Site icon IMLebanon

غادة عون.. لو عدلت!

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:

تأخر كثيرا صدور قرار عن النائب الاستئنافي العام بالوكالة القاضي جمال الحجار،بكف يد القاضية غادة عون، وهو قرار كان من المفترض أن يصدره سلفه القاضي غسان عويدات، الذي تريث كثيرا لأسباب غير معروفة، لانه لم يعد جائزا، استمرارها القيام بمهامها في السلك القضائي، ضاربة عرض الحائط بكل الاسس القانونية التي تحدد عملها الوظيفي، وممارستها لمهمامها القضائية، ووضع حدٍ لتجاوزاتها وتصرفاتها الهوجاء، واستغلال وظيفتها، لاستهداف خصوم عهد الرئيس ميشال عون والتيار العوني عموما، على حد سواء.

حاولت القاضية غادة عون، طوال ولاية الرئيس ميشال عون ان تخلق لنفسها، حالة قضائية خاصة، تمارس مهماتها دون ضوابط او حدود، تهيمن من خلالها على صلاحيات الاخرين، وتتجاوز الاصول والقوانين، مستفيدة من سلطة العهد وغطائه السياسي، تفتح ملفات الخصوم السياسيين بوحي وتوجيهات حاشيته المقربين، تحت مظلة «محاربة الفساد السياسي»، وتجانب مقاربة فضائح مغارات المقربين العائمين، بمليارات البواخر والبنزين، دون حسيب او رقيب.

مكانة القاضية غادة عون عند العهد البائد، كلفت تعطيل التشكيلات القضائية التي نامت في ادراج قصر بعبدا لسنوات حتى انتهاء العهد الجهنمي، لانها لم تفصّل على قياس احتفاظها في موقعها لحسابات ومصالح عونية وانتخابية، واجهضت كل محاولات الاصلاح القضائي وتفعيل السلطة القضائية، ومكافحة الفساد والمفسدين، ومكنتها من الاستفحال في التطاول على رؤسائها، وهشمت صورة القضاء، وظهرت وكأنها بمثابة جزيرة قضائية ، منفصلة عن الجسم القضائي، تمارس مهماتها وتقضم صلاحيات الاخرين،عصية على المحاسبة ومحمية بسلطة اولياء العهد ومديريه.

حظيت القاضية عون بفترة سماح بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، لتصويب ادائها، والعودة إلى أصول ممارسة مهامها، استنادا للقوانين والدستور، وانتهاج اسلوب متوازن بفتح الملفات والقضايا والملاحقات،لكل المرتكبين والفاسدين من دون تمييز بين الخصوم او انحياز للعونيين وحلفائهم ، وما أكثرهم، ما يخفف عنها صفة الولاء والتبعية للتيار العوني، لكانت حققت العدالة التي تهدف اليها بالفعل، ويطمح اليها كل مواطن شريف، ولكنها لم تستغل فترة السماح هذه، لتحسين ادائها، واعادة توازنه ،وحاولت تمديد حالة الاستعصاء والتمرد القضائي، مستفيدة من الفراغ والتفكك السلطوي.

لا يكفي اعتراض القاضية عون على قرار كف يدها، التظلل بالدستور، والاستنجاد بالنوادي والهيئات القضائية والحقوقية، والادعاء بمحاربتها وحرمانها من تحقيق العدالة وملاحقة الفاسدين، للدفاع عن ممارساتها، وتنزيه نفسها، وتهشيم قرار كف يدها، بعدما امتهنت قضاء الكيد السياسي، وفتح ملفات الخصوم غب الطلب، ولفلفتها بعد التطويع والتحجيم،وميزت في انتقاء الملفات،بين موالين ومعارضين،وامعنت في تشويه صورة القضاء والاستهزاء بسلطته والتطاول على مرؤسيها.

القاضية غادة عون تمثل نموذجا فاقعاً من نماذج التيار الوطني الحر في وظائف ومواقع الدولة المهمة، واداؤها يجسد اسلوب ومواصفات هذا النموذج بامتياز، وهو النموذج الذي مارسه رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في عهده البائد، واطلق عليه زورا، عهد محاربة الفساد، واستغله لاستهداف خصومه وإلغاء منافسيه، واستثنى منها بشكل بارز، مغارة وزارة الطاقة التي يهيمن عليها، صهره رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل واعوانه منذ أكثر من عشر سنوات، والتي استنزفت فيها عشرات مليارات الدولارات، دون طائل، ودمر قطاع الكهرباء بالكامل، بدل اعادة النهوض فيه،واغرق لبنان كله في الظلام، وذهب معظمها هدرا لجيوب جوقة المستفيدين.