Site icon IMLebanon

إسرائيل تؤجج الحرب وأميركا تطلب مساعدة قطرية

كتب منير الربيع في “المدن”:

ثمة مفارقتان لا بد من تسجيلهما على هامش المواجهة المفتوحة والآخذة في الاتساع بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي. المفارقة الأولى، تتصل بآلية عمل الحزب، والثانية تتصل بآلية عمل الإسرائيليين.

المدروس والانفعالي
على ضفة حزب الله، هو لا يزال يلتزم بالضوابط التي وضعها لنفسه حول الرفع التدريجي والدقيق لعملياته العسكرية، بشكل مدروس يوجع ولا يؤدي إلى حرب. حتى مع عمليات الاغتيال التي يتعرض لها كوادر ومسؤولون عسكريون في صفوفه، لا يلجأ إلى الردّ عليها بطريقة انفعالية أو ارتجالية، إنما تبقى ردوده في إطار الجانب المدروس، لجهة الهدف المنتقى، طريقة التنفيذ، قوة الضربة والعمق.

أما بالنسبة إلى الإسرائيليين، فتبدو المسألة قد اختلفت في الأيام الأخيرة. إذ في الفترة الأولى للمواجهة ومع تحقيق حزب الله إصابات في مواقع أساسية، كان الإسرائيليون يلجؤون إلى انتقاء أهداف محددة، فينفذون عمليات اغتيال من دون توسيع رقعة الضربات، بشكل يظهر رد الفعل الإنفعالي. أما ما حصل مؤخراً فهو يلحظ تغييراً في الأداء، الذي يدفع بالإسرائيليين إلى البوح عن مدى انفعالهم، وذلك يظهر من مؤشرات متعددة.

فقدان الأعصاب
المؤشر الأول، ارتفاع منسوب التصريحات والتهديدات من قبل الإسرائيليين، وذلك رداً على ضغوط داخلية كثيرة من سكان المستوطنات الشمالية، ومن كتّاب ومعلقين وخبراء عسكريين، ينتقدون أداء الحكومة الإسرائيلية في هذه الحرب، فيضظر المسؤولون إلى رفع سقف التهديدات كنوع من التعويض، إلى حدّ تحولت فيه هذه التهديدات إلى معزوفة متكررة منذ أشهر من دون أي مفعول جدّي لها.

المؤشر الثاني، لجوء الإسرائيليين إلى تنفيذ ضربات بشكل عشوائي وإن كان ذلك متعمداً، أي تستهدف الضربات أراضي ومباني، وتشعل حرائق بشكل متعمد. ولكن الغاية منها أن تمثّل رداً سريعاً على ضربات الحزب، خصوصاً بعدما اختار حزب الله توسيع عملياته ولا سيما في إطار رده على اغتيال أحد قادته العسكريين، سامي طالب عبد الله، الذي استهدف في بلدة جويا. يضاف إلى هذا المؤشر، الصور التي تسربت عن الإسرائيليين وهم يطلقون قنابل حارقة نحو الأحراج اللبنانية، كرد فعل على الحرائق التي تسببت بها عمليات حزب الله.

أما المؤشر الثالث والأخطر، فهو لجوء اسرائيل إلى تنفيذ عملية باستهداف مبنى على طريق جناتا-دير قانون النهر. وهذه العملية تتسم باعتبارات متعددة، أولها أنها منطقة عميقة وبعيدة عن الحدود، ثانيها أن دير قانون هي بلدة والدة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين. ومن أبرز الدلائل على الانفعال الإسرائيلي أن استهداف البلدة جاء بعد 24 ساعة على تهديد صفي الدين الإسرائيليين بالبكاء والعويل، وبأن الحزب سيزيد منسوب عملياته كماً ونوعاً وبأساً. اختار الإسرائيليون الردّ على هذا التهديد بهذه الطريقة، وهو يؤشر إلى نوع من فقدان للأعصاب، أو ارتفاع مستوى التوتر في الداخل الإسرائيلي، والذي استدعى هذا النوع من الردّ لإعادة الاعتبار لمفهوم الردع، خصوصاً بعد تهديدات صفي الدين. علماً أن هذه العملية أدت إلى وقوع ضحايا مدنيين. وهو ما يفترض حسابات أخرى.

مخاطر عالية
تحليلات وشائعات كثيرة رافقت هذه العملية، أبرزها ما جرى التداول به حول احتمال محاولة اغتيال صفي الدين ونائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم. علماً أن ذلك أمراً غير منطقي على الإطلاق. اذ يستحيل في مثل هذه الظروف أن يتوجه الرجلان إلى تلك المنطقة، وحتى وإن كان أحدهما يريد القيام بزيارة للمواقع المتقدمة، فهذه لها سياقاتها وآلياتها المختلفة. فيما بعد، تحدثت تسريبات عن أن هناك شخصية عسكرية كانت مستهدفة لكنها تمكنت من الخروج قبل الغارة. وذلك في المعنى الأمني يحسب للحزب لا عليه، ويحسب على الإسرائيليين في إطار تأكيد الحالة الانفعالية.

لا شك أن الوضع الإنفعالي الإسرائيلي بحال استمر، سيشكل خطراً أكبر على مسار الجبهة وتداعيات المواجهات. تلك المخاطر تلتقطها الدول المعنية بالملف اللبناني، وخصوصاً الولايات المتحدة وفرنسا، ولا سيما أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد طالب بايدن بعقد قمة ثلاثية مع إسرائيل، للبحث في تطورات الوضع على الجبهة اللبنانية ولمنع التصعيد، فيما تشير المعلومات إلى أن الأميركيين طالبوا دولة قطر بالتدخل لمساعدتهم في لبنان أيضاً، لخفض التصعيد ولمنع توسع الصراع، ولإيجاد صيغة ملائمة للحل الديبلوماسي.