كتب صلاح سلام في “اللواء”:
التدهور المتصاعد في الجنوب لا يمكن فصله عن المسار العام للأوضاع في البلد، على مختلف الصعد السياسية والأمنية، الإقتصادية والإجتماعية، لأن مضاعفات المواجهة العسكرية المحتدمة لن تقتصر على القرى الجنوبية المدمرة وأهلها المهجرين، بل ستشمل وضع البلد برمته، وستزيد الأمور تعقيداً، في خضم الأزمات الراهنة التي تغرق في مستنقعاتها البلاد والعباد.
بغض النظر عن النقاش الدائر حول من يملك قرار الحرب والسلم، ثمة واقع جديد في الجنوب، ويمكن أن يمتد إلى مناطق حيوية أخرى في غفلة عن الضغوط الدولية، لا سيما الأميركية بالذات، وبالتالي لا بد أن تكون الحكومة، على ما هي عليه من تعثر، وإفتقاد للصلاحيات الدستورية، أن تكون، ومعها مختلف القوى السياسية، على إستعداد لمواجهة الحالات الطارئة، في حال تطورت المواجهة إلى أبعد من جغرافية النار الحالية.
وقوع الحرب الشاملة مع الجيش الإسرائيلي ليس قدراً، لأنه لم يعد من السهل على حكومة تل أبيب إتخاذ قرار الحرب ضد لبنان، على النحو الذي كان يجري في السابق.
كبار العسكريين السابقين، وخبراء إستراتيجيين، يحذرون في كتاباتهم وتصريحاتهم في الإعلام الإسرائيلي من تداعيات فتح الجبهة الشمالية، لأن الحرب ستكون مدمرة أيضاً على الجانب الإسرائيلي، والخراب سيطال منشآت في القطاعات الحيوية، مثل الكهرباء والمياه، والمطارات والمرافئ، فضلاً عن أهداف إستراتيجية حساسة أخرى، تمسُّ الأمن القومي الإسرائيلي مباشرة.
ومثل هذا الكلام لم يكن وارداً في قاموس الحروب الإسرائيلية السابقة، لأن المعارك كانت تدور على الأراضي العربية، والردود على الضربات الإسرائيلية كان محدودة جداً، أو شبه معدومة في بعض الأحيان. كما أن التهجير كان يقتصر على الفلسطينيين، وسكان المناطق الحدودية المجاورة، هرباً من الإعتداءات التي تستهدف المدنيين. أما اليوم فهجرة سكان المستوطنات الشمالية والقريبة من الحدود اللبنانية، تضغط بقوة متزايدة على الوضع الإسرائيلي، بسبب فشل الحكومة في تحديد مواعيد، وفق روزنامة واضحة، لعودة المهجرين إلى بيوتهم ومزارعهم، بعد مضي تسعة أشهر على الحرب، أقفلت خلالها المدارس والمصانع أبوابها في المستوطنات الشمالية، وعمد العديد من عائلات الشمال إلى الهجرة النهائية، والعودة إلى البلدان التي جاءوا منها أصلاً.
لبنان قادر على مواجهة أخطار التهديدات الإسرائيلية بوحدته الوطنية، التي تبقى هي خط الدفاع الأول عن الإرض والشعب والدولة، والبلد بأمسّ الحاجة لها اليوم قبل الغد.
فهل يصحو زعماء الطوائف والخلافات قبل فوات الأوان؟