كتبت بولا أسطيح في “الشرق الاوسط”:
تتعدد المبادرات، سواء الخارجية أو الداخلية، لإخراج الملف الرئاسي في لبنان من عنق الزجاجة، من دون قدرة أي منها حتى الساعة على إحداث أي خرق يُذكر في جدار الأزمة الممتدة منذ الأول من تشرين الثاني 2022، عندما انتهت ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون من دون انتخاب خلف له.
وبموازاة استمرار مبادرة تكتل «الاعتدال الوطني» التي أطلقها قبل فترة وتقول بتشاور يسبق الدعوة إلى جلسة مفتوحة لانتخاب رئيس بدورات متتالية، وكذلك مبادرة «اللقاء الديمقراطي» التي تسعى لتقريب وجهات النظر بين القوى السياسية، يستعد رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، لتحرك جديد يسعى من خلاله للترويج لطرح المرشح الثالث، رغم الموقف الحاسم المعلن لـ«الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل») المتمسك بمرشحه رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية.
فرصة خلال شهرين
ويوضح عضو تكتل «لبنان القوي»، النائب جيمي جبور، أن «ما يقوم به (التيار الوطني الحر) لا يرقى إلى مستوى المبادرة الجديدة، إنما حركة مشاورات تتكامل مع المبادرات القائمة وتكملها، وبالتالي تدفع إلى تسريع انتخاب رئيس جديد»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التنسيق القائم حالياً بين القوى التي تحمل مبادرات وتتحرك بين الأفرقاء يجعل جميع المبادرات والتحركات تصب في اتجاه تذليل العقبات وتقريب وجهات النظر»، مضيفاً أن «هذا التحرك يتلاقى مع رغبة مجموعة الدول الخمس التي تساعد في الملف الرئاسي (الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر) في إنجاز الاستحقاق».
وينفي جبور أن يكون التكتل بصدد الترويج لاسمين أو ثلاثة، لافتاً إلى أنه «ليس في جعبتنا أسماء جديدة، إنما انفتاح على الخيار الآخر، وسنلتقي كل الأطراف، مع إدراكنا أن فرصة سانحة تلوح في الأفق في الشهرين المقبلين».
الشيطان في التفاصيل
والتقى باسيل نواب تكتل «الاعتدال الوطني» الجمعة في دارته، وتم بحث الملف الرئاسي.
وقال عضو «الاعتدال» النائب أحمد الخير، إن «اللقاء مع باسيل كان في سياق اللقاءات التي نمضي بها كتكتل (الاعتدال)، وكان تأكيد من قبلنا على ضرورة الذهاب إلى التشاور بهدف التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية لكل اللبنانيين، يحظى بقبول من جميع الأطراف»، مؤكداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن مبادرة تكتل «الاعتدال» مستمرة، و«نواصل اللقاءات التشاورية مع الجميع، وكل مَن يبادر من القوى السياسية يقوم بجهد مشكور، ونعول على التقاء المبادرات وتكاملها من أجل الوصول إلى مساحات وطنية مشتركة يمكن البناء عليها لإنضاج توافق ينهي الفراغ الرئاسي ويؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية».
وعن السبب الأساسي الذي لا يزال يحول دون انتخاب رئيس، قال الخير: «الشيطان يكمن في التفاصيل، ولا يزال لدى البعض ملاحظات على بعض التفاصيل نحاول العمل على تذليلها ومحاولة تجميد السجالات السياسية التي لا تخدم ما نبذله من جهود لتحرير رئاسة الجمهورية من الفراغ».
حلقة مفرغة
ويدور الوسطاء الخارجيون والداخليون في دائرة مفرغة منذ نحو عام؛ إذ تصر قوى المعارضة، وعلى رأسها حزب «القوات اللبنانية»، على وجوب الدعوة مباشرة لجلسة انتخاب الرئيس، وترفض تكريس أعراف لجهة وجوب أن يسبق أي عملية انتخاب طاولة حوار أو تفاهم مسبق على اسم الرئيس، ما يتناقض مع النص الدستوري المرتبط بعملية الانتخاب.
في المقابل، يربط «الثنائي الشيعي» أي دعوة للانتخابات بحوار مسبق يرأسه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ويدفع لأن ينتهي الحوار إلى توافق على اسم رئيس للبلاد يتم التوجه بعدها للهيئة العامة لانتخابه.
ولم يدعُ بري إلى جلسة لانتخاب رئيس منذ حزيران الماضي، حين عُقدت جلسة حملت الرقم 12 ولم تؤدّ إلى نتيجة، تنافس فيها مرشح «الثنائي الشيعي»، رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، مع مرشح تقاطع قوى المعارضة و«التيار الوطني الحر»، الوزير السابق جهاد أزعور، فحاز الأول على 51 صوتاً والثاني على 59 صوتاً، قبل أن يعمد نواب «حزب الله» و«أمل» إلى تطيير نصاب الدورة الثانية.
ويسير البرلمان على تفسير للدستور يقول إن انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان يحتاج إلى حضور ثلثَي أعضاء البرلمان جلسة الانتخاب، أي 86 نائباً من أصل 128. كما يحتاج انتخابه دستورياً في الدورة الأولى إلى أكثرية ثلثي أعضاء المجلس، ويتم الاكتفاء بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي.