نظمت وزارة الزراعة اجتماعًا رفيع المستوى حول قطاع الزراعة والأغذية في لبنان تحت عنوان “المبادرات والآفاق المستقبلية”، في فندق راديسون بلو- بيروت، حضره سفراء وممثلي الدول والهيئات المانحة ورؤساء بعثات المنظمات الدولية العاملة في قطاعي الزراعة والأغذية في لبنان، ومستشاري الوزارة والمدراء العامين ومدراء القطاعات ورؤساء المصالح الإقليمية في وزارة الزراعة.
وأشارت الوزارة الى ان الاجتماع يأتي “نتيجة الاستشعار بخطورة المرحلة التي نمر بها، وسط تصاعد المخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي، في ظل الاضطرابات الإقليمية، والحرب على غزة، والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على جنوب لبنان والتي خلفت أضرار جسيمة في هذا القطاع”.
وأشار وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن الى “أن الاجتماع اليوم هو من أجل حمل هموم القطاع الزراعي وشجونه، للمساهمين الأساسيين في مبادرات هامة في الامن الغذائي والتنمية الزراعية المستدامة، الذين بفضل جهودهم تمكن هذا القطاع من الصمود في وجه الازمات المستمرة”.
وتابع: “نعقد لقاءنا الأول اليوم تحت شعار أساسي وهو تعزيز الشراكة والتشبيك والتعاون، فالرؤية التي نعمل في اطارها هي تطوير القطاع الزراعي والغذائي وجعله مساهما أساسيا في تحقيق الامن الغذائي ومحركا رئيسيا لتعزيز قدرة الاقتصاد اللبناني على الصمود كاقتصاد منتج. والهدف العام هو رفع مستوى معيشة المزارعين وجميع العاملين في نظم الزراعة والاغذية نساء ورجالا لينعموا بمستوى معيشة لائقة من خلال رفع كفاءة الخدمات الزراعية وتأمين البنية التحتية والبيئة الإنتاجية المناسبة للاستثمار وتحقيق الربحية والتنافسية وتأمين الاستدامة”.
وشرح وزير الزراعة واقع القطاع الزراعي في لبنان، فقال: “ان الزراعة تشكل حوالي 9% من الناتج المحلي الإجمالي، وما بين 3-5 ٪ من الناتج القومي، و4.1% من إجمالي العمالة في لبنان، وهي مصدر رئيسي للتوظيف والدخل لجزء كبير من السكان في المناطق الريفية، حيث تشير التقديرات إلى أن الزراعة وقطاع الصناعات الغذائية الزراعية يساهمان بما يصل إلى 80 في المئة من الاقتصاد المحلي. وتحظى الزراعة وصيد الأسماك والغابات بأعلى حصة من العمالة غير الرسمية. وساهمت صناعة تجهيز الأغذية بنسبة إضافية قدرها 4 في المائة، ليصل إجمالي مساهمة قطاع الزراعة والأغذية في الناتج المحلي الإجمالي إلى 13 في المائة في عام 2020.”
وأضاف: “ان الأزمات المتعددة التي شهدها لبنان منذ عام 2019 أدت إلى تفاقم الوضع، وانخفض الإنتاج الزراعي بسبب الأزمة الاقتصادية، ما أثر على سبل عيش الفئات الأكثر فقرا. فارتفاع تكلفة الإنتاج، والاعتماد على الواردات للحصول على المدخلات، والاستثمار المحدود في المعدات والبنية التحتية، إلى جانب هيكل “احتكار القلة” في نظام الأغذية الزراعية، يشكل تحديات أمام القدرة التنافسية والإنتاجية للقطاع، ما حد من إمكانية الوصول إلى الغذاء والقدرة الإنتاجية، وحدّ من القدرة الاستهلاكية للغذاء ذات الجودة والنوعية، وسبب في تزايد انعدام الامن الغذائي لشريحة كبيرة من اللبنانيين لا سيما الذين تشكل الزراعة مصدر رزقهم، كذلك انعكس على الفئات الأكثر هشاشة في لبنان من النازحين واللاجئين السوريين والفلسطينيين. أضف الى ذلك تغييرات المناخ حيث يعتبر القطاع الزراعي أكثر القطاعات الاقتصادية تأثرا، وبشكل مباشر، بالتغيرات التي تطرأ على درجات الحرارة وهطول الأمطار وتحد من الموارد المائية وتؤدي الى انخفاض أو فشل في المحاصيل الزراعية ظواهر جوية متطرفة مثل الجفاف والصقيع والبرد والعواصف الشديدة والفيضانات”.
وأعلن الحاج حسن “ان القطاع الزراعي، اليوم، يعد من اكثر القطاعات تضررًا بسبب اعتداءات العدو الإسرائيلي الهمجية، من خلال القصف والتدمير الممنهج على جنوب لبنان بالإضافة الى الخسائر الكبيرة في صفوف المدنيين وممتلكاتهم ، وقد أدى استخدام الفوسفور الأبيض الشديد الخطورة والمحرم دوليا إلى القضاء على أكثر من ٨٥٠٠ دونم من الاراضي الزراعية والحرجية واكثر من 60.000 شجرة زيتون معمرة، وخسائر جسيمة في كل القطاعات الزراعية والحيوانية، فحرم 78٪ من المزارعين ومربي النحل والطيور والابقار في الجنوب من مصادر دخلهم الأساسية منذ تشرين الأول 2023.”
وختم: “ازاء هذه التحديات، وفي إطار الشراكة مع الدول المانحة والمنظمات الدولية والإقليمية، نؤكد أن الجهود تركز على المحاور والبرامج التي تضمنتها الاستراتيجية الوطنية للزراعة في لبنان 2020-2025، لا سيما لجهة تأمين استدامة سبل عيش المزارعين والمنتجين، من اجل الحفاظ على أعمالهم الزراعية والغذائية وتعزيز قدرتهم على الصمود في مواجهة الازمات الاقتصادية وتلك المتصلة بتغييرات المناخ، كما يتركز العمل على تطوير زراعات محلية، وزيادة الإنتاج والانتاجية من خلال التدريب وبناء القدرات من اجل زراعة أكثر ربحية وتنافسية تسهم في تخفيض فاتورة الاستيراد، وتطوير الصادرات الزراعية”.