Site icon IMLebanon

مبادرة “باسيلية” الأسبوع المقبل وحراك “الإشتراكي” يبدأ بخيبة

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

مبادرة جديدة طرحها الحزب الإشتراكي أمس عنوانها عقد جلسة حوار أو تشاور برئاسة رئيس مجلس النواب تسبق جلسة انتخاب الرئيس. ستلتقي هذه المبادرة مع مبادرة أخرى مماثلة سيطرحها «التيار الوطني الحر» الذي يستعد رئيسه جبران باسيل لجولة على رؤساء الأحزاب لفتح النقاش الرئاسي مجدداً. غاية المحاولتين تقديم المبادرات الداخلية على المسعى الخارجي تلافياً لمزيد من التأزم واستعداداً للتطورات الميدانية عسكرياً واستباقاً للقمة الفرنسية – الأميركية واحتمال انطلاق مفاوضات بين إسرائيل و»حماس» لوقف الحرب على غزة وتحصين الجبهة الداخلية.

عند كل محطة يستشعر فيها رئيس الحزب الاشتراكي السابق وليد جنبلاط خطراً، يدير محركات نواب تكتل حزبه النيابي ويطلق تحركاً ومسعى للتشاور هدفه، كما قال الوزير السابق غازي العريضي، «التحفيز على الحوار والتشاور من أجل إنجاز الاستحقاقات الدستورية وفي مقدمها رئاسة الجمهورية، وتجاوز المرحلة الدقيقة التي يمرّ فيها لبنان في ظل العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان». أكثر من وفد توزعوا أمس وعقدوا اجتماعات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس «التيار الوطني» جبران باسيل.

يحاول الاشتراكي جس النبض حيال فتح مجال الحوار بين الكتل النيابية استباقاً لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية. وتصبّ مبادرته في دعم رئيس المجلس لترؤس حوار يؤدي إلى الاتفاق على انتخاب الرئيس. في مقابلته الأخيرة أظهر جنبلاط الأب تكويعة كبيرة نحو «حزب الله» بحيث أيّد فتح جبهة الإسناد وتلاقى مع بري في رؤيته الرئاسية. وتأتي مبادرة الإشتراكي أو تحركه بعيد زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان وعشية القمة الفرنسية – الأميركية وحركة الموفدين حيال لبنان والتحذيرات من انفجار الوضع في الجنوب.

لا يريد الاشتراكي استفزاز «حزب الله» وصار أقرب إلى الثنائي في مقاربته السياسية. «حزب الله» الذي يتلقف أي مبادرة وكرّر على لسان أمينه العام السيد حسن نصر الله فصل الرئاسة عن غزة، لا يمانع في الانفتاح على الحوار، لكنه يتمسك بمرشحه سليمان فرنجية. عينه على الجبهة واستعدادته لصدّ أي عدوان اسرائيلي محتمل على لبنان بينما لا يرى ضمناً أنّ ظروف انتخابات الرئاسة ناضجة، ولو كان مستعداً لفصل الاستحقاق عن غزة. يعلم «حزب الله» أنّ المنطقة تعيش مخاضاً عسيراً، وأنّ القمة الفرنسية – الأميركية قد تخرج بقرارات مصيرية حول الحرب في غزة. وفي انتظار ما ستخرج به تلك القمة، فإنّ المرجو من أي حراك داخلي التلاقي على موقف يخفف التوتر ويؤمن التضامن حيال أي عدوان اسرائيلي محتمل.

وتشكك مصادر سياسية معنية بإمكانية نجاح مسعى الإشتراكي. كثرة المبادرات الداخلية تحرك الركود، لكنها لا توصل إلى النتائج المرجوة بدليل مبادرة تكتل «الاعتدال الوطني» النيابية التي انتهت إلى صفر نتائج، وكذلك مساعي اللجنة الخماسية التي جالت على رؤساء الأحزاب وعادت خالية الوفاض، إلا من تمنيات بانتخاب رئيس. وليس أقل خيبة منها خرج الموفد الفرنسي الذي لم يجد ما يقوله فكانت جملته الشهيرة بأنّ عدم انتخاب رئيس قد يؤدي إلى زوال لبنان السياسي. منذ انطلقت حرب إسرائيل على غزة وبدأ «حزب الله» معركة اسنادها انطلاقاً من الجنوب، تكررت التهديدات من مغبة تداعيات الفراغ الرئاسي، ولم تؤدِ تلك التهديدات غرضها في تراجع «حزب الله» أو تغيير موقفه حيال رئاسة الجمهورية. كل الحراك في كفة ومواقف «حزب الله» في كفة مقابلة يحدّدها على وقع جبهة الجنوب وداخل غزة والتسوية التي تلوح معالمها في الأفق ولم تتوضح تفاصيلها بعد.

حمل الإشتراكي أفكاراً حول الحوار للترويج لها.لاقت الاقتراحات التي طرحها ترحيباً من البعض وتحفظاً من البعض الآخر. رفض جعجع الدعوة إلى حوار بالمطلق، كما رفض أي بحث في أي دور لبري، كما تقول المعلومات، ما خلّف انزعاجاً اشتراكياً. في المقابل لم يمانع «التيار» في حوار برئاسة بري شرطه نوع من الضمانة بأن ينتهي الحوار إلى انتخاب رئيس، وقد تم التوافق بين الاشتراكي و»التيار» على أن يكمل الحزبان مساعي بعضهما البعض بحيث يقوم رئيس «التيار» جبران باسيل بجولة على المسؤولين ورؤساء الأحزاب الأسبوع المقبل للغاية ذاتها، وأن يبقيا على تشاور للدفع في اتجاه عقد جلسة للتشاور في حضور «القوات» ومشاركتها لإستحالة أي حوار من دون مشاركة مكوّن سياسي بهذا الحجم. كما أبلغ «التيار» وفد الإشتراكي الموقف الذي عبّر عنه باسيل في مقابلته المتلفزة الأخيرة من أنّ الحوار يجب الّا يتحول إلى عرف يسبق انتخاب رئيس الجمهورية، وأن لا يتحول مجلس النواب إلى مجلس عشائر، ولكن اذا اقتضى الأمر عقد الحوار فلا مشكلة من عقده شرط انتخاب رئيس.

يوم التشاور أنهاه الاشتراكي من دون أمل كبير بنجاح مسعاه، وهو الذي لمس وجود عقبات واعتراضات و»فيتوات» على مبدأ الحوار أو التشاور، ولو أدى ذلك إلى تحديد جلسة لإنتخاب الرئيس. مشوار المبادرات لم ينتهِ بعد. سيكمله الإشتراكي ويبدأ «التيار» مشاوراته في هذا الإتجاه. محاولات لتقطيع الوقت ريثما تتوضح الرؤية واستعداداً لملاقاة التطورات حيث تتسابق أسهم الحرب مع احتمالات التهدئة.