كتب ناجي شربل في “الانباء الكويتية”:
كرر رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل في حديث إلى «الأنباء»، القول إن «حزب الله» تحديدا من فريق «الثنائي الشيعي»، لا يزال متمسكا بترشيح رئيس «تيار المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، المتعثر إنجاز انتخاباتها الرئاسية منذ 31 أكتوبر 2022، تاريخ نهاية ولاية الرئيس الثالث عشر للجمهورية اللبنانية منذ الاستقلال العماد ميشال عون.
وجدد الجميل التأكيد ان حزب «الكتائب» لن يسير في تسوية مماثلة لتلك التي حصلت في 2016، «اذ بعدما كان الجميع يقفون ضد انتخاب (العماد ميشال) عون، تبدلت الأمور وصار الجميع، عدا الكتائب، مؤيدين لوصوله إلى سدة الرئاسة».
ولم يخف الجميل القول «ان البلد مخطوف من قبل حزب الله»، الأمر الذي يردده دائما. الا ان الرئيس الشاب لحزب عريق أعطى رئيسين للجمهورية تواليا، (عمه) بشير (ووالده) أمين الجميل في أغسطس وسبتمبر 1982، أبدى تفاؤلا بإمكان إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، مستذكرا تجربة انتخاب الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر 2016، التي سبقت الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر عامذاك.
لم يبدل الجميل من قناعاته في مقاربته الملفات السياسية الداخلية، وأبرزها الشعار الذي أطلقه في دورة انتخابات 2022 النيابية «ما منساوم». ولا يجد حرجا في البقاء خارج تسوية قد يرضى بها قسم من المعارضين اليوم، مقدما الحل الشامل لما وصفه بـ«أزمة البلاد»، على الحلول الجزئية المرحلية، والتي تؤجل المشكلات في البلاد من دون تقديم حلول لها.
في مكتبه ببكفيا، الواقع على بعد مئات الأمتار من منزله، والذي وضعت إشارة «مكتب النائب سامي الجميل» في الطريق المؤدية إليه، يستقبل الرئيس الشاب لـ«الكتائب» الزوار، محاطا بفريق عمل محترف في التعاطي، بدءا من رجال الأمن على المدخل المؤدي إلى البيت القديم المرمم بأسلوب راعى تاريخه كأحد بيوتات بكفيا المميزة، إلى الفتيات والسيدات العاملات في الطبقة العلوية.
عمل مؤسساتي في الحزب العريق الذي أسسه الشيخ بيار الجد في 1936، وإن كان الرئيس الحالي يتخذ من بكفيا بدل «البيت المركزي» في الصيفي على مدخل وسط بيروت، مقرا لعمله الحزبي. وتعود الزيارة الأخيرة للجميل إلى «البيت المركزي» منذ اسبوع ونيف، يوم استقبل المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان.
«مش عم اتحرك من بكفيا»، رد الجميل على سؤال عن اعتماده المقر الحالي، من دون التوغل في تفاصيل تتعلق بتهديدات أمنية وغيرها. وبخصوص حادثة إطلاق أعيرة نارية من سيارة قرب «البيت المركزي»، قال: «لم تصل التحقيقات التي قامت بها الأجهزة الأمنية مشكورة إلى نتيجة. وعلى أي حال، هذا أمر غير جديد، لجهة ان موقع البيت المركزي للكتائب، يمكن من يريد توجيه الرسائل الينا من القيام بذلك».
عن لقائه لودريان، قال الجميل ان المبعوث الفرنسي حاول الدفع باتجاه الحلحلة في الملف الرئاسي، «وهو تفهم طلبنا ضمانات لتلبية دعوة الرئيس نبيه بري إلى حوار او لقاء تشاوري. وأبدى تخوفه من ان يؤدي عدم انتخاب رئيس للجمهورية إلى مزيد من التوتر، وحصول اضطرابات أمنية في البلاد. ودعا الجميع إلى تقديم تسهيلات».
ورأى الجميل في هذا السياق «ان تحرك الحزب التقدمي الاشتراكي بشخص رئيسه النائب تيمور جنبلاط مقدر، وسنلتقيه الخميس هنا في بكفيا. وأسجل كل الاحترام لتيمور بيك الشاب الوطني الذي يحب البلد، ويقارب الأمور بمنطق مميز».
وفي الاستحقاق الرئاسي، قال الجميل: «تتركز النقاشات اليوم حول المشاورات والحوار الممهد للاستحقاق وفتح الطريق لإنجازه. وفي ذلك هروب من الموضوع الأساسي، وهو ان يبدي حزب الله الاستعداد للقبول بالمرشح الوسطي، والوسطي غير الخيار الثالث (كرر العبارة مرتين)، وهو ليس أي شخص عادي. والسؤال: هل هذه الفكرة مقبولة عند الحزب؟ وما يبدو واضحا للجميع ان الحزب رافض لأي خيارات وسطية، ومصر على ترشيح فرنجية حصريا، وهو أبلغ موقفه إلى لودريان وقبله إلى اللجنة الخماسية. وأكثر من ذلك، لا يمهد الحزب لسحب فرنجية من السباق الرئاسي، وكذلك لم يتخذ الأخير خطوة في هذا السياق».
وتابع الجميل: «بادرنا في المعارضة إلى سحب مرشحنا الرئيسي (رئيس حركة الاستقلال النائب) ميشال معوض، وتقاطعنا مع الأفرقاء الآخرين على دعم الوزير السابق جهاد أزعور. ومستعدون للبحث في أسماء أخرى. ولا بد هنا ان تتم مقاربة الإيجابية التي نعتمدها بخطوات مماثلة من الفريق الآخر. عرضوا علينا الحوار، وطلبنا ضمانات للمشاركة، تقوم على الخروج بنتائج إيجابية، وليس إدراجنا في خانة المساواة في تعطيل الانتخابات الرئاسية في حال فشل الحوار. ومعروف من قبل الجميع من يعطل الانتخابات، وتحديدا حزب الله الذي لا يسهل العملية الانتخابية ويرفض التوافق. نريد ضمانات بفتح قاعة المجلس النيابي أمام الانتخابات، وعندها نتخطى كل الشكليات».
وردا على سؤال عن لائحة ثلاثية قصيرة تحظى بقبول من أفرقاء عدة، قال الجميل: «اذا كانت تحظى بالقبول من هذا الطرف أو ذاك، فليبادروا إلى انتخاب أحد الأسماء المدرجة فيها. نحن لا نناقش أشياء تعرض بشكل غير مباشر، يتم تمريرها بالمواربة، وهي مجهولة المصدر. وحتى الآن نعتبر ان الموقف العلني للثنائي، يقوم على دعم ترشيح فرنجية فقط. وأقول هنا انه لا مشكلة شخصية مع سليمان فرنجية، انما الخلاف على مجاهرته بالانتماء إلى حلف نقف ضده في السياسة».
وبعد إيرادنا الأسماء الثلاثة في اللائحة القصيرة التي كثر الحديث عنها، أضاف رئيس الكتائب اسما رابعا لنائب تحالف معه الحزب في إحدى دوائر جبل لبنان، ووصفه بـ«المميز في مواقفه غير الملتبسة».
ولما أجبناه: «قد لا يكون مقبولا من قبل الثنائي»، رد: «ليعلن الثنائي تخليه عن دعم فرنجية، وعندها نتحدث للوصول إلى اسم يحظى بقبول الشريحة الأوسع. وأكرر الكلام عن وجود طريقتين للانتخاب: اما التوافق على اسم مرشح، او ترك اللعبة الديموقراطية تأخذ مجراها بفوز أحد المرشحين بنيله غالبية الأصوات النيابية في دورة اقتراع ثانية او ثالثة او أكثر. وما المانع من دورات مكثفة؟ فالعماد ميشال عون انتخب رئيسا بعد دورة رابعة (لم ينل أكثرية الثلثين في دورة الاقتراع الأولى، ولم يكن عدد أوراق الاقتراع مطابقا لعدد النواب في دورتي الاقتراع الثانية والثالثة)».
وعن التمثيل المتواضع لـ«الكتائب» في لقاء المعارضة الذي دعا اليه رئيس حزب «القوات اللبنانية» د.سمير جعجع في معراب، أجاب الجميل: «من قال ذلك؟ تمثل حزب الكتائب بنائب رئيسه وهو وزير سابق».