Site icon IMLebanon

هل تنقذ مبادرة بري طهران؟

كتب خالد حماده في “اللواء”:

يوم إيراني بامتياز عاشه لبنان بالأمس تزامنت خلاله زيارة وزير الخارجية الإيرانية بالإنابة علي باقري كني الى بيروت ــــ وهو الظهور الدبلوماسي الأول له بعد استلام مهامه خلفاً للوزير حسين أمير عبد اللهيان ــــ مع مواقف أطلقها المرشد علي خامنئي بمناسبة الذكرى 35 لوفاة الخميني متصلة بالمشهد الإقليمي بسياقاته الميدانية والدبلوماسية، على وقع تصعيد ميداني واستعراض للقوة تبادله حزب الله والعدو الإسرائيلي فوق دماء اللبنانيين ودمار قراهم.

هذه العناصر الثلاثة المكوّنة لمشهدية الأمس ليست وليدة الصدفة، فتكامل المواقف التي أطلقت من بيروت وطهران تعبّر بشكل واضح عن مجموعة من الرسائل المتعددة الإتجاهات التي شاءت القيادة الإيرانية إيصالها إلى من يهمهم الأمر في العالم العربي. تريد طهران العودة الى المشهد في غزة وهي تدرك أنها ارتكبت خطأ جسيماً عندما أقصت نفسها عن كل علاقة بطوفان الأقصى، وربما تستشعر جسامة النتائج المترتبة على ذلك إذا ما سلكت التسوية في غزة طريقها ونجحت الولايات المتحدة مع شركائها العرب في تثبيت وقف إطلاق النار. ما يقلق طهران هو عودة القضية الفلسطينية الى الحضن العربي بعد أن شكلت لعقود جواز العبور لنفوذها الى العمق العربي وإلى وجدان جماهيره الباحثة عن الخروج من دوامة إخفاق مزمن.

إختار المرشد العودة الى المشهد من بوابة غزة وما أنجزته عملية طوفان الأقصى. وفي رسالة غير مباشرة الى الدول العربية التي ذهبت في مسار التطبيع نوّه بدور عملية طوفان الأقصى في إفشال مسار التطبيع لجعل إسرائيل جزءاً من المنطقة مؤكداً «إنّ عملية طوفان الأقصى، في 7 أكتوبر من العام الماضي، كانت بالضبط ما تحتاجه المنطقة وحصلت في لحظة حساسة كان العدو يسعى فيها لتطبيق مخطط السيطرة على المنطقة، هذه العملية كانت هي الحل لهذه الحاجة». وفي ما يشبه التحذير من الرهان على وقف إطلاق النار أو ربما إلى القدرة على تعطيله أضاف المرشد « إن على الجميع ألا يعقدوا آمالهم على اتّفاق وقف إطلاق النار في غزة»وإن عملية «طوفان الأقصى خلطت جميع الأوراق «.

بدوره وزير الخارجية علي باقري الذي أكد «أنّ العلاقة الوثيقة بين بين إيران ولبنان هي مؤشر رئيس لاستقرار المنطقة وأن المقاومة هي أساس الإستقرار، « فقد استبعد أن تُقدم إسرائيل على مهاجمة لبنان لأنها متورطة في غزة منذ ثمانية أشهر، وربما في هذا رسالة موجّهة إلى إسرائيل وإلى الداخل اللبناني على السواء وتكرار لمواقف إيرانية سابقة بعدم الرغبة في التصعيد.

مواقف المرشد المراهنة على فشل التوصل الى وقف لإطلاق النار في غزة والقلقة من استكمال مسار التطبيع لاقتها مواقف باقري عبر بوابة المواجهات في الجنوب الذي أضحى بالنسبة لطهران ـــ بعد خسارة موقعها في غزة ــــ المنصة المتبقية والتي ينبغي المحافظة عليها مهما بلغت التنازلات للحفاظ على إطلالة على الملف الإقليمي ومخاطبة الولايات المتحدة من موقع المؤثر في استقرار وأمن إسرائيل. وربما في ما أعلن عنه وزير الخارجية الإيرانية عن اتّفاق مع الخارجية اللبنانية لعقد إجتماع طارئ للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لاتّخاذ خطوة جماعية تهدف إلى وقف العدوان الإسرائيلي على القطاع وحماية الشعب الفلسطيني ما يوحي بأن طهران تبحث جاهدة عن طريق للعودة الى المشهد .

تحاول طهران اللحاق بالمتغيّرات المتسارعة، ففي مقابل ما أعلنه المرشد حيال عدم الرهان على وقف إطلاق النار شدد وزراء خارجية السعودية والأردن والإمارات وقطر ومصر في إجتماع إفتراضي بالأمس على أهمية التعامل بجدية وإيجابية مع مقترح الرئيس الأميركي، بهدف الإتّفاق على صفقة تضمن التوصل لوقف دائم لإطلاق النار، وعودة النازحين إلى مناطقهم، وانسحاب القوات الإسرائيلية بشكل كامل من القطاع، وإطلاق عملية إعادة إعمار في إطار خطة شاملة لتنفيذ حل الدولتين وفق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبتواقيت محددة وضمانات ملزمة».

قد يكون في توصيف المرشد لعملية طوفان الأقصى بأنها خلطت جميع الأوراق الكثير من الدلالات الكثير من الدقة بل ربما أدت هذه العملية إلى خسارة إيران لأثمن أوراقها، فربما في ما أدلى به الرئيس نبيه بري الذي دخل المشهد بالأمس محاولة لاستلحاق تداعيات ما خسرته طهران في غزة. حاول الرئيس بري مواكبة التسارع الذي تسير به مبادرة الرئيس بايدن والجهد العربي لإنجاحها مرتجلاً الجمع بين جملة من العناصر. إعتبر الرئيس بري في موقف واحد أن اقتراح الرئيس الأميركي جيد ويُبنى عليه وأن وقف إطلاق النار في غزة سينعكس مباشرة على الجنوب، وأن اليوم التالي في لبنان هو في تطبيق القرار 1701 الذي ولد في مكتبه وفقاً لبري.

فهل ينجح الرئيس بري في انتشال طهران من المأزق، وما هي قدرة حزب الله على التنازل؟