كتب نذير رضا في “الشرق الأوسط”:
رفع الهجوم الذي شنّه «حزب الله» على إسرائيل، الخميس، منسوب القلق في الولايات المتحدة، التي أكد مسؤول فيها «الحاجة إلى ترتيبات أمنية محددة للمنطقة»، وذلك إثر تهديد إسرائيلي بالرد «بقوة» على أعنف هجوم صاروخي يشنّه منذ حرب «تموز» 2006، وقدر بنحو 150 صاروخاً و30 مسيرة، وصلت إلى مدينة صفد، وتسببت في تعطيل الدراسة فيها.
وشنّ «حزب الله»، الخميس، أوسع هجوم صاروخي على إسرائيل منذ بدء الحرب في 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو الأول من نوعه منذ حرب 2006، وفق ما نقلت «رويترز» عن مصدر أمني.
وأعلن الحزب عن «هجوم مشترك بالصواريخ والمسيّرات» على 9 مواقع عسكرية على الأقل في شمال إسرائيل وهضبة الجولان المحتلة، في عملية متزامنة، قال إنها جاءت «رداً» على اغتيال القيادي البارز في صفوفه طالب عبد الله.
وقال الحزب في بيان: «شنت المقاومة الإسلامية هجوماً مشتركاً بالصواريخ والمسيّرات، إذ استهدفت بصواريخ (الكاتيوشا) و(الفلق) 6 ثكنات ومواقع عسكرية». وأضاف: «بالتزامن، شنّ مجاهدو القوة الجوية بعدة أسراب من المسيّرات الانقضاضية هجوماً جوياً» على 3 قواعد أخرى، بينها قاعدة قال إنها تضم مقراً استخباراتياً «مسؤولاً عن الاغتيالات». ووضع الحزب الهجوم في «إطار الرد على الاغتيال الذي نفذه العدو الصهيوني في بلدة جويا»، في إشارة إلى ضربة جوية أودت، الثلاثاء، بطالب عبد الله، الذي يُعد القيادي الأبرز بين من قُتلوا بنيران إسرائيلية منذ بدء القصف عبر الحدود.
وأفاد الجيش الإسرائيلي، من جهته، عن رصده «إطلاق نحو 40 قذيفة باتجاه منطقة الجليل ومرتفعات الجولان»، مشيراً إلى «اعتراض بعضها من قبل الدفاعات الجوية، في حين سقطت بعض القذائف في مناطق مفتوحة، وأسفرت عن اندلاع حرائق». وأشار الجيش كذلك إلى «رصد 5 أهداف جوية مشبوهة، منذ اعترضت الدفاعات الجوية 3 منها».
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن 150 صاروخاً أطلق باتجاه شمال إسرائيل، في حين قالت مصادر ميدانية لبنانية إن الجيش الإسرائيلي استخدم منظومة «مقلاع داوود»، لاعتراض الصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان، وهي من المرات النادرة التي يستخدم فيها هذه المنظومة إلى جانب «القبة الحديدية»، كما استخدم الجيش الإسرائيلي الطائرات الحربية، للمشاركة في اعتراض المسيّرات، التي بلغ عددها 30 مسيرة، وفق ما أفادت وسائل إعلام لبنانية.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الهجوم أدى إلى اندلاع 15 حريقاً في الجولان والجليل الأعلى، وأن الصواريخ والمسيّرات أطلقت خلال 40 دقيقة فقط، ووصلت الصواريخ إلى صفد، التي تم تعطيل الدراسة فيها، كما طال الهجوم سهل الحولة ومناطق أخرى في الجولان. ونقلت عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «إننا ننظر إلى الهجوم على الشمال على محمل الجد والخطورة، وسنرد بقوة».
وبالفعل، أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ديفيد منسر، الخميس، أن إسرائيل سترد «بقوة» على «جميع اعتداءات (حزب الله) اللبناني بعد أن أطلق وابلاً من الصواريخ». وقال منسر خلال مؤتمر صحافي: «ستعيد إسرائيل إرساء الأمن على حدودنا الشمالية، سواء من خلال الجهود الدبلوماسية أو غير ذلك».
ودفع التصعيد الأخير مسؤولاً أميركياً كبيراً للتأكيد على أن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ من أن الأعمال القتالية على الحدود الإسرائيلية اللبنانية قد تتصاعد إلى حرب شاملة، مضيفاً أن هناك حاجة إلى ترتيبات أمنية محددة للمنطقة، وأن وقف إطلاق النار في غزة ليس كافياً. وقال المسؤول: «أجرينا محادثات باستمرار، وبشكل عاجل في أوقات مختلفة مع إسرائيل ولبنان على مدى الأشهر الثمانية منذ بداية الأزمة… لمنعها من التطور إلى حرب شاملة قد تكون لها تداعيات على أماكن أخرى في المنطقة». وتابع: «العودة إلى الوضع الذي كان قائماً في لبنان يوم السادس من أكتوبر ليس خياراً مقبولاً أو ممكناً».
وما لبث الجيش الإسرائيلي أن ردّ بقوة على الهجوم، مستهدفاً مناطق في الجنوب يقصفها للمرة الأولى، بينها أطراف مرجعيون، وأطراف بلدة بلاط، في حين كثّف الغارات الجوية على بلدات دير سريان، والطرف الجنوبي لبلدة يحمر الشقيف المطل على مجرى نهر الليطاني.
وكان الطيران الحربي الإسرائيلي قد أغار ليلاً على عيتا الشعب وعيناتا، وعلى المنطقة الواقعة بين بلدة عيترون ومدينة بنت جبيل. وتزامن ذلك، مع غارة نفذتها مسيّرة بصاروخ موجه، مستهدفة منزلاً في محيط جبانة بلدة عيناتا، ما أدى إلى تدميره.