كتب صلاح سلام في “اللواء”:
عودة الموفد الفرنسي إلى بلاده خالي الوفاض، بعد جولته السادسة، لا يعني فشلاً لجان إيف لودريان شخصياً، بقدر ما هو في الوقت نفسه تكريساً لواقع الإفلاس الذريع الذي يتخبط في مستنقعاته السياسيون اللبنانيون، منذ بضع سنوات، دون أن يتمكنوا من إيجاد الحلول المناسبة لأزمات البلد، ودون أن يتوصلوا إلى صيغة لتسويات خلاقّة، تُنقذ الجمهورية من التعثر الراهن، وتحفظ الدولة من السقوط في مهاوي الإنهيار.
لودريان سيذهب في إجازته الصيفية، وكذلك سفراء الخماسية، مما يعني أن أزمة الشغور الرئاسي مستمرة حتى نهاية الصيف المقبل على أقل تقدير، مع الأخذ بعين الإعتبار التكهنات المتداولة في بعض الأوساط، والتي ترجح إحتمال تأخير ظهور الخيط الأبيض من الخيط الأسود في الإنتخابات الرئاسية إلى العام المقبل!
ولكن جهابذة السياسة الحاليين لا يرف لهم جفن إزاء التداعيات المتكاثرة للأزمات الإقتصادية والمعيشية، التي تعاني من ضغوطها البلاد والعباد، ولا يشعرون بأنين الناس التي نُهبت أموالهم في المصارف، ولا بآلام المرضى على أبواب المستشفيات، ولا بحجم التسريب المتزايد من المدرسة الرسمية، ويكتفون فقط بالخطابات الشعبوية الفارغة في الحديث عن أزمة النازحين السوريين، التي باتت تشكل خطراً وجودياً متفاقماً على التركيبة الإجتماعية للبنان، وتهديداً مباشراً لأمنه القومي، وإستقراره الداخلي.
الكل يدّعي الحرص على إستعجال الخروج من النفق الحالي، ولكن لا أحد يتقدم خطوة واحدة على الطريق التي تؤدي فعلاً إلى نهاية هذا النفق المظلم. والمسافة بين الشعارات الرنانة والواقع المؤلم تكبر يوماً بعد يوم، بسبب حالات العناد التي أوقعت معظم الأطراف السياسية في شباكها، وأصبحوا أسيري مواقفهم المتباعدة، والقائمة على حسابات فئوية، ومصالح شخصية، وطموحات أنانية، ضاربين عرض الحائط بمصالح البلد، ومعاناة هذا الشعب المنكوب، بأهل السلطة والسياسة.
لا نخال لودريان عائداً في جولته السابعة قريباً. ولا نعتقد أن سفراء الخماسية على إندفاعهم المعهود في السعي من جديد للقاء القيادات ورؤساء الأحزاب. ولا يبدو أن أبواب قصر بعبدا ستنفض الغيار عنها قريباً، وتستعد لإستقبال الرئيس العتيد وزواره.
ولا ندري ماذا ينفع أهل السياسة والمعاندة، إذا توغلوا في خطابهم الشعبوي..، وخسروا البلد!