كتبت ميريام بلعة في “المركزية”:
بعد “خضّة” غياب التقرير الرسمي الواجب صدوره عن شركة “توتال إنرجي” حول نتائج الحفر في البلوك 9 جنوب لبنان، زار وفد من الشركة لبنان مؤخراً، والتقى فاعليات رسمية وأخرى في القطاع الخاص، في خطوة حملت الكثير من التحاليل والتكهّنات فكان المؤكد الوحيد “الاهتمام بمشاريع الطاقة المتجددة”… لكن ماذا عن ملف النفط والغاز وما فيه من ضبابية لم تتكشّح حتى اللحظة؟!
في معلومات متوفرة لـ”المركزية” من مصادر المجتمعين حول أجواء الزيارة، لقد كرّر وفد شركة “توتال إنرجي” التأكيد أن “الشركة تجارية بحت، ولو توفرت فرصة وجود غاز ونفط في البلوكَين 4 و9 لكانت أعلنت ذلك من دون أي تردّد”، نافياً وجود أي تدخل سياسي في الموضوع، مشدداً على أن “نشاطها البترولي بعيد كل البُعد عن السياسة وزواريبها”.
كذلك أكد الوفد “أن اهتمامه بلبنان وبالمشاريع القائمة فيه لا يزال قائماً، إذ لا تزال الشركة متمسّكة باستكمال الاستكشاف في البلوكَين 8 و10، كذلك تولي مشروع الطاقة الشمسية في لبنان الاهتمام اللازم”.
وذكّر الوفد بإعلان “توتال” رسمياً أن نتائج الحفر في البلوكَين 4 و9 لم تُظهر وجود أي كميات من النفط والغاز.
وتعقّب مصادر المجتمعين بالقول: إن شركة “إيني” التي تشارك “توتال” في الكونسورتيوم، استمرت في الحفر مدة 20 عاماً في مصر وأقفلت كل الأنفاق، ثم عادت ووجدت أكبر مخزن غاز في العالم. لذلك يمكن الاستخلاص من هذه الوقائع أن الدراسات هي التي تبيّن النتائج وليست السياسة… وتحديداً في عمق البحر وتحت الأرض في البحر.
هايتايان تستغرب!
خبيرة النفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتايان تذكّر عبر “المركزية” بما أعلنه وزير الطاقة والمياه أن شركتَي “توتال” و”قطر للطاقة” دخلا على خط “الطاقات المتجددة”، لكنها تستغرب بقولها “الملفت في الأمر، أنه بعد الحملة التي شنّتها وزارة الطاقة على شركة “توتال إنرجي” وتحديداً لجهة تأخّرها في تقديم التقرير الخاص بنتائج الحفر في البلوك “9” والإنذارات المتتالية المرفوعة إلى “توتال” للإسراع في تسليمه، لنعود ونسمع على لسان الوزير قوله “إن شركة “توتال” ترفع الحصار عن لبنان وتجهد مع شركة “قطر للطاقة” لدعم لبنان في مجال الطاقات المتجددة…” وكأنه يوجّه لهما الشكر الكبير!”.
هذا التناقض في المواقف، بحسب هايتايان، “يدلّ إلى أن موضوع التقرير لم يكن مشكلة في حدّ ذاته، إنما استخدموه لخلق مشكلة لتحقيق مآرب ما”.
وتُضيف: في النتيجة، نرى أن شركة “توتال” متحمّسة على الطاقات المتجددة أكثر من ملف النفط والغاز، وهذا منطق عالمي لكون مشاريع الطاقة المتجددة جاهزة لولوجها وإدخالها حيّز التنفيذ فوراً، وبالتالي تحضير الأرضية المناسِبة للبدء بإنتاج الطاقة… بينما مجال النفط والغاز فمشاريعه تتطلب وقتاً طويلاً ويحمل الكثير من التعقيدات.
ولم تغفل الإشارة إلى أن “هناك 11 رخصة جاهزة للمباشرة بمشاريع الطاقة المتجددة حصلت عليها شركات مهتمة لكنها عدلت عنها لعدم قدرتها المادية على التنفيذ، فكانت تلك الرخص من نصيب شركات “توتال” و”قطر للطاقة” و”CMA CGM” التي بدأت تُعدّ العدّة لتنفيذ المشاريع الواردة ضمن بنود الرخص وشروطها”.
وإذا ما تسارعت الأمور، تقول هايتايان “فيجب التعجيل في إنشاء هيئة ناظمة للكهرباء وفق قانون “لامركزية الطاقة” الذي أقرّ في كانون الأول 2023، لكن هذه الهيئة تتطلب انعقاد جلسة لمجلس الوزراء على وقع الإشكالية القائمة بين التيار الوطني الحرّ والأطراف السياسية الأخرى حول كيفية تأليف الهيئة والتضارب في مفاهيمها…”.
وتتوقع في السياق أن “تدخل المشاريع حيّز التنفيذ في ظل غياب الهيئة الناظمة للإشراف عليها، وهنا “الخبصة” المتَوَقعة”.
أما الأنظار فشاخصة إلى الطاقة التي ستُنتجها شركة “توتال” من استثماراتها في مشاريع الطاقة المتجددة، “ما يحتّم العودة إلى نغمة “مَن سيشتري هذه الطاقة؟ مؤسسة “كهرباء لبنان” التي تفتقد إلى الإمكانات المالية المطلوبة؟ أم البلديات…؟ لكن في كل الحالات، سيصل لبنان إلى نوع من اللامركزية في مجال الطاقة، ما يشكّل عنصر من عناصر “اللامركزية” الموسَّعة في لبنان” تختم هايتايان.