إحتفلت جامعة سيّدة اللويزة، وكعادتها في كل سنة، بحفل تخرج طلابها الرابع والثلاثين لعام 2023-2024، بدعوةٍ من رئيسِها الأب بشارة الخوري، بحضور ضيف الشرف وخطيب الحفل غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى مؤسّس الجامعة، وذلك يوم الجمعة 21 حزيران 2024 في الحرم الرئيسي- زوق مصبح.
إستهل اللقاء بالنشيد الوطني من إنشاد جوقة جامعة سيّدة اللويزة بقيادة الأب خليل رحمة، ومن ثم كلمة الإفتتاح مع عِريف الحفل، نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديميَّة الدكتور ميشال حايك، ليتلو بعدها رئيس عام الرهبانيَّة المارونيَّة المريميَّة قدس الأباتي إدمون رزق، صلاة بارك فيها الجامعة والخريجين والحضور قائلاً: “ما أجمل هذا اللقاء، لقاءَ الحصادِ بعد التعبِ والسهر! واليومَ هو يومُ البداياتِ والأعياد: بدايةُ فصلِ الصيفِ، وعيدُ الأباء، وعيدُ الموسيقى؛ واليوم أصبحَ عيدكَم أنتم، أيّها الطلاّب الأعزّاء، وبدايةَ فصلٍ جديدٍ في حياتِكم، والانتقالَ من الامتحاناتِ الصغيرةِ إلى الإمتحانِ الأكبر: امتحانِ الحياةِ العمليّةِ وتطبيقِ المعرفة واكتسابِ الخبراتِ مع المهارات”!
وتابع الأب العام: “كونوا أكيدينَ أنّكم مستعدّون لخوضِ تجربةِ العمل ولدروسٍ جديدةٍ في الحياة. كونوا واثقينَ في قدراتكم وبأنّ أحلامَكم صارت على وشكِ التحقيق إذا أكملتم السعيَ في سبيلِها، كما سعَيتم في السنين الماضية وثابتين في مساعيكم لتصلوا حيث صممتم أن تكونوا. كونوا كما ربـيـتم في رحابِ جامعةِ سيّدة اللويزة الحبيـبـة، منفتحينَ على الآخرين، مناضلينَ من أجلِ الإنسانيّة، مجتهدينَ في خوضِ التحديّاتِ بكرامةٍ وشرف”.
وأنهى الأباتي رزق: “صلاتُنا اليوم هي أن يحفظَكم الربُّ من كلِّ سوءٍ وأن ترافقَكُم العذراءُ الساهرةُ في كلِّ طرقاتكم. ويا مريمَ، يا سيّدةَ اللويزة وشفيعةَ هذه الجامعة، واُمَّ طُلاّبِها، علّميهم كيف يخدمون بأمانةٍ ويبقونَ أوفياءَ لعملِ الله في حياتِهم، وضعي في قلبِ هؤلاء الشبّانِ والشاباتِ الرجاءَ، والإيمانَ باللهِ و محبّةَ الوطنِ والثقةَ بنفوسهم، كي لا يخافوا أن يكونوا ما أُعطيوا أن يكونوا: شهودَ خيرٍ وحقٍّ وجمال”.
وكان لمدير الشؤون العامة، البروتوكول والعلاقات الإعلاميّة، في الجامعة الأستاذ ماجد بوهدير كلمة رحب فيها بضيف الشرف وبالحضور قائلاً:” ومع قلوبنا، نتحلّق اليوم من حولك أيا صاحبَ الغبطة، رهبانيّتك، مع الحضور الكريم الذي تتمثّل من خلاله العائلة اللبنانيّة جمعاء، وبالأخص جامعتك وفروعُها في برسا الكورة ودير القمر الشوف، لكيما يقولوا لك إنّ لبنان بخير طالما أنّ الرسالة التعليمية بخير، وهذه الرسالة هي في أياد أمينة حيث قباطنة المؤسسات التربويّة من مدارس وجامعات يخوضون غمار التحديّات، ومنهم من يشقّ اليوم مع هذه الجامعة الآفاق الواعدة ويتابع المسار في ارتقاء مستدام مع أرفع الإعتمادات العالميّة التي حازت عليها جامعة سيدة اللويزة، وهو يضع نصب عينيه عدم المساومة على المستوى الأرقى الذي وصلت إليه جامعة الألف الثالث، التي تزرع في نفوس كلّ من ترك بصمةً في حناياها، بذور الإنتساب التي تتحوّل إلى انتماء، هو يحرص على ريّها على الدوام”.
وقدّم بوهدير بعدها رئيس جامعة سيّدة اللويزة الأب بشارة الخوري، الذي بدوره توجه بكلمة ترحيبية بالبطريرك الرّاعي قائلاً:” مرحباً بكم في جامعةِ سيّدةِ اللويزة التي تتأهَّبُ أُسرتُها لاستقبالكم مزهوَّةً بحضوركم المهيب الكريم، وقد جِئتُم تشهدونَ على تخرُّجِ فوجٍ جديدٍ قِوامُهُ خَيْرَةٌ من الشبّانِ والشاباتِ يُظهِرونَ علاماتِ فَرَحٍ وأَمَلٍ يُخفُونَ بِها قَلَقَهُم وَخَوفَهُم مِن غَدٍ مُبْهَمٍ في وَطَنٍ يَرَونَهُ مُتَّجِهاً الى العَدَمِ.
وتابع: “يُغادِرونَ الجامعةَ حاملينَ شهادَتَهُم بيدٍ وجوازَ سَفَرِهِم بيدٍ ثانيةٍ، ويسألون بِعَتَبْ: ماذا أعْدَدْتُمْ لنا لِنَبْقى؟ دَعونا نحنُ نجيبْ اليومَ، نَحْنُ نريدُ لبنانَ شاباً كهؤلاءِ الشبابِ، ذا وَجْهٍ نَضِرٍ كَوجُوههِم، حُرّاً كأحلامِهِم، عاليَّ الرأسِ كَشموخِهم …”.
وأضاف الأب الخوري متوجهًا الى غبطته:” أنتم في مُقدَّمِنا في هذا الاحتفالِ، ليس بوصفِكم سليلَ الرهبانيَّةِ المارونيَّةِ المريميّةِ حاضِنَةِ هذه الجامعةِ، وليسَ بوصْفِكُم مؤسَّسها، بَلْ أنتمْ هنا بِوَصْفِكم القائد الأعلى لمسيرةِ حِفظِ الكيانِ والكينونَةِ والهويَّةِ اللبنانيَّةِ الحقيقيَّةِ وكُلُها بخطرٍ، وبِوصْفِكُم القَيِمِ الأول على سِلاحِنا الأَمضى وهو التربيةُ في مدارسِنا وجامعاتِنا، كما فعل وعلّمَ سلفُكُم البطريرك الدويهي – الذي سيُعلَن طوباوياً في الثاني من شهر آب القادم “.
وختم: “لقد سَعَوا وّيَسْعَونَ الى تغييرِ لونِ الحياةِ في لبنانَ، فاعمَلوا لتعيدوا اليها اللونَ اللبنانيَّ الحقيقي. إذا اْضطرِرْتم الى الهِجرَة بقصدِ عملٍ وتَعَلّمٍ قولوا لهم قبل أنْ تغادِروا أنَّكُم عائدون لإعمارِ لبنانَ. لا تسمحوا لآبائكم أن يبيعوا أرضَ أجدادِكم فإليها ستعودونَ وهي في انتظاركم. إلتفّوا حولَ كنيسَتكم تماماً كما كان أجدادُكُم وآباؤكُم يفعلون عند سقوطِ أوانحرافِ أو ضعفِ الحكامِ المدنيين. لا تتنكروا للوطن ولتاريخِهِ لكي يبقى لكم وطن وليكون لكم مستقبل”.
بعد كلمة الأب الخوري، رحب بوهدير بضيف الشرف البطريرك الراعي قائلاً: ” في كلّ مرّة نتحلّق، نفرح، نكبُر، نفتخر، نرنو شهوداً، إلى مقلب المستقبل الذي ينتظر ضمانتَه أي شبابُنا وشابّاتنا، حاملين شهاداتِهِم المُستَحَقّة، نعيش بهجةً، كيف بها إذا تحوّلت اليومَ إلى غبطة، بها تغتبطُ القلوب وأكثر، من حاضرين ههنا حيث الحرمُ الرئيسي لجامعة سيّدة اللويزة في زوق مصبح، والمتابعين عبر الأثير في لبنان والعالم، بإستثنائيّة حضور راهبٍ جليلٍ أسّس هذا الصرح عندما كان أبونا بشارة الراعي سليل الرهبانيّة المارونيَّة المريميَّة، التي ومن قلب ديرها الأم على التلة اللويزيَّة المجاورة أقرّت إلزاميّة التعليم في المجمع اللبناني الشهير قبل ثلاثة قرون. واليوم نشهد على هذا المَداد: أمانتُك بخير”.
وبعد كلمة الترحيب، توجّه غبطته إلى الطلاب قائلاً:” يسعدني جدًا ان أشارك في حفل تخرجكم من جامعة سيدة اللويزة، الزاهرة والعزيزة. أهنئكم وأهلكم الذين يفاخرون بكم. وأهنّىء رئيس الجامعة والإدارة وهيئة الأساتذة الذين ضحوا في سبيلكم وهم اليوم يفاخرون بكم. ايها الشباب، انتم “حراس الصباح” (اشعيا)، انتم فجر الحياة الجديدة. لقد مررنا في ظروف أصعب من التي نعيشها اليوم. واضمحلّت وبقي لبنان. هذا اللبنان الغني بقديسيه لن يسقط، بل يبقى ثابتًا بهمة ابنائه اللبنانيين”.
وأضاف الراعي: ” انَّ جامعتكم أخذت على عاتقها مبادىء تعليمية وهي :توفير نوعية التعليم في فروعها الثلاثة، ثم تطبيق مبدأ الدمج الأمثل لذوي الصعوبات التعليمية، من خلال التعاون مع مؤسسة SKILD، التي تُعنى بإحاطة هذا الموضوع. كما تطبيق مبدأ البعد الإنساني من خلال البناء المتكامل للإنسان، اكاديميًا، فكريًا، علميًا، ثقافيًا، رياضيًا، وطنيًا، ديمقراطيًا وروحيًا. وأيضاً تطبيق مبدأ التعاضد المجتمعي والإنساني، فقد كانت جامعة سيدة اللويزة سبّاقة بتطبيق وتقديم كل دعم، تفهّمًا لشمولية ترددات الأزمة. وتطبيق مبدأ الإنفتاح، من خلال مدّ الجسور مع الخارج وتثبيت الجسور السابقة. بالإضافة الى تحقيق مفاعيل الرسالة الأساسية للجامعة من خلال بناء قادة وشباب المستقبل، هي التي مدّت المجتمعات المحلية والعالمية بأكثر من 25000 الف خرّيج وخرّيجة يرفعون اسمها واسم وطنها لبنان”.
وختم الراعي: ” أمام واقع التدهور المستمر وتناسل الأزمات، وجدت الجامعة نفسها أمام حتميّة المواجهة من خلال لعب دور الدولة الغائبة والمُغيّبة. صحيح ان هذا التدهور الوطني العام يشكّل خطرًا كبيرًا على مستقبل شبابنا، ولكن قطاع التعليم العالي لديه القدرة على لعب دور الدفاع والتحصين. إنَّ الجامعة هي صرحُ استقطاب لكلّ قطاعات المجتمع وتكاوينه، محليًا كان أم دوليًا، وهذا يجعل منها رافعةً أساسية للوطن. شبابنا، اليوم انتم والوطن على مفترق أساسي ومفصليّ، قرارنا معكم نهائي وناجز، لبنانُنا هو لنا، لا مساومة على هويّته وكيانه، فكونوا من أهل الثقة انَّ جامعكتم وكنيستكم هي الى جانبكم على الدوام. سِلاحَكم العلم، الكلمة، المُثابرة، القرار، الحوار والتلاقي”.
بعدها أنشدت جوقة الجامعة نشيدًا للعذراء مريم من العهد الجديد، ألحان وليام غوميز، وذلك بقيادة الأب خليل رحمة”.
بدوره، شكر طليع الدورة، الطالب داني بوشبل، من كليَّة العلوم الطبيعيَّة والتطبيقيَّة، جامعة سيّدة اللويزة إدارةً وأساتذة، وقال: “بينما نقف على عتبة بداية جديدة، يجب أن نتذكر أن هذه ليست النهاية، بل هي بداية فصل جديد في حياتنا. العالم خارج هذه الجدران مليء بالفرص والتحديات، وعلينا أن نحتضن هذه الفرص ونواجه هذه التحديات بالتصميم والشجاعة نفسها التي أوصلتنا إلى هنا اليوم”.
كما عايد الطالب المتفوق الآباء في جميع أنحاء العالم بمناسبة عيد الأب، وعبّر أيضًا عن امتنانه للآب السماوي، قائلاً: “أنا ممتن لله على كل شيء، لأنني لن أكون الشخص الذي أنا عليه اليوم من دونه. لقد قرأت مرة جملة أثرت في نفسي ولا زالت ترن في ذهني، وهي: “عندما تضع كل شيء في يد الله، سترى يد الله في كل شيء”.
في الختام قدم الأب الرئيس الخوري إلى البطريرك الماروني مخطوط لطوباويّ لبنان الجديد البطريرك اسطفان الدويهي، منسوخ قبل سنة 1704 ومحفوظ في جامعة سيّدة اللويزة.
كما تمَّ توزيع الشهادات على الطلاب والتقاط الصّور التذكاريَّة.