كتبت بولا اسطيح في “الشرق الاوسط”:
تشهد المواجهات المتواصلة بين «حزب الله» وإسرائيل مستويات من التصعيد، تتغير من يوم إلى آخر، في حين فشلت كل مساعي تبريد الجبهة في تحقيق النتائج المرجوة، في ظل تأكيد مسؤولي الحزب أنه «لا يمكن لشيء أن يؤدي إلى إيقاف جبهة لبنان إلا وقف العدوان على غزة بشروط المقاومة»، في حين كان لافتاً موقف إيراني أكد أن «حزب الله» هو «قادر على الدفاع عن نفسه في مواجهة إسرائيل».
وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة الجمعة إن «حزب الله» لديه القدرة على الدفاع عن نفسه وعن لبنان في مواجهة إسرائيل، محذرة من أن «الوقت ربما قد حان للتدمير الذاتي لذلك النظام غير الشرعي». وأضافت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في منشور على منصة «إكس»: «أي قرار متهور من النظام الإسرائيلي المحتل لإنقاذ نفسه يمكن أن يغرق المنطقة في حرب جديدة».
عمليات مكثفة لـ«حزب الله»
وبعد أكثر من 3 محاولات اغتيال حاولت إسرائيل تنفيذها الخميس بحق عناصر وقياديين في الحزب، نجحت واحدة منها فقط، كثف الحزب عملياته العسكرية الجمعة، معلناً أنه شنّ «هجوماً جوياً بسرب من المسيّرات الانقضاضية على موقع رأس الناقورة البحري، مستهدفاً أماكن تموضع واستقرار ضباط وجنود العدو، ما أدى إلى وقوع إصابات وتدمير جزء من الموقع». وأفاد الحزب باستهداف موقعَي الرمثا والسماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية، كما طالت عملياته موقع زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة. وفي وقت لاحق، أعلن الحزب أنه شن «هجوماً جوياً بمسيّرة انقضاضية استهدفت مربض مدفعية العدو الإسرائيلي في الزاعورة… أصابت هدفها بدقة».
في المقابل، أغار الطيران الحربي الإسرائيلي بطائرة مسيّرة على بلدة الوزاني، وقام بعملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة باتجاه البلدة. كما استهدف القصف المدفعي المعادي منطقة هورا، بين دير ميماس وكفركلا، وأطراف بلدة الناقورة حيث تم استهداف منزل، ما أدى إلى اندلاع النيران بداخله، وفق «الوكالة الوطنية للإعلام».
قهوجي: الوضع سيبقى على حاله
ويرجح رئيس «مركز الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري – أنيجما»، رياض قهوجي، أن يبقى الوضع حالياً على جبهة جنوب لبنان على حاله، لافتاً إلى أن المبعوث الأميركي آموس هوكستين «حاول مرة جديدة أن يستكشف ما إذا كان هناك أي إمكانية لفصل مسار الحرب في غزة عن مسار العمليات في جنوب لبنان، فأتى الجواب واضحاً من (حزب الله) أن لا فصل بين المسارين، وأن وقف العمليات جنوباً مرتبط حصراً بوقف الحرب على القطاع».
وأضاف قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «حاول هوكستين أيضاً إقناع الحزب بأن يقنع بدوره (حماس) بالقبول بالمبادرة الأميركية، وكان جواب نصر الله أن الموضوع لدى السنوار. من هنا فإن العمليات ستبقى مستمرة، وإن كان هناك تراجع في التصعيد وكأن الطرفين يحاولان ضبط الإيقاع».
ويرى قهوجي أن «الطرف الإسرائيلي غير جاهز لخوض حرب موسعة في لبنان، لذلك سنبقى في ظل حرب نفسية من قبل الطرفين، من دون أن ينفي ذلك وجود ضغوط وتحركات داخل إسرائيل لتوسيع الجبهات».
«حزب الله»: مستعدون لكل الاحتمالات
وأعلن رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله»، الشيخ محمد يزبك، الجمعة، ولو بطريقة غير مباشرة، أن هوكستين طلب من «حزب الله» إقناع «حماس» بالقبول بالمبادرة الأميركية، وإلا أقدم الطرف الإسرائيلي على توسعة الحرب.
وقال يزبك: «يهدد الأميركي من مخاطر كبيرة لتوسعة الحرب لتصبح حرباً شاملة على لبنان، فيما المطلوب من (حزب الله) إقناع (حماس) بالمبادرة، في تهديد مبطن، فكان رد المقاومة الإسلامية بما رجع به الهدهد (طائرة مسيّرة للحزب)، وأن يد المقاومة تصل إلى كل المواقع التي شخّصها الهدهد وحددها».
وأضاف: «نحن لا نريد حرباً شاملة، ولكن لو أرادها العدو وفرضها فإننا له بالمرصاد، وسنجعله يدرك جيداً كيف ستكون عودته إلى العصر الحجري، لا كما يزعم بتهديده، وها هي المقاومة تطالعه كل يوم بما ينبغي، وعليه أن يفهم أبعاد المعادلة جيداً».
بدوره، قال نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ علي دعموش: «ما زلنا في لبنان وفلسطين واليمن والعراق في قلب المعركة لمواجهة العدوان على غزة، وكل محاولات إيقاف هذه الجبهات فشلت، وفشلت معها كل الاستهدافات والضغوط والتهديدات».
وشدد خلال خطبة الجمعة على أن «المقاومة في لبنان لا تخضع للتهويل ولا يمكن أن يثنيها عن موقفها التهديد بحرب شاملة، وهي مستعدة لكل الاحتمالات، وهي تملك القدرات والإمكانات والمعلومات الدقيقة والمجاهدين والبيئة الحاضنة والشريفة»، مؤكداً أنَّ «القرار بمواصلة إسناد غزّة غير قابل للنقاش ولا تراجع عنه، ولا يمكن لشيء أن يؤدي إلى إيقاف جبهة لبنان إلا وقف العدوان على غزة بشروط المقاومة».