جاء في “الأنباء”:
خيط رفيع بين الانفراج الداخلي من بوابة الهدنة في غزة وتاليا في جبهة الجنوب بين إسرائيل و ««حزب الله»، وبين توسع الحرب. خيط عمل عليه مبعوث الرئيس الأميركي جو بايدن وكبير مستشاريه لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين في ترحاله الأخير بين تل أبيب وبيروت.
نقل هوكشتاين تحذيرات إسرائيلية جدية من جهة، وحمل برنامج «اليوم التالي» لوقف الحرب من جهة أخرى.
الإسرائيليون مصرون على ضمانات بهدنة طويلة الأمد، تعمر أقله كتلك التي امتدت من أغسطس 2006 حتى 8 تشرين الاول 2023. ويتطلعون إلى تطمين سكانهم من المستوطنين في البلدات والقرى والمستعمرات شمال إسرائيل على الحدود مع لبنان، والذين نزحوا بأرقام ناهزت عدد اللبنانيين الذين تركوا البلدات وقرى المواجهة الحدودية والمناطق القريبة منها.
في المقابل، يسعى «حزب الله» مسنودا من السلطات الرسمية اللبنانية المتمثلة حاليا برئاستي مجلس النواب وحكومة تصريف الأعمال، إلى تطبيق كامل للقرار 1701، وفي طليعته وقف الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية جوا وبحرا، إلى تثبيت النقاط الحدودية المشتركة والتي تم التوافق عليها مسبقا.
وعلى الرغم من التحذيرات والتهديدات التي أجمع كل من التقاهم هوكشتاين ومن يتابع الوضع على تأكيد جديتها، فإن الموقف بقي على حاله: لا وقف للمعارك قبل توقف الحرب في غزة، وان لبنان لا يريد الدخول في مواجهة واسعة، ويتمسك بتنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته، وإذا فرض عليه الإسرائيلي الحرب فسيقاومها.
هذه الأجواء نقلها المبعوث الأميركي إلى إسرائيل التي عاد اليها مرة ثانية والتقى رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو الممسك بزمام القرار وحده بعدما حل «حكومة الحرب»، الأمر الذي يثير ضبابية حول طبيعة التطورات.
وعلى الرغم من أجواء التصعيد، كان لافتا تصريح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اذ قال: «لا إسرائيل، ولا إيران، ولا (حزب الله) يريدون الحرب».
بين حدي الانفراج وتوسع الحرب، ينتظر اللبنانيون، وان كانت الغالبية منهم تستمر في يومياتها سواء المقيمون او الوافدون لتمضية فصل الصيف.
ولم يخف عدد من المقيمين في جزيرة قبرص المجاورة للسواحل اللبنانية الشمالية، عمل السلطات القبرصية على استقبال أكثر من 40 ألف لاجئ لبناني يتوقع انتقالهم إليها في حال توسع الحرب.
البعض من حاملي الجنسية المزدوجة، تحدث لـ «الأنباء» عن ان سفارات بلدانهم الثانية، أبلغتهم بخطط إجلاء وطوارئ سريعة، مع توقع خروج مطار بيروت الدولي عن الخدمة سريعا في حال توسع الحرب.
وفي الغضون، ثمة قلة تقلق من توسع الحرب، من دون ان تخشاها على أرض الواقع، انطلاقا من تجارب سابقة وباع طويل واكب يوميات اللبنانيين منذ سبعينيات القرن الماضي. ويعرف السكان ان حصارا مرجحا قد يؤدي إلى فقدان المشتقات النفطية. في حين لا يشغل البعض باله بحصول أزمة تموين، انطلاقا من المتوافر بكثرة في المتاجر الكبرى وغيرها، وإن كانت الحرب ستؤدي إلى فوضى في الأسعار، وليس في انقطاع السلع.
والبارز أمس كان رفع سقف الحرب النفسية. فبعد نشر وسائل الإعلام الإسرائيلية تقارير عن ان مسؤولا إيرانيا حضر إلى بيروت في شكل مفاجئ وسري، لتحذير الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، من ان إسرائيل تريد استهدافه، وانها تملك كل المعلومات عن تحركه وأماكن انتقاله، سارع الحزب إلى نشر شريط فيديو لطائرة مسيرة سماها «الهدهد»، عرض فيه كل المراكز الحيوية والمقرات الاستراتيجية في مدينة حيفا المتوسطية، في إشارة إلى أنها يمكن الوصول إليها كما تم تصويرها. وفي إطار الحرب النفسية أيضا، خرقت الطائرات الحربية الإسرائيلية جدار الصوت فوق معظم مناطق الجنوب، ما خلق حالة ذعر كبيرة، إذ درجت العادة ان يحصل خرق جدار الصوت نهارا.
ميدانيا، عاد التصعيد بقوة إلى الجبهات اذ شنت الطائرات والمسيرات الإسرائيلية سلسلة غارات عنيفة استهدفت مناطق في عمق الجنوب قرب نهر الليطاني، أدت إلى مقتل شخصين وإصابة آخرين، وغارات على بلدتي يارون والخيام أوقعت قتلى وجرحى. وقد نعى «الحزب» عددا من عناصره، كما قتل فلسطيني بغارة في منطقة البرغلية.
من جانبه، أعلن «الحزب» استهداف عدد من المواقع العسكرية الإسرائيلية في منطقة مزارع شبعا والجولان المحتل، إضافة إلى المستوطنات القريبة من الحدود مع لبنان.