كتب منير الربيع في “المدن”:
هل بلغت المواجهة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي مرحلة متقدمة لا رجعة عنها؟ السؤال مطروح بقوة في دوائر داخلية وخارجية. تضج الساحة اللبنانية بكم كبير من الرسائل الديبلوماسية والمعطيات الداخلية عن أن التصعيد أصبح حتمياً، وهو في الأساس يحصل بشكل تدريجي، وسط صعوبات كبيرة في لجمه والإسهام بتراجع حدة المعارك، خصوصاً أن الطرفين، أي الحزب والإسرائيليين، ينتقلون الى مراحل قتالية جديدة. ما يرد من اسرائيل وينقله ديبلوماسيون يشير بوضوح الى ارتفاع منسوب المخاوف من استمرار التصعيد والوصول الى انفجار كبير، وبحسب ما تؤكد مصادر متابعة فإن لبنان عاد وتلقى رسائل تحذير، ورسائل تتضمن إشارات الى انعدام قدرة أي طرف دولي على جعل الإسرائيليين يتراجعون عن المضي في المواجهة قدماً، ولو استدعى ذلك تدحرجاً أو انفجاراً للمعركة.
مؤشر سلبي
من بين المؤشرات الأخيرة ما صرح به الناطق باسم الخارجية الفرنسية حول عدم اعطاء الإسرائيليين أي جواب حول مبادرة باريس لوقف اطلاق النار على الحدود مع لبنان. هذا مؤشر سلبي اسرائيلياً، بينما في لبنان هناك من يفسر التصرف الإسرائيلي بأنه انتظار للأميركيين، وأن واشنطن لا تعول إلا على آموس هوكشتاين لإنتاج الحلّ خصوصاً أنها تعتبره مواطناً اسرائيلياً. إلى جانب هذا المؤشر السلبي المباشر والواضح مع الفرنسيين، فإن لبنان وردته بعض الرسائل الأخيرة التي تشير الى أن اسرائيل مصرّة على تغيير الوقائع العسكرية ولو اقتضى ذلك تصعيداً كبيراً ولو أدى الى تكبدها خسائر كبيرة. وبعض الديبلوماسيون يفيدون بأن اسرائيل لا تستجيب لكل الوساطات ويبلغون اللبنانيين حرفياً أنها لا تتجاوب مع أي مسعى وأنه في حال لم يتم تقديم تنازلات كبيرة فهي ستكون مصرّة على المضي قدماً في مواجهتها أو الإستمرار في حرب الإستنزاف هذه والتي سيتوسع نطاقها. يدفع ذلك العديد من السفارات لإعادة التفكير في تفعيل اجراءات الإخلاء وإصدار توصيات وتحذيرات جديدة لمواطنيها بتجنب السفر الى لبنان.
أسلحة جديدة
ميدانياً، فإن التصعيد أصبح مشهوداً، خصوصاً بإدخال حزب الله لأنواع أسلحة جديدة الى المعركة، والعودة إلى اسقاط الطائرات المسيرة بصواريخ أرض جو، وسط معطيات تفيد بأنه سيستخدم صاروخ أرض جو من نوع صياد لإسقاط الطائرات الحربية. وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت قد ذكرت، قبل ايام، أن الجيش الإسرائيلي يدرس احتمالات حصول حزب الله على سلاح أرض جو متطور للتصدي للطائرات الحربية.
في المقابل، عمل الإسرائيليون على توسيع نطاق استهدافاتهم من خلال التركيز في الفترة الماضية والأيام القليلة الفائتة على استهداف مناطق في محيط صيدا وفي اقليم التفاح وهذا يعني النشاط العسكري الإسرائيلي في مناطق بعيدة جداً عن الحدود وشمال نهر الليطاني، أي استمرار المعركة ضمن نطاق أوسع واستهداف طرق إمداد أو مخازن أسلحة وصواريخ، ما سيحتم على حزب الله توسيع نطاق استهدافاته وهو ما يجعل التصعيد أمراً وارداً.
فك الإرتباط
ومن بين الرسائل التي وصلت الى لبنان أيضاً، هو أن الإسرائيليين لن يوافقوا على ربط الجبهة اللبنانية بجبهة غزة، أي حتى وإن تم الوصول الى اتفاق على وقف النار في غزة، فإن ذلك لن يسري على لبنان، بل ستواصل اسرائيل عملياتها لتغيير الوقائع أو لإرساء اتفاق شامل يتضمن تقديم تنازلات كبيرة من قبل الحزب، وأنه لا يمكن لها القبول بالعودة إلى ما قبل 8 تشرين الاول.
هذه المعادلة تدفع الكثيرين الى الإعتقاد بأنه ما بعد انتهاء معركة رفح فإن التركيز الإسرائيلي في العمليات الحربية سينتقل الى لبنان، بينما حزب الله لا يزال مطمئناً لعدم حصول ذلك، معتبراً أن الإسرائيليين غير قادرين على الإنتهاء من معركة غزة، وقدراتهم العسكرية البشرية قد ضعفت جداً.