كتب داود رمال في “الانباء الكويتية”:
استبق أمين سر دولة الڤاتيكان الكاردينال بييترو بارولين وصوله بعد غد الاحد إلى لبنان، في زيارة خاصة بدعوة من منظمة فرسان مالطا ذات السيادة، بالإعراب عن قلقه حيال إمكانية اتساع رقعة النزاع الدائر في الشرق الأوسط، لاسيما في ظل التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم موسع ضد لبنان، موضحا أن زيارته إلى لبنان كانت مرتقبة وليست مرتبطة بالوضع السياسي الراهن، لكنها ستحمل بعدا ديبلوماسيا أيضا.
وقال مصدر ديبلوماسي في روما لـ«الأنباء» ان زيارة بارولين «لها طابع الزيارة الخاصة، لأن شخصية بأهمية الرجل الثاني في الڤاتيكان لا تقوم بزيارة رسمية إلى أي دولة وتحديدا لبنان في ظل خلو سدة الرئاسة، أي عدم وجود رئيس للجمهورية. كما انه (بارولين) لا يقوم بزيارة رسمية إلى دولة معينة الا اذا كان حاملا ليس مبادرة، بل القيام بمهمة محددة. والكاردينال بارولين يدرك أدق التفاصيل المتصلة بالوضع اللبناني، وأي تفصيل يغيب عن البابا فرنسيس يحيط به بارولين، كونه على دراية بكل الامور، وتحديدا على المستويين الكنسي والسياسي، ولا يلتقي مع أي من المسؤولين اللبنانيين بهدف الكلام حول رئاسة الجمهورية او دعم شخصية معينة للرئاسة».
وبحسب الديبلوماسي، فإن «المرة الوحيدة التي التقى فيها بارولين شخصية لبنانية كانت غير مدنية مطروحة للرئاسة وبعيدا من الاعلام. وامتد اللقاء يومذاك فترة زمنية طويلة رغم انشغالات أمين سر دولة الڤاتيكان، واستمع منه إلى كل التفاصيل، ومن ثم لم يلتق أي شخصية أخرى». (إلا أن سياسيا مدنيا لبنانيا كان أشار في بيان رسمي إلى لقائه بارولين في الڤاتيكان، فيما التقى الأخير رئيس تكتل سياسي فاعل كان يزور فلورنسا للمشاركة في مناسبة دينية رفقة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي).
وتابع المصدر الديبلوماسي في روما كلامه قائلا: «ان كل الكلام الذي يصدر في لبنان عن زيارة بارولين، لاسيما الحديث عن التنسيق مع مواقع روحية وزمنية، هو من نسج الخيال ولا أساس له من الصحة، لا بل هناك اختلاف جوهري بين نظرة الكرسي الباباوي إلى لبنان وبين ما تقوم به مواقع روحية وزمنية، والذي يتعارض مع ما هو مطلوب منها، وهذا الاختلاف، حتى لا نقول الخلاف، ظهر جليا وبصمت من خلال تصرفات ومبادرات السفير البابوي لدى لبنان المونسنيور باولو بورجيا، المدرك تماما لأدق التفاصيل اللبنانية، اذ سبق وشغل موقعين مهمين وهما: السكرتير الأول في السفارة البابوية، أي أمين سر السفير الباباوي السابق المحنك غبريال كاتشيا، وامين سر كاتب البابا بنديكتوس السادس عشر وكذلك البابا فرنسيس إلى حين تعيينه سفيرا في لبنان.
وأبرز ما قام به بورجيا مؤخرا، انه مع اندلاع المواجهات على جبهة الجنوب كان حضوره لافتا ولأكثر من مرة في بلدات وقرى المواجهة، لاسيما في رميش قضاء بنت جبيل. وأمضى أسبوع الآلام مع أبناء المنطقة، واطلع مباشرة على الوضع فيها (…)».
وكشف المصدر انه «بعيدا من الضجيج وبصمت، يتم الإعداد لزيارة يقوم بها الكاردينال بارولين إلى الجنوب وتحديدا المنطقة الحدودية، بحيث سيزور بلدة رميش او بلدة قريبة منها ويلتقي أبناء البلدات المحيطة. وسيرافقه السفير البابوي، والأمر رهن الاتصالات الدولية التي تجري مع الدول المعنية لتأمين المتطلبات الأمنية اللازمة، وإمكانية تهدئة الجبهة طيلة الزيارة، بما يسمح له بالانتقال إلى الجنوب. وهنا تكمن أهمية الزيارة كونه سيعاين عن كثب مدى تجذر اللبنانيين مسيحيين ومسلمين بأرضهم، على رغم الاوضاع الحربية التي يشهدها الجنوب. وما شجعه على زيارة الجنوب هي المشاهدات واللقاءات التي سبق وعقدها السفير البابوي وضمنها في تقاريره الديبلوماسية إلى حاضرة الڤاتيكان. وفي هذا الاطار تندرج زيارة وفد كبير من أبناء رميش والبلدات المحيطة نهاية الاسبوع الماضي إلى السفارة البابوية ولقائهم السفير بورجيا من دون قيامهم بأي زيارة إلى اي مسؤول لبناني آخر. وكان لقاء في غاية الاهمية لاستكمال عرض الاوضاع في المنطقة الحدودية والاستعداد لزيارة بارولين اليها».
وتابع المصدر الديبلوماسي: «ستكون للكاردينال بارولين لقاءات بروتوكولية سياسية وكنسية، مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وبطاركة الكنائس الشرقية، على ان يكون اللقاء المهم في مضمونه مع بري، انطلاقا من موقف ثابت ودائم لكل من بارولين ووزير خارجيته المطران بول ريتشارد غلاغير، وهو وجوب التواصل بهدوء وروية وعلى مستوى من المعرفة مع الشريك المسلم في لبنان، لاسيما مع حزب الله خصوصا والثنائي بشكل عام، وأن يكون مستوى التواصل على أرفع مستوى».