كتب منير الربيع في “المدن”:
كان لبنان حاضراً في الاجتماعات الأميركية الإسرائيلية، التي عقدت في اليومين الماضيين على المستويين السياسي والعسكري.
فسياسياً، ناقش وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مع مختلف المسؤولين الإسرائيليين، الملف اللبناني وتطورات الوضع بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله. أما عسكرياً، فقد ناقش قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال مايكل كوريلا ملف الجبهة اللبنانية مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي.
لم تعد الخلافات الإسرائيلية الأميركية تنحصر على تطورات الحرب في غزة، بل تشمل مختلف الملفات. ويعتبر نتنياهو أن الاستقالات الوزارية التي شهدتها حكومته، هي نتيجة ضرب أميركي تحت الحزام، لا سيما بعدما رفض المقترح الذي تقدم به الرئيس الأميركي جو بايدن.
نتنياهو يواجه بايدن
تعيش اسرائيل تصدعاً داخلياً بفعل الاستقالات، وسط محاولات أميركية لإسقاط حكومة نتنياهو، وهو الذي يواجه كل هذه المحاولات ويذهب بعيداً في مواجهة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. إذ يسعى لأن يكون مؤثراً في الانتخابات الأميركية، وسيكون له محطة أساسية في الكونغرس الأميركي. هو بذلك يردّ على محاولات أميركية كثيرة لإحداث انشقاقات داخل حزب الليكود لإضعاف نتنياهو أكثر، ودفعه إلى انتخابات مبكرة. الأمر الذي يرفضه ويسعى إلى تجاوزه، إما بالمضي بالمزيد من العمليات في غزة، أو من خلال الهروب باتجاه الجبهة اللبنانية.
يتعاطى نتنياهو مع بايدن باعتباره رهينة، انتزع منه الغطاء الكامل لحربه على غزة، ولتصعيده ضد حزب الله، بعدما صرح الأميركيون بأنه يحق لإسرائيل الدفاع عن نفسها، على الرغم من عدم تأييد واشنطن لخيار توسيع الحرب مع لبنان.
قرار مجلس الأمن الذي مرره الأميركيون يزيد من حدة الخلاف مع تل أبيب. في المقابل تسعى واشنطن إلى إرضائها بإعادة تسيير صفقات أسلحة جديدة. تلك الأسلحة قد تكون مخصصة للاستخدام في لبنان، خصوصاً أن بعض التقارير الإسرائيلية أكدت تناقص الكثير من الذخيرة التي يحتاج الإسرائيليون لاستخدامها في لبنان، على قاعدة تصعيد العمليات لا توسيعها.
الخلاف مع بلينكن
ترد معلومات تفيد بأن لقاء بلينكن ونتنياهو لم يكن إيجابياً، بسبب الخلاف في التوجهات بين إسرائيل والإدارة الأميركية، حول مسار الحرب على غزة واستمرارها، وموافقة نتنياهو على المرحلة الأولى من الصفقة التي يقترحها بايدن فقط، كي يضمن العودة إلى القتال بعد إطلاق سراح الرهائن. وكما كان الخلاف حول كيفية التعاطي مع الجبهة اللبنانية.
وتفيد المعطيات بأن بلينكن كان مهتماً جداً في انضاج الاتفاق مع السعودية، لكن نتنياهو رفض الموافقة على الدولة الفلسطينية. كما أن الخلاف كان قائماً حول خطة اليوم التالي في غزة. وبالتالي، كل هذه الخلافات بين الجانبين يمكن أن تنسحب على التقييمات حول الملف اللبناني ووضع الجبهة مع حزب الله. فعلى الرغم من الضغط الأميركي الكبير لمنع التصعيد، لا تزال إسرائيل تعيش صراعاً داخلياً حول كيفية التعاطي مع حزب الله والجبهة اللبنانية.
إحباط إسرائيلي
بعض المؤشرات تفيد بأن نتنياهو لا يريد حرباً مع لبنان، وهو الذي يعمل على تجميد كل الخطط العسكرية التي أقرها الجيش لتوسيع العمليات ضد الحزب، أو حتى تنفيذ عملية عسكرية برية.
يعتبر نتنياهو أن الجيش منهك، والجبهة الداخلية متصدعة. وبالتالي، خيار الحرب مع لبنان لن يكون سهلاً أو متاحاً، طالما لا وجود لدعم أميركي أو غطاء لأي حرب أو عملية موسعة. داخل اسرائيل توجّه انتقادات كثيرة لنتنياهو حول زياراته المتكررة على المستوطنات الشمالية، وإطلاقه تصريحات حول التحضير لمفاجآت عسكرية، من دون القيام بأي فعل. خصوصاً أن الأيام القليلة الماضية شهدت تفوقاً عسكرياً لدى حزب الله، الذي أشهر استخدام سلاح الدفاع الجوي ضد الطائرات الحربية، بالإضافة إلى تكثيفه للعمليات العسكرية ضد المواقع في العمق الإسرائيلي، بينما لم تظهر المفاجآت التي يتحدث عنها الإسرائيليون. وهو ما يلقى سخطاً داخلياً. في اسرائيل هناك من يعيش خيبة تجاه الجبهة اللبنانية، وهناك من يتحدث عن التحضير لمسار جديد من العمليات ومختلف عن السابق، تستعيد فيه تل أبيب المبادرة العسكرية، وإن من دون الذهاب إلى حرب واسعة.