كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
لم يكد يغادر الموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان بيروت حاملا في جعبته، خلاصة مواقف الاطراف السياسيين غير المشجعة، لإنجاح مهمته بالمساعدة في حل أزمة الانتخابات الرئاسية المؤجلة منذ أكثر من عام ونصف تقريبا، ومرشحة للاستمرار لمدة اطول ، حتى بدأت تتسرب في المجالس الضيقة معلومات عن موقف الديبلوماسية الفرنسية من نتائج زيارة لودريان والانطباعات التي تركتها لديها.
ترفض المصادر الديبلوماسية القول بأن زيارة ماكرون الاخيرة، كانت مقفلة الآفاق قبل القيام بها، كما يحلو للبعض القول او الادعاء بذلك، وتشير الى سلسلة تحضيرات واتصالات ومشاورات،قام بها لودريان،إن كان بزيارته لواشنطن ولقائه مع المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين، وغيره من المسؤولين الاميركيين، في حين تولى بعضها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون شخصيا،باتصالات اجراها مع مسؤولين أعضاء باللجنة الوزارية الخماسية، وباستضافة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط في الاليزيه وقائد الجيش العماد جوزيف عون، وكذلك ، أجرى اتصالا مطولا برئيس المجلس النيابي نبيه بري بحضور ميقاتي، تحدث فيه عن زيارة لودريان وضرورة تسهيل مهمته، وحلحلة العقد والصعوبات التي تعترضها، وصولا الى إحداث خرق يؤدي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مع الاخذ بعين الاعتبار المخاطر والتداعيات المحدقة بلبنان، في ظل غياب رئيس الجمهورية، وتسارع التطورات المرتبطة بحرب غزة، ووجوب التنبُّه لما بعدها، والخشية من ان تحصل التفاهمات والاتفاقات المقبلة اقليمياً على حساب لبنان.
واشارت المصادر انه في ضوء اتصال ماكرون وبري، تابعت الديبلوماسية الفرنسية من خلال سفير فرنسا بلبنان، التحضير لزيارة لودريان، وكشفت انه جرى التركيز على المواقف المرنة التي سيبلّغها بري للموفد الفرنسي، وفي مقدمتها، التأكيد بداية على تسهيل التشاور بين الاطراف المعنيين، والتشديد على فصل مسار الانتخابات الرئاسية عن حرب غزّة، والبحث الجدي في الخيار الثالث، بعد فشل كل محاولات انتخاب مرشح الثنائي الشيعي وحلفائهما سليمان فرنجية، ومرشح المعارضة والتيار الوطني الحر الوزير السابق جهاد ازعور.
وتضيف المصادر ان الديبلوماسية الفرنسية كانت تعلق آمالاً على موقف بري، وهي تعاطت معه بتمايز منذ بداية أزمة الانتخابات الرئاسية، الا انها فوجئت، خلال لقائه مع الموفد الرئاسي الفرنسي، بالانقلاب على المواقف المتقدمة التي تعهد بها، لتسهيل مهمة لودريان سابقا، وأعاد تكرار نفس المواقف التي التزم بها منذ البداية، إن كان في ما يتعلق باستمرار ربط اجراء الانتخابات الرئاسية بانتهاء حرب غزّة، او التمسك بترشيح فرنجية للرئاسة، ورفض الذهاب الى الخيار الثالث، لتقليص هوَّة الخلاف مع المعارضة والتقدم خطوة الى الامام نحو التفاهم المطلوب للوصول إلى حل ازمة الانتخابات الرئاسية.
واعتبرت المصادر انه يمكن القول وكأن زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي قد انتهت بعد لقائه مع بري،بالرغم من لائحة المواعيد المتبقية مع الاطراف الاخرى، بعدما ظهر بوضوح من خلال مواقف رئيس المجلس النيابي، المتقاربة مع مواقف كتلة حزب الله، الاستمرار بإقفال الابواب امام المساعي والجهود، التي يبذلها لودريان،لإنهاء مأزق الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية.