IMLebanon

مطار بيروت في قلب العاصفة!

جاء في “الراي الكويتية”:

كأنه «جدارُ صوتٍ» إسرائيلي فوق مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت. هكذا بدا التقرير الذي نشرتْه صحيفة «تلغراف» البريطانية أمس، عن قيام «حزب الله» بتخزين «كميات هائلة من الأسلحة والصواريخ والمتفجرات الإيرانية في المطار المدني الرئيسي في العاصمة اللبنانية»، وبتمرير أسلحةٍ عبر المرفق الجوي الوحيد في «بلاد الأرز».

ورغم الوقع الصاعق لهذا التقرير الذي نَقَلَ عن مصدر أمني في الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) زَعْمَه «أننا كنا على علم بهذا منذ أعوام، لكننا غير قادرين على فعل أي شيء دون اتخاذ إجراءات قانونية دولية. نحن مقيدون للقيام بما نريده حقاً، وهو إغلاق المطار وإزالة جميع الأسلحة والمتفجرات»، لم يكن ممكناً فصل مَضامين ما نشرته «تلغراف» – والذي ارتكز على «شاهِديْن خفييْن» هما «عاملان في المطار» – عن «التوقيت الحربي» الذي دخلتْه جبهة جنوب لبنان أخيراً وارتقت معه «الحرب النفسية» على المقلبين الى أعلى مستوى.

و«بين سطور» تقرير «تلغراف»، قرأتْ أوساطٌ مطلعةٌ امتداداً لِما تشهده الأيام الماضية من ترسيمٍ «لتوازن ردعٍ ورعبٍ» بين كل من «حزب الله» وإسرائيل عبّرتْ عنه «صندوقةُ مفاجآتٍ» يكشفها الأول على «جرعاتٍ» متوالية من «خزانِ» صورٍ وفيديواتٍ اكتنزتْها مسيَّراته عن مَواقع حساسة في حيفا ومرفئها وصولاً لمناطق أخرى واسعة في إسرائيل التي اعتبر قريبون من «محور الممانعة» أنها «تردّ التحية» على جَعْل مطار بن غوريون واحداً من «بنك أهدافٍ» حدّدها الحزب في أي حرب واسعة وذلك عبر وضْع ما يشبه علامة «اكس» على مَطار بيروت بوصفه سيكون هدفاً أوّل في «المكاسرة الكبرى» إذا وقعت.

وفي حين كان يُنتظر صدور موقف من «اياتا» حول ما نُقل عن مصدر أمني فيها، سارع وزير الاشغال والنقل اللبناني علي حمية (قريب من حزب الله) إلى عقْد مؤتمر صحافي في مطار بيروت مساء أمس تناول فيه «الافتراءات التي أوردتْها التلغراف»، مفنداً «مختلف الأكاذيب في الصحيفة وحملة التشويه التي يتعرض لها المطار»، وداعياً السفراء ووسائل الإعلام لجولة ميدانية اليوم فيه.

ولفت إلى أن «تلغراف غيرّت مصدر معلوماتها المتعلق باتحاد النقل الجوي الدولي»، وكاشفاً أنه اتصل بنائب الرئيس الإقليمي لـ«إياتا» في منطقة أفريقيا والشرق الأوسط كامل العوضي «الذي أخبرني أن هذا الخبر عار من الصحة وأنهم لم يتحدثوا مع الصحيفة وأنهم ينفون نفياً قاطعاً ما ورد في التقرير»، ومتمنياً على «تلغراف» أن «تُراجع وزارة النقل البريطانية التي كانت زارت المطار ميدانيّاً في 22 يناير الماضي».

ورغم «النأي» عن التقرير وما نُقل عن نفي «اياتا»، فإن الأوساطَ المطلعة اعتبرت أن ما وردَ والذي يقارب «الفيلم الدعائي»، بات في كل الأحوال وبمعزلٍ عن صحة الرواية «مضبطةَ اتهامٍ» جاهزة من إسرائيل لتبريرِ جعْل المطار «المطلوب رقم واحد» في الحرب الواسعة.

ورأت الأوساط نفسها أن البُعدَ الردعي والتهويليّ يطغى على الغايات «العميقة» من التقرير الذي يُلاقي واقعياً «لعبةَ» حزب الله الذي رَفَع مستوى تهديداته لإسرائيل بحال تجرّأتْ على شنّ الحرب الكبرى عبر إماطته اللثام عن لائحة أهدافٍ ثمينة كَشَفَ حتى إحداثياتها في سياق التأكيد أنها في مرمى النار «المباشرة»، وسط اقتناعٍ بأن الحزب تَعمَّد القفز فوق خسارته «عنصر المفاجأة» الدفاعي لمصلحة أولوية تعزيز ميزان الردع وفي إطار توجيه رسالة «للعدو» بهدف درء الحرب المدمّرة وليس تمهيداً للذهاب إليها.

وذكّرت الأوساط بأن إسرائيل، التي «تقيس بدقةٍ» حتى تداعياتِ تنفيذ جدار صوتي فوق بيروت وضاحيتها الجنوبية، انخرطت في الساعات الماضية بموجةِ إشاعاتٍ بعضها طاول مطار رفيق الحريري بزعْم حساباتٍ إسرائيلية على مواقع التواصل أن حشودَ مسافرين يهرعون للمغادرة عبره، في الوقت الذي تشير الأرقام إلى أن حركته شهدت ارتفاعاً في عدد الوافدين خلال يونيو بنسبة 124 في المئة مقارنةً بالفترة نفسها في مايو الماضي.

ورغم وجود مطار بيروت في المنطقة التي تخضع لنفوذ «حزب الله» واتهامه بالهيمنة الأمنية على هذا المرفق، فإنّ مَصادر متابعة رأت أن الحزب ليس في حاجة إلى تخزين صواريخه في حرم المطار، فترسانته منتشرة على عموم الجغرافيا اللبنانية وتتخذ من سلسلة الجبال الشرقية مساحة لصوامع ومخابئ، معتبرة تالياً أن من شأن هذا التقرير أن يفيد إسرائيل في إحداثِ اضطرابٍ متعدّد البُعد، يتيح أمرين:

– الأول إرباك هذا المرفق الحيوي ومن خلاله مجمل الموسم الصيفي العامر في لبنان حيث تنافس الألعاب النارية في الاحتفالات والسهرات التي لا تنام «كرة النار» جنوباً.

– والثاني مقارعة تحويل «حزب الله» عموم إسرائيل، من صحراء النقب، إلى تل أبيب، وقواعد عسكرية ومنشآت صناعات حربية في حيفا ومنصات الغاز وغيرها، هدفاً لصواريخه في أي اصطدام كبير، وذلك عبر تأكيد أن مطار بيروت «أول الأهداف»، من دون أن يعني ذلك بالضرورة أنه سيكون «المدخل» للحرب الواسعة التي قد يُعرف كيف تبدأ ولكن أحداً لن يكون قادراً على التحكم بمتى وبأي أكلاف ستنتهي. علماً أن التقديرات تتضارب حيال هل أن تل أبيب في وارد خوضها أصلاً قبل إعلان انتهاء حرب غزة وتَرْكِ مَجالٍ لفسحةٍ ديبلوماسية للموفد الأميركي آموس هوكشتاين لحلّ على البارد ولكن يستظلّ معادلاتِ ردعٍ دخلت على خطها واشنطن نفسها بتسريب أنها ستدعم إسرائيل بالسلاح في أي مواجهة شاملة مع حزب الله وانتقال أحد حاملات طائراتها الى المتوسط في الإطار نفسه.

وكانت «تلغراف» أوردت أن «حزب الله يخزن في مطار بيروت صواريخ فلق الإيرانية الصنع، وصواريخ فاتح – 110 قصيرة المدى، وصواريخ بالستية، وصواريخ إم-600 بمدى يزيد على 150 إلى 200 ميل».

وتابعت «يوجد أيضاً في المطار صواريخ كورنيت AT-14 Kornet، والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات (ATGM)، وكميات ضخمة من صواريخ بركان البالستية قصيرة المدى ومتفجرات RDX، وهو مسحوق أبيض سام يُعرف أيضاً باسم السيكلونيت أو السداسي».

ونقلت عن أحد عمال المطار «الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته» أن «هذا أمر خطير للغاية، فالصناديق الكبيرة الغامضة التي تصل على متن رحلات جوية مباشرة من إيران هي علامة على أن الأمور أصبحت أسوأ».

وأضاف: «عندما بدأوا بالمرور عبر المطار، شعرتُ أنا وأصدقائي بالخوف لأننا علمنا أن هناك شيئاً غريباً يحدث».

وأثار العاملُ، بحسب «تلغراف»، مَخاوف من «أن هجوماً على المطار أو انفجاراً هناك قد يتسبّب في أضرار جسيمة»، وقارن الانفجار المحتمل «بالانفجار الذي هز المرفأ وألحق أضراراً كبيرة بوسط مدينة بيروت في عام 2020»، محذراً من أن «بيروت ستكون معزولة عن العالم، ناهيك عن عدد الضحايا والأضرار، وإنها مجرد مسألة وقت قبل أن تحدث كارثة أيضاً في المطار».

ورغم أن «حزب الله» اتهم سابقاً، وفق الصحيفة، باستخدام المطار المدني لتخزين الأسلحة في الماضي، لكن العامل الذي أبلغ عن مخازن السلاح ادعى أن «الأمر تصاعد منذ بدء الصراع في أكتوبر» وقال إنه في نوفمبر وصلت «صناديق كبيرة بشكل غير عادي» على متن رحلة مباشرة من إيران.

وأضاف «أن هذا لا يَحدث كثيراً، لكنه حدث بالضبط عندما كان الجميع في لبنان يتحدثون عن احتمال الحرب».

ونقلت عن عامل آخَر: «منذ أعوام وأنا أشاهد حزب الله وهو يعمل في مطار بيروت، ولكن عندما يفعلون ذلك أثناء الحرب، فإن ذلك يحوّل المطار إلى هدف».

وتابع «إذا استمروا في جلب هذه البضائع التي لا يُسمح لي بالتحقق منها، أعتقد حقاً أنني سأموت من الانفجار أو سأموت من قصف إسرائيل للبضائع. نحن لسنا وحدنا، بل الناس العاديون، الأشخاص الذين يدخلون ويخرجون، ويذهبون في عطلة سيتأثرون. إذا تم قصف المطار، فإن لبنان سينتهي».

وزعم أحد المبلّغين عن المخالفات أن القيادي في «حزب الله» وفيق صفا «يأتي دائماً إلى الجمارك»، مشيراً إلى علاقاته الوثيقة مع مديري الجمارك.

كما نقل التقرير قول العمال عن زملائهم المتعاونين مع «حزب الله» إنهم «يتجوّلون مثل الطاووس في المطار بساعات وهواتف ذكية جديدة، ويقودون سيارات جديدة».

وإذ أشار إلى «أن حزب الله يستخدم مطار بيروت منذ سنوات لنقل الأسلحة ما قد يجعله هدفاً لإسرائيل»، أورد «أن ضباط جمارك مرتشين يسمحون للحزب بتخزين أسلحة إيرانية في المطار».

وجاء أول ردّ على التقرير من رئيس اتحاد النقل الجوي في لبنان «UTA» علي محسن الذي لفت إلى أن «الصحيفة لم تقدّم أي دليل أو برهان على ذلك، بل مجرد أضاليل وأكاذيب هدفها تعريض مطار بيروت والعاملين فيه الذين كلهم مدنيين والعابرين منه وإليه وكلهم مدنيين للخطر».

وحمّل محسن «تلغراف» ومَن ينقل عنها ويروّج «أضاليلها» كامل المسؤولية عن «سلامتنا نحن العاملين بمطار بيروت بكامل منشآته بمحطة الركاب وساحة الطائرات والصيانة والشحن الجوي المدني».

ودعا كل وسائل الإعلام اللبنانية والعربية والأجنبية «للحضور إلى مطار بيروت مع طواقم التصوير والتأكد بأنفسهم، وغير ذلك نعتبر أن ما تروجه وسائل إعلام مشبوهة تحريض على قتْلنا».

وكان «حزب الله» بثّ ليل السبت – الأحد مقطع فيديو جديد تحت عنوان «إلى من يهمُّه الأمر»، كشف فيه عن مواقع إستراتيجية في إسرائيل بإحداثياتها ومن دون أي ذكر لها، وسط حديث ناشطين قريبين منه عن أنها لأهداف «لا تعلمُ بها إلا المنظومة الأمنية في تل أبيب».

وتضمّن الفيديو صوراً لتلك المواقع وأماكنها، مع تذكير بما أعلنه الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله قبل أيام عن في حال فرضت إسرائيل حرباً على لبنان، فإن «المقاومة ستقاتل بلا ضوابط وبلا قواعد وبلا أسقف».

وبحسب الناشطين فإن الاحداثيات تضمنت حقول الغاز في البحر ومنها كاريش ومنصتا ليفاتيان وتمار، ومقرات وزارة الأمن وهيئة الأركان والعديد من قيادات الأركان العسكرية العليا، والأهداف الحيوية في حيفا وميناء أسدود ومحطات كهرباء رئيسية ومطار رمات دافيد العسكري في العفولة ومطار بن غوريون ومصافي وقواعد النقب ومنطقة الأقمار الصناعيه في يهودا.