كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
لم يُحيّد العدوان الإسرائيلي الهيئات الصحية، بل وضعها في مرمى صواريخه التي استهدفت الأطقم الإسعافية العاملة في القرى الحدودية أكثر من مرة، وسقطت منها ضحايا على طريق خدمة أبناء الجنوب.
منذ الثامن من تشرين الأوّل والحرب على الجبهة الجنوبية مشتعلة، وتأخذ منحى تصاعديّاً زادت حدّتها في الأيام الماضية. على طول الجبهة يتحرّك رجال الهيئات الإسعافية متحدّين الخطر، ولم تمنعهم الغارات من مواصلة عملهم الميداني والإنساني، لأنّ عملهم لا يتركز على انتشال الضحايا وانقاذ الجرحى فحسب، بل ايصال المساعدات الغذائية والأدوية ومواكبة عمّال الكهرباء والمياه وغيرها.
أكثر من ضحية سقطت لـ»الهيئة الصحية الإسلامية» وأكثر من مركز دمّرته الغارات، ومع ذلك، لم يتوانَ عناصرها عن القيام بواجبهم ولو تحت الخطر، فالاسرائيلي يتقصّد استهداف سيارات الإسعاف سواء التابعة للهيئة أو لـ»الرسالة الإسلامية»، آخرها كان في الناقورة وسقوط المسعف حيدر محمود جهيش، وجرح آخر.
وفي هذا السياق، لفت مسؤول الدفاع المدني في الهيئة الصحية خضر حاج علي إلى أنّ عملهم لن يتوقف بفعل الإستهدافات المباشرة، «بل مكملين في مهمتنا الإنسانية وخدمة أهلنا». وأكّد أنّ «العدو يتحيّن الفرص لاستهداف سيارات الإسعاف المفترض أنها محمية بموجب المواثيق الدولية التي يخرقها الإسرائيلي». وأضاف أنه مع ارتفاع وتيرة التصعيد الميداني زاد الخطر الذي يلاحق المسعفين في التنقل، و»لكننا أصحاب عزيمة ولن توقفنا الغارات والاستهدافات سواء المباشرة أو غير المباشرة».
قد تكون الهيئة الصحية الأكثر استهدافاً، إذ دمّرت إسرائيل 15 مركزاً لها، وسقط لها 10 ضحايا، إضافة إلى تضرر عدد من سياراتها. وأشار علي إلى أنّ «كل المراكز التي دُمّرت أُعيد افتتاحها تأكيداً على رسالتنا ووقوفنا إلى جانب أهلنا في القرى الصامدة، ونحن على جهوزية عالية لمواجهة أي تصعيد محتمل».
مع كل غارة تتحرّك سيارات الإسعاف نحو مكان الاستهداف لإنقاذ الجرحى ونقل الضحايا، وفي أحيان أخرى لنقل الأدوية والمواد الغذائية للأهالي في القرى الحدودية. لذلك شدّد المسؤول عن العمليات في «كشافة الرسالة الإسلامية» للإسعاف الصحّي ربيع عيسى على أنّ إسرائيل «تقصد ضرب الجهات الإسعافية لردعها عن التحرّك في رسالة واضحة: ممنوع التحرّك». أكثر من ضحية سقطت للرسالة في ميدان عملها، كما استُهدف عدد من سياراتها ومراكزها. لكنّ عيسى قال: «هناك مسؤولية تقع على عاتقنا، فالواجب الإنساني يتفوّق على الخطر المحدق بعملنا».
قد يكون التحدي الأكبر اليوم مواجهة خطر الفوسفور الأبيض الذي يُسبّب الحرائق التي اندلعت في أكثر من 30 منطقة من حانين إلى العديسة والطيبة وغيرها. ووجد عناصر الدفاع المدني صعوبة في إخمادها بسبب جغرافية المنطقة، والإستهدافات الإسرائيلية المتكررة، حرائق تتقصّد إسرائيل من خلالها تحويل الأحراج في القرى الحدودية إلى أرض محروقة.
ورأى عيسى أنّ إسرائيل «لن تنجح في الحؤول دون تحرّك الهيئات الإسعافية، ولم تفلح غاراتها في بثّ الرعب في نفوس المسعفين، على العكس، زادتهم إصراراً وعزيمة لأننا على استعداد أكبر لمواجهة السيناريوات الأسوأ وفرقنا جاهزة لأي تحدّ».
في العادة تُنسّق الأجهزة والفرق الإسعافية مع وزارة الصحة، وأنشأت للغاية غرفة عمليات للتنسيق والمتابعة، غير أنها لم تحظَ بدعم الدولة اللبنانية بسبب الإمكانات الشحيحة، غير أنه ينتظر من الحكومة رفع شكوى للأمم المتحدة حول الإعتداءات على الجسم الصحّي.