كتبت بولين فاضل في “الانباء الكويتية”:
في الجنوب اللبناني، ليست فقط كل احتمالات المواجهات العسكرية مفتوحة إلى حد الحرب الواسعة، وإنما أيضا كل أشكال الحرب النفسية من خوف وقلق إلى حد الهلع.
هذه الأشكال تطال خصوصا تلامذة المنطقة سواء الذين نزحوا مع أهاليهم من الشريط الحدودي إلى أماكن في الجنوب أكثر أمانا، أو الذين لازموا بلداتهم الواقعة خارج خط النار المباشر، وإنما تحت خط الترهيب النفسي سواء بجدار صوت من هنا من جانب العدو الأسرائيلي، أو برسالة صوتية عبر «واتساب» من هناك، كما حصل في بلدة البازورية في قضاء صور جنوب الليطاني (هي بلدة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله)، وفي مناطق أخرى.
ففي هذا الإطار، تلقى أحد سكان البازورية رسالة ليلية تحذيرية عبر تطبيق «واتساب»، تدعو إلى إخلاء مبنى على وشك التفجير قرب محطة للمحروقات، لأن الجيش الإسرائيلي قرر استهداف الموقع المكون من أربع طبقات، وهذا ما خلف حالة رعب أدت إلى إخلاء الحي السكني وإقفال المدارس الخاصة والرسمية في البلدة ومحيطها، ومنها مدرستا «أجيال المستقبل» و«السراج» اللتان كانت ستجري فيهما امتحانات نهاية السنة الدراسية.
رعب يمكن أن تتكرر نسخته إلى حين إجراء الامتحانات الرسمية للثانوية العامة المقرر انطلاقها في 29 حزيران في كل لبنان، ما يعني أن تلامذة اكثر أجزاء الجنوب «على أعصابهم» حتى ذلك التاريخ، يعيشون أيامهم على وقع رهاب الامتحان الطبيعي والترهيب النفسي غير الطبيعي بطبيعة الحال، والنتيجة: امتحانات بأي حال ستجري يا امتحانات؟
وإذا كان القرار الأخير لوزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي بعدم وضع الجنوب في خانة خاصة، سواء لناحية إجراء الإمتحانات لتلامذة هذه المحافظة في موعد آخر، أو لناحية وضع مسابقات مخففة تأخذ بالاعتبار أن التعليم لبعض التلامذة كان عن بعد بسبب جبهة الجنوب، أو في مدارس التحقوا بها بعد اندلاع المعارك وهي غير مدارسهم الأصلية (بعض نازحي الجنوب أقاموا في مدارس، وعددهم الإجمالي نحو 100 نازح)، فإن ثمة من يخشى على الشهادة الرسمية من الدفع انحدارا بمستواها في ظل اعتماد سياسة «التخفيف» في المنهج والمواد والأسئلة.
وضع معقد لنحو 600 تلميذ ثانوي جنوبي من أصل 39400 في كل لبنان، كما يحصي بعض المسؤولين التربويين. ومواد الامتحانات اعتمدت اختيارية لكل التلامذة مع إضافة الأسئلة الاختيارية في إطار المراعاة. إلا أن السؤال المشروع الذي يطرح في ضوء المسابقات الموحدة: ماذا لو كان «واتساب» البازورية عشية الامتحانات؟ هل يطيح بها؟ وماذا لو جعل العدو الأماكن التي ستجري فيها امتحانات الجنوب غير آمنة؟ ماذا وماذا وماذا؟ الجواب بحسب البعض للميدان في أوانه، ولكن أيضا للسياسة اللبنانية وحساباتها وتدخلاتها.