن يمنع أياً من سفرائها من زيارة هذا المسؤول أو تلك الكتلة السياسية. فالرجل، الذي كان ينتظر كثيرون منه أن يحمل جديداً يدفع إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي، أبدَى، بحسب معلومات لـ»الجمهورية»، تشجيعاً ودعماً لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحوارية من جهة وأسمَعَ فريق المعارضة، من جهة أخرى، ما يحلو له سماعه من حديث عن «خيار ثالث» على رغم من أنه (أي لودريان) لمس جدياً أن هذا الخيار غير مُتاح، خصوصاً في ضوء ما سمعه من الفريق الآخر من تمسّك بدعم مرشحه والذهاب الى خوض الانتخابات بتنافس ديموقراطي بين مجموعة خيارات.

قال أحد الذين شاركوا في لقاءات لودريان لـ«الجمهورية» ان النتيجة التي انتهت اليها مهمته اكدت ان لا خيار لإنجاز الاستحقاق الرئاسي الّا بالحوار، الذي كان بري هو من دعا اليه منذ بزوغ فجر هذا الاستحقاق الدستوري، وانه بعد كل ما جرى ثبتَ انه لا يمكن التوصّل الى انتخاب رئيس الّا بعد حوار، وهذا الحوار يفضّل ان ينعقد في لبنان وليس في اي مكان آخر خصوصاً انّ الظروف الان هي غير تلك التي فرضت حوار الدوحة عام 2008.

وكان لودريان قد غادر بيروت عصر امس من دون أن تثمر جهوده في إقناع القوى السياسية على التوافق حول انتخاب رئيس للجمهورية، وفق ما نقل عنه مصدر ديبلوماسي فرنسي لوكالة «فرانس برس»، مضيفاً انّ الرجل «لم يُحقّق أي خرق يُذكر» في الملف الرئاسي في ضوء لقاءاته مع قوى سياسية رئيسية في لبنان بينها «حزب الله». وأضاف المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ «كل فريق متشبّث بمواقفه، ممّا دفع لودريان الى تحذير المسؤولين الذين التقاهم من أنّ وجود لبنان السياسي نفسه بخطر»، مع استمرار الشرخ في البلاد.

وقد حذّر لودريان خلال لقاءاته في بيروت من «مخاطر إطالة أمد الأزمة» وسط السياق الإقليمي المتوتّر، مشدّداً على «الضرورة الملحّة لانتخاب رئيس للجمهورية من دون تأخير»، وفق المصدر الديبلوماسي.

وجاءت زيارته في إطار «التحضير لزيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى فرنسا، والتي يمكن أن يتطرق خلالها الطرفان إلى الملف اللبناني». اذ من المقرّر أن يزور بايدن فرنسا في 6 حزيران المقبل لمناسبة الذكرى الثمانين لإنزال النورماندي ايام الحرب العالمية الثانية.

واصطدمت المساعي الدولية تجاه لبنان وتلك التي يضطلع بها لودريان حتى الآن بحائط مسدود، فيما يفاقم الشغور الرئاسي منذ العام 2022 الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة.

وكانت الدول الخمس المهتمة بالملف اللبناني (السعودية ومصر وفرنسا والولايات المتحدة وقطر) قد قالت، في بيان مشترك لسفرائها في لبنان الذين اجتمعوا اخيراً في مقر السفارة الاميركية إلى «مشاورات محدودة النطاق والمدة بين الكتل السياسية»، إنّها «ضرورية لإنهاء الجمود السياسي الحالي».

تَفهّم للموقف الفرنسي

وتعليقاً على هذه الأجواء، قالت مصادر سياسية وديبلوماسية لبنانية لـ«الجمهورية» ان المصدر الفرنسي لم يكشف أيّ جديد، فكل ما انتهت اليه الزيارة كان متوقعاً قبل ان يقصد لودريان بيروت، ذلك انه لم يحمل اي مبادرة مُكتفياً باستقصاء المواقف كأنها الزيارة الاولى له، وقد لا يكون على علم بطريقة توزّع المواقف على تناقضاتها الكبيرة، وفي المقابل لم يكن هناك أي تقدم في المواقف الداخلية فجميع الاطراف ما زالت عند تناقضاتها على جميع المستويات.

واضافت هذه المصادر انه «كان فاضحاً ان تمتنع السفارة الفرنسية للمرة الاولى عن اصدار اي بيان رسمي يتحدث عن الزيارة وما انتهت اليه، وهو أمر كان ثابتاً في الزيارات السابقة. والإثبات الثاني كان في صمت لودريان المُطبق اذ إنه لم يتحدث عقب اي لقاء له مع المسؤولين اللبنانيين، ذلك أنه لم يكن مبرراً أن لا يطلق موقفاً ما بعد لقائه رئيس مجلس النواب ولا بعد زيارته رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وكان منطقياً ان يتحدث من بكركي نظراً الى العلاقات المميزة بين الإدارات الفرنسية المتعاقبة والصرح البطريركي الماروني.

تكتل الاعتدال

في غضون ذلك أشار عضو تكتل «الاعتدال الوطني» النائب أحمد الخير الى أنّ «الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان شدّد خلال اللقاء مع التكتل على 3 نقاط: الأولى، ضرورة أن يكون التشاور ضمن مهلة محددة تأكيداً لما ورد في بيان اللجنة الخماسية. الثانية، ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية ضمن الخيار الثالث في ظل عدم قدرة أي من الفريقين على إيصال مرشحه. والثالثة، ضرورة ان يتم ذلك قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية». وقال بكل وضوح ان «الكيان اللبناني في خطر في حال تمدد الشغور الرئاسي أكثر».

ولفت الخير، في مداخلة متلفزة، الى أن «لودريان أكد أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لاقاه بإيجابية واضحة، وأن «حزب الله» أوضح له أنه يفصل المسار الرئاسي عن مسار الحرب في غزة وجنوب لبنان، وأن الحوار مدخل أساسي للانتخاب، على أن يترأس بري أي حوار». واضاف: «إن «حزب الله» اعتمد كلمة حوار، على عكس الرئيس بري الذي كان واضحاً في حديثه عن التشاور في بيانه الأخير عن لقائه بلودريان». وإذ شدد على ان «مبادرة «الاعتدال»، مبادرة لبنانية نابعة من إرادة أعضاء التكتل، ونقوم من خلالها بواجبنا الوطني، مُتّكلين على ما نتحلى به من صبر وطني للاستمرار بها حتى آخر نفس»، أكد أن «المبادرة ترتكز الى مبدأ التشاور والتعاون مع الجميع، وأن الرئيس بري كان أوّل من تشاورنا معه فيها، وشجّعنا على المضي بها، ثم وضع نقاطاً أساسية في ورقة واضحة، ليتبيّن وجود نقطتين خلافيتين، لجهة من يدعو إلى التشاور ومن يرأسه، وهذا الأمر كان محل بحث مستفيض مع لودريان عن الخيارات التي يمكن الذهاب اليها من أجل تأمين توافق كل الأطراف على حل وسطي لهاتين النقطتين، وعمّا إذا كان هناك إمكانية لذلك بالتعاون والتكامل مع اللجنة الخماسية ولودريان، وعما اذا كان الافرقاء في الداخل اللبناني على استعداد للتجاوب وتحضير المناخات الوطنية المناسبة لاقتناص أي فرصة قد تكون مؤاتية لانتخاب الرئيس، ومنع تمدّد الفراغ الذي قد يأخذنا في حال استمر في المرحلة المقبلة الى مكان لا تحمد عقباه».

«حزب الله»

وفي هذه الاثناء قال نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، خلال احتفال تأبيني أقيم في الضاحية الجنوبية لبيروت لمجموعة شهداء للحزب من بلدة بنت جبيل في «مجمع الامام الكاظم» في الضاحية الجنوبية: «نحن مستمرون في لبنان في مساندة غزّة إلى أن يتوقف إطلاق النار بالكامل فيها، ولا شيء يوقف هذه الجبهة إلا بتوقف إطلاق النار هناك».

وتطرّق قاسم الى موضوع رئاسة الجمهورية فقال: «منذ اليوم الأول ونحن نقول اننا جاهزون لانتخاب الرئيس، وعملنا على كل التسهيلات المناسبة وتبيَّن من خلال توزيع الكتل أنَّنا نشكل مع عدد من الكتل النيابية العدد الأكبر من الأصوات، ومع ذلك نرى تجمعات صغيرة تقول انَّها تريد أن تفرض شروطها. لا، ليس مسموحاً لأيّ تجمع نيابي ولا لأيّ تكتل سياسي أن يفرض شروطه على لبنان وعلى اللبنانيين وعلينا. ليكن معلوماً إذا تمَّ الحوار برئاسة رئيس المجلس النيابي نحن حاضرون أن نستمر به ولو أنجز الاستحقاق الرئاسي خلال أيام، إذ لا ربط للاستحقاق الرئاسي بما يجري على جبهة الجنوب».

الجنوب

وعلى الجبهة الجنوبية شن الطيران الحربي والمسيّر غارتين على بلدتي حانين وحولا أدّتا الى سقوط شهيدين. كذلك اغار على بلدة مارون الراس وتسبب بسقوط عدد من الجرحى.

وفيما سُجّلَ تحليق لمسيّرات إسرائيليّة في أجواء مدينة صور وضواحيها، تبيّن ان لا صحة لما أُشيع عن غارة جوية اسرائيلية استهدفت البقاع، وان دوي الانفجارات الذي سمع في المنطقة كان ناجماً عن اختراق الطائرات الحربية لجدار الصوت فوق منطقة بعلبك.

وردت المقاومة على الاعتداءات الاسرائيلية فقالت في بيان انها استهدفت «انتشاراً ‏لجنود العدو في محيط موقع «عداثر» ‏بالقذائف المدفعيّة». كذلك استهدفت انتشارا آخر في محيط موقع «جل العلام». وقصفت بالصواريخ موقعي «الرمثا» في مرتفعات كفرشوبا المحتلة، وزبدين في مزارع شبعا المحتلة.

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن «قصف صاروخي على موقع للجيش الإسرائيلي في «متات». وسماع دوي انفجار في «مرغليوت» عقب دوي صفارات الإنذار». وكان الجديد المهم أمس اعلان «هيئة البث الإسرائيلية» الرسمية «ان الجيش الإسرائيلي أسقط بالخطأ مسيّرة إسرائيلية من طراز «هيرمز 900» قرب مستوطنة «شلومي» على الحدود مع لبنان.

وحول المسعى الفرنسي لتهدئة جبهة الجنوب، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان في إفادة صحفية يومية: انّ إسرائيل لم ترد بعد على مقترحات باريس لخفض التوتر في جنوب لبنان، وتلقّينا رداً إيجابياً نسبياً من لبنان بشأن مقترحات خفض التصعيد مع إسرائيل.

وتقدمت فرنسا بمقترحات مكتوبة للجانبين تتضمن انسحاب «حزب الله» مسافة عشرة كيلومترات من الحدود مع إسرائيل، بينما توقف الأخيرة غاراتها على جنوب لبنان.

إتفاق حدودي

في هذا السياق كشف كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة والاستثمار آموس هوكشتاين، أمس، أنّ اتفاقاً للحدود البرية بين إسرائيل ولبنان «يتم تنفيذه على مراحل قد يخفف من النزاع المحتدم والدامي بين البلدين».

وقال هوكشتاين في مقابلة مع مؤسسة «كارنيغي» للسلام الدولي: «لا أتوقّع السلام.. السلام الدائم.. بين «حزب الله» وإسرائيل». وأضاف: «لكن إذا تمكنّا من التوصل إلى مجموعة من التفاهمات… والتخلّص من بعض الدوافع للنزاع وإقامة حدود معترف بها لأول مرة على الإطلاق بين البلدين، فأعتقد أنّ ذلك سيقطع شوطاً طويلاً».

وأضاف: «إن البداية ستكون السماح لسكان المجتمعات الشمالية في إسرائيل بالعودة إلى منازلهم ولسكان المجتمعات الجنوبية في لبنان بالعودة إلى منازلهم… وانّ جزءا من ذلك سيتطلب تعزيز القوات المسلحة اللبنانية، بما في ذلك التجنيد وتدريب وتجهيز القوات»، من دون أن يوضح كيف سيتم ذلك.

أما المرحلة الثانية فستشمل حزمة اقتصادية للبنان «والتأكد من أن المجتمع الدولي يظهر للشعب اللبناني أننا نستثمر فيه». وأوضح أن شبكة الكهرباء في لبنان، على سبيل المثال، تعمل لبضع ساعات فقط في اليوم، مما يلحق ضرراً جسيماً باقتصاده». وقال: «لدينا حل لذلك، لقد وضعنا حزمة يمكن أن تخلق حلاً من شأنه أن يوفّر لهم الكهرباء لمدة 12 ساعة في فترة زمنية قصيرة». ولفت إلى أن المرحلة الأخيرة ستكون اتفاق الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل. وقال إنه «إذا استقرّ الوضع السياسي والاقتصادي في لبنان، فقد يساعد ذلك في تقليص نفوذ إيران هناك». وختم حديثه بالقول انّ «قدرة القوى الخارجية على التأثير في لبنان، مهما كانت العواقب، ستتضاءل بمقدار كبير».